يفتخر الوطن بجميع أبنائه، فهو يحبهم كُحب الأسرة لأبنائها بل أكثر من ذلك، يحب الاثنين .. العاصي منهم والعاق، فهما يتساويان في حُب الوطن لهما، ولكن هل هذين الاثنين يحبون وطنهم ؟ وإذا كانا لا يتساويان في ذلك فلماذا يَحبهم الوطن ولا يُفرق بينهم؟ قد تُفرق الأسرة بين هذا وذاك من الأبناء لكن الوطن لا يُفرق بين أحداً من أبنائه أبداً.إن مَن يحب وطنه يعشقه كثيراً، ويبذل كل ما في وسعه في سبيل تنميته وإعلاء شأنه، فثمار تنمية الوطن تعود على مواطنيه بينما يخسر المواطنون كثيراً عندما يتخلف الوطن ويتأخر، وعندما يكون الوطن عاجزاً عن النهوض يتشتت أبناءه. ويعتقد البعض بأن المطالب والحقوق تؤخذ جُزافاً، وأن إشعال الحرائق وإلقاء العثرات في الطرق والتظاهرات هي آليات ديمقراطية لتحقيق تلك المطالب ونيل الحقوق، في الوقت الذي وفرت الدولة آليات كثيرة لتحقيق ما يصبوا إليه كل مواطن.لقد وفرت الدولة الخدمات الكثيرة من أجل راحة المواطن وعملت باستمرار على زيادتها وتحسين أدائها من أجل رفعة وعزة المواطن البحريني الذي له مساحة كبيرة في لدن قيادته، وليس من الصحيح أن يمد المواطن يده إلى تلك الخدمات والممتلكات التي هي ملكاً للجميع، واليد التي تمتد إليها فأنه أولاً يؤذي نفسه بحرمانه منها إذا تأذيت تلك المرافق التي تقدم هذه الخدمات، وثانياً سيُحرم منها المواطنون الآخرون أيضاً وقد يكون منهم ــ والده أو أخيه أو أحد من أقربائه أو أصدقائه - قد تكون اليد المؤذية واحدة لكن الخاسرين كثيراً. وهذا الرأي هو رأي كل مواطن يَسعد بأن يرى وطنه آمناً وسالماً وشعبه متوافقاً.إن الاختلاف ظاهرة صحية إذا كان نتاجُها المصلحة الوطنية، ولكل منا وجهة نظر أو رأي مختلف عن الآخر، ويكون الرأي إيجاباً أو سلباً بحسب قربه من المصلحة الوطنية، وأنه أيضاً مرتبطاً بمستوى وعي صاحب الرأي وثقافته وبيئته الاجتماعية ومقدار تجاربه في الحياة، وقد يتطابق هذا الرأي مع الرأي الآخر وقد يختلف عنه. وبسب تعدد الآراء حول الموضوع الواحد فإن الاختلاف بينها يكون ظاهرة صحية، وكلما كانت إيجابية ستكون قريبة من المصلحة الوطنية وسيستفيد منها الوطن كثيراً، فأعقل الناس من جمع إلى عقله عقول الناس. والاختلاف ليس مِن خلق البشر بل أنها «سنَّة الله في خلقه»، إذ لو شاء الله لخلق الناس جميعاً على قلب شخص واحد. هناك فئة في مجتمعنا تعمل على طمس عقول الناس وتفرض عليهم اختيارات ووضعها في مواصفات خاصة بهم، ومع الأسف هذه المواصفات لا تنتمي إلى الوطن، ومع الأسف أيضاً استطاعت هذه الفئة أن تجد لها موضعاً لدى بعض الأفراد واستطاعت أن تستخدم مواقع الاتصالات وتقنيتها لتمرير هذه الأجندة. فيقول في ذلك الفيلسوف الألماني(آرلولند إسمبرق) ــ «حينما يفقد المرء الحجّة العقليّة يستخدم عضلاته»، ويقول (قولمان) «الذي لا يملك المنطق السليم في التفكير الواعي فإنّه يصبح أسيراً لغرائزه الذاتيّة ويجد نفسه أمام قوة ضغط عاطفيّة تجيش في داخله ولا يستطيع السيطرة عليها بسبب ضعف مقدرة التحكّم العقلي لديه؛ ونتيجة لهذا الضغط الحسّي فإنّ الطريقة الجسديّة هي السبيل الوحيد لإفراغ هذا الضغط «. إن التعبير عن الرفض والاحتجاج هو حق مدني يجب أن يكون مكفولاً للجميع، ولكن حينما يأخذ هذا التعبير صورة أخرى تؤدي إلى تناحر اجتماعي فأنها تؤثر سلباً على الوطن وجميع المواطنين. ولا شك أن الحوار هو الأرض الخصبة التي تحوي الجميع ويساهم في تحقيق الوحدة الوطنية.وقد أسعدنا كثيراً خلال فترة إحياء الشعب البحريني لمناسبة عاشوراء بأن السكينة والوئام قد عادت إلى ربوع بلادنا بعد غياب لفترة ليست بالقصيرة، فلينظر الجميع إلى البحرين خلال هذه الفترة الهادئة والتي ألقت بظلالها الأمن الساكن على الجميع وبدون استثناء، فهذه هي البحرين وهذا هو شعبها العربي الأصيل، الشعب الذي يحب أن يعيش في صفاء ووئام وسلام. فالبحرين لا تفرق بين أبنائها فقلبها الكبير يسع الجميع.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90