في صيف 2005 اللاهب، وفي إحدى مقاهي السلمانية، دار حوار طويل امتد لساعات بيني وبين الأخ غير الشقيق لأمين عام جمعية الوفاق علي سلمان، الحوار لم يتركز على الأوضاع السياسية القائمة آنذاك، بل تركز على كيفية إقناع الشخص نفسه بأن الهوية البحرينية تقوم على العروبة والإسلام، ولم يكن متقبلاً لفكرة المزاوجة بين العروبة والإسلام أبداً، لأنه يرى أن الإسلام يجب أن تكون هوية كل المسلمين، أما الانتماءات الأخرى فيجب أن تذهب في سبيل الهوية الإسلامية الخالصة.
حاولت جاهداً أن أوضح له وجهة نظري بشأن احتواء الإسلام للتنوع الإثنو ـ طائفي، وكيف استطاع كدين احتواء واستيعاب قوميات وأعراق متنوعة ومختلفة تماماً، الحوار انتهى دون جدوى في النهاية، ومن الإنصاف الاعتراف الآن بأنه كان غير ذي جدوى فعلاً، وقد يتفق معي هو في ذلك.
رغم مرور نحو سبع سنوات على هذا الحوار، إلا أنني مازالت أذكر جوانب متعددة من تفاصيله لسبب بسيط يتعلق بأن القوميين الذين تبنوا القومية العربية منذ بداية النصف الأول من القرن العشرين ومازالوا انتهوا في النهاية بالتحالف مع القوى السياسية الراديكالية التي تمثلها تحديداً تيارات ولاية الفقيه.
لا يمكن فهم ما وصل إليه اليسار البحريني من التحالف مع قوى الإسلام الشيعي الذي كان يصفها سابقاً بالقوى الرجعية مع قوى الإسلام السُني. فأعداء الأمس صاروا أصدقاء اليوم، رغم الخلاف الكبير بينهم، فالإسلاميون يرون القوميين بأنهم «كفار» يلهثون وراء المجد التاريخي للعرب، أما القوميون فيرون الإسلاميين بأنهم «متخلفون» ويحاولون إعادة المجتمع إلى الوراء.
طبعاً المصلحة هي التي جذبت القوميين إلى الراديكاليين الشيعة، فبعد الإصلاح في 2001 أدرك القوميون عدم وجود قاعدة جماهيرية لهم بخلاف ما كان عليه الحال في الستينات أو حتى السبعينات، فكانوا أمام عدة خيارات من بينها تشكيل تكتل يضم اليسار، أو إقامة شبكة تحالفات واسعة، ولكن هذين الخيارين لم يتحققا للأسف، بل كانت النتيجة الدخول في علاقة تبعية صريحة وعلنية مع الجماعات الراديكالية الشيعية التي تؤمن بولاية الفقيه.
القوميون وغيرهم من اليسار يتجنبون الحديث دائماً عن هذه المسألة رغم قناعتهم بأن التحالف القائم هو في الحقيقة علاقة تبعية، مثل علاقة جمعية وعد التي صارت تابعة لجمعية الوفاق. وبالتالي إذا كان اليسار البحريني يحتضر قبل عقد من الزمن فإنه في حالة وفاة الآن، ولا يمكن إعادة إحيائه من جديد مادامت علاقة التبعية قائمة، هذا هو الواقع، ومن يحاول تزييفه يخالف نفسه ويخادع معطيات الحقيقة.
حاولت جاهداً أن أوضح له وجهة نظري بشأن احتواء الإسلام للتنوع الإثنو ـ طائفي، وكيف استطاع كدين احتواء واستيعاب قوميات وأعراق متنوعة ومختلفة تماماً، الحوار انتهى دون جدوى في النهاية، ومن الإنصاف الاعتراف الآن بأنه كان غير ذي جدوى فعلاً، وقد يتفق معي هو في ذلك.
رغم مرور نحو سبع سنوات على هذا الحوار، إلا أنني مازالت أذكر جوانب متعددة من تفاصيله لسبب بسيط يتعلق بأن القوميين الذين تبنوا القومية العربية منذ بداية النصف الأول من القرن العشرين ومازالوا انتهوا في النهاية بالتحالف مع القوى السياسية الراديكالية التي تمثلها تحديداً تيارات ولاية الفقيه.
لا يمكن فهم ما وصل إليه اليسار البحريني من التحالف مع قوى الإسلام الشيعي الذي كان يصفها سابقاً بالقوى الرجعية مع قوى الإسلام السُني. فأعداء الأمس صاروا أصدقاء اليوم، رغم الخلاف الكبير بينهم، فالإسلاميون يرون القوميين بأنهم «كفار» يلهثون وراء المجد التاريخي للعرب، أما القوميون فيرون الإسلاميين بأنهم «متخلفون» ويحاولون إعادة المجتمع إلى الوراء.
طبعاً المصلحة هي التي جذبت القوميين إلى الراديكاليين الشيعة، فبعد الإصلاح في 2001 أدرك القوميون عدم وجود قاعدة جماهيرية لهم بخلاف ما كان عليه الحال في الستينات أو حتى السبعينات، فكانوا أمام عدة خيارات من بينها تشكيل تكتل يضم اليسار، أو إقامة شبكة تحالفات واسعة، ولكن هذين الخيارين لم يتحققا للأسف، بل كانت النتيجة الدخول في علاقة تبعية صريحة وعلنية مع الجماعات الراديكالية الشيعية التي تؤمن بولاية الفقيه.
القوميون وغيرهم من اليسار يتجنبون الحديث دائماً عن هذه المسألة رغم قناعتهم بأن التحالف القائم هو في الحقيقة علاقة تبعية، مثل علاقة جمعية وعد التي صارت تابعة لجمعية الوفاق. وبالتالي إذا كان اليسار البحريني يحتضر قبل عقد من الزمن فإنه في حالة وفاة الآن، ولا يمكن إعادة إحيائه من جديد مادامت علاقة التبعية قائمة، هذا هو الواقع، ومن يحاول تزييفه يخالف نفسه ويخادع معطيات الحقيقة.