يكفي أن تشتري فيتو لتفعل ما تشاء دون قلق أو تردد..!!
إسرائيل اشترت فيتوها من الأمريكان منذ زمن، بفضل ما لديها من قوى ضغط سياسي ومالي في الداخل الأمريكي..نظام الأسد استطاع أن يشتري بدل الفيتو فيتوين: الأول من الروس والثاني من الصينيين، ولن يصدق أحد أن روسيا والصين يدعمان نظام الأسد حباً فيه أو قناعة إيديولوجية بسياسته، أو استناداً إلى مواقف مبدئية. وإذا فالأمريكان أو غيرهم من القوى الدولية، لا يمكن أن يتعاملوا معنا أو مع غيرنا بمنطق الحب أو الكراهية، أو من منطلق الاهتمام بمصالحنا ورعايتها، أو بما ينفعنا أو بما يضرنا، أو حتى استناداً إلى قناعة أخلاقية أو سياسية (مثل الأكذوبة الأكثر إغراءً وهي مساندة الحرية ونشر الديمقراطية) فهم ليسوا أولياء أمورنا ابتداءً.. إنهم يتعاملون معنا أو مع غيرنا من منطق المصلحة، مصلحتهم، أي بمنطق الحسبة الرياضية الباردة الخالية من العواطف والمشاعر والقيم الأخلاقية: ماذا نقدم لهم وماذا يقدمون لنا، وفي النهاية تلعب عملية الجمع والطرح..
ولذلك من السذاجة أن نفهم الموقف الأمريكي مما يجري في البحرين خارج هذا المنطق، إذ هنالك مناطق عديدة من العالم يعتبرها الأمريكان مكاناً لاختبار نظرياتهم لتطبيقات الديمقراطية والسيطرة عبر الديمقراطية بعد أن أصبحت السيطرة المباشرة مكلفة وغير مقبولة أمريكيا ودوليا، لقد جربوا اللعبة في العراق بتكلفة عالية، ومكنوا الأحزاب الطائفية المتخلفة من السلطة وبدا أمر هذا التحالف غير المقدس بين الأمريكان – رعاة الديمقراطية- وبين أحزاب طائفية متخلفة ومعادية للقيم الديمقراطية وللحداثة ولمدنية الدولة غريباً!! ولكن الغرابة تختفي بمجرد ربطها بالمصلحة الأمريكية فكلما كان الأمر طريقاً للسيطرة والتأثير وجني المكاسب فإن المعادلة تكون معقولة ومفهومة: قالوا للعراقيين: لكم ما فوق الأرض ولنا ما تحت الأرض، وانتهى الموضوع، ليحكم حزب الدعوة أو حزب مقتدى الصدر أو حزب برزاني أو حزب طالباني فذلك ليس مهماً على الإطلاق ..ولذلك لم يكن غريباً أن يشيد أوباما تلك الإشادة الفجة بمعايير السياسة وبمعايير الفكر الديمقراطي بما أسماه التجربة الديمقراطية العراقية التي أعادت استجلاب الحرب الطائفية من تحت رماد البؤس الطائفي، كما إن نفس المنطق قاد أوباما إلى الإشادة بحكومة كرزاي المتهمة بالفساد والعجز والبلادة، نفس الفعل ارتكبته الإدارة الأمريكية في لبنان، حيث دعمت حكومة يسيطر عليها حزب الله ضمن أهداف مغايرة ترتبط بالتزام هذا الحزب بالتهدئة مع إسرائيل.
وفي الحالتين العراقية واللبنانية كانت إيران هي الطرف الآخر،(الطرف الثالث) حيث توافق حكومة الملالي على «الخلطة» في البلدين وتسهلها على أن تتولى الإدارة الأمريكية (الشيطان الأكبر بحسب التوصيف الإيراني) الموافقة على حزمة من الشروط الإيرانية- من تحت الطاولة- ومنها مساندة الحراك المعارض في البحرين مركباً وفقاً لنتائج المختبر الأمريكي، ومخرجاً على النحو الذي تم تنفيذه بقدر من الذكاء السياسي المحدود بمباركة أمريكية وبرعاية إيرانية معلنة..
تلك هي الصورة، وهي تعني باختصار أننا نتحول إلى حقل للتجارب ومختبر للتجريب الديمقراطي سيء الصيت، تطبيقاً لما بات يسمى أمريكيا بالفوضى الخلاقة، والتي تستند أيديولوجياً على مفاهيم عنصرية تصف الوطن العربي بكونه تجمّعاً لأقلّيات دينية وعرقية عاجزة عن التعايش في كيانات حضرية وطنية، ولذلك ترتكز الحلول المقترحة من اجل خدمة «ديمقراطية المصالح الأميركية»، على استخدام صريح لإحياء النعرات الطائفية أينما وجدت وحشد القوى الطائفية المحلية وإثارتها ضد الأوضاع القائمة من خلال التركيز على القيم والقضايا الحقوقية المجردة من سياقاتها السياسية، وعلى مفاهيم الإصلاح وسياسة الزعزعة الديمقراطية، وتقوم هذه السياسة على «الارتكاز إلى قطاعات من المجتمع المدنيّ تطالب بالتغيير والإصلاح والعدالة والشفافية، ودعم تحرّكاتها من خلال تعبئة الإعلام المحلي والدولي، واختراع «أبطال مغامرين» ليتحولوا إلى بيادق في إستراتيجية الفوضى.
الحل للخروج من هذه الحالة يبدأ بتعزيز الإصلاح والاستجابة لطموحات الناس بالسرعة المطلوبة ودون تردد، والحل أيضا بيد القوى الوطنية (معارضة وغير معارضة) التي عليها أن تحصن وحدة المجتمع وتجرم التعاطي مع الأجنبي مهما بلغ الاختلاف مع السلطة مداه، وخصوصاً رفض الحج إلى السفارة الأمريكية وتجريمه سياسيا وأخلاقيا، والتحول بدلاً من ذلك إلى الحوار الوطني المفتوح والعمل على استعادة وحدة المجتمع التي هي المدخل الضروري لوحدة الوطن.
إسرائيل اشترت فيتوها من الأمريكان منذ زمن، بفضل ما لديها من قوى ضغط سياسي ومالي في الداخل الأمريكي..نظام الأسد استطاع أن يشتري بدل الفيتو فيتوين: الأول من الروس والثاني من الصينيين، ولن يصدق أحد أن روسيا والصين يدعمان نظام الأسد حباً فيه أو قناعة إيديولوجية بسياسته، أو استناداً إلى مواقف مبدئية. وإذا فالأمريكان أو غيرهم من القوى الدولية، لا يمكن أن يتعاملوا معنا أو مع غيرنا بمنطق الحب أو الكراهية، أو من منطلق الاهتمام بمصالحنا ورعايتها، أو بما ينفعنا أو بما يضرنا، أو حتى استناداً إلى قناعة أخلاقية أو سياسية (مثل الأكذوبة الأكثر إغراءً وهي مساندة الحرية ونشر الديمقراطية) فهم ليسوا أولياء أمورنا ابتداءً.. إنهم يتعاملون معنا أو مع غيرنا من منطق المصلحة، مصلحتهم، أي بمنطق الحسبة الرياضية الباردة الخالية من العواطف والمشاعر والقيم الأخلاقية: ماذا نقدم لهم وماذا يقدمون لنا، وفي النهاية تلعب عملية الجمع والطرح..
ولذلك من السذاجة أن نفهم الموقف الأمريكي مما يجري في البحرين خارج هذا المنطق، إذ هنالك مناطق عديدة من العالم يعتبرها الأمريكان مكاناً لاختبار نظرياتهم لتطبيقات الديمقراطية والسيطرة عبر الديمقراطية بعد أن أصبحت السيطرة المباشرة مكلفة وغير مقبولة أمريكيا ودوليا، لقد جربوا اللعبة في العراق بتكلفة عالية، ومكنوا الأحزاب الطائفية المتخلفة من السلطة وبدا أمر هذا التحالف غير المقدس بين الأمريكان – رعاة الديمقراطية- وبين أحزاب طائفية متخلفة ومعادية للقيم الديمقراطية وللحداثة ولمدنية الدولة غريباً!! ولكن الغرابة تختفي بمجرد ربطها بالمصلحة الأمريكية فكلما كان الأمر طريقاً للسيطرة والتأثير وجني المكاسب فإن المعادلة تكون معقولة ومفهومة: قالوا للعراقيين: لكم ما فوق الأرض ولنا ما تحت الأرض، وانتهى الموضوع، ليحكم حزب الدعوة أو حزب مقتدى الصدر أو حزب برزاني أو حزب طالباني فذلك ليس مهماً على الإطلاق ..ولذلك لم يكن غريباً أن يشيد أوباما تلك الإشادة الفجة بمعايير السياسة وبمعايير الفكر الديمقراطي بما أسماه التجربة الديمقراطية العراقية التي أعادت استجلاب الحرب الطائفية من تحت رماد البؤس الطائفي، كما إن نفس المنطق قاد أوباما إلى الإشادة بحكومة كرزاي المتهمة بالفساد والعجز والبلادة، نفس الفعل ارتكبته الإدارة الأمريكية في لبنان، حيث دعمت حكومة يسيطر عليها حزب الله ضمن أهداف مغايرة ترتبط بالتزام هذا الحزب بالتهدئة مع إسرائيل.
وفي الحالتين العراقية واللبنانية كانت إيران هي الطرف الآخر،(الطرف الثالث) حيث توافق حكومة الملالي على «الخلطة» في البلدين وتسهلها على أن تتولى الإدارة الأمريكية (الشيطان الأكبر بحسب التوصيف الإيراني) الموافقة على حزمة من الشروط الإيرانية- من تحت الطاولة- ومنها مساندة الحراك المعارض في البحرين مركباً وفقاً لنتائج المختبر الأمريكي، ومخرجاً على النحو الذي تم تنفيذه بقدر من الذكاء السياسي المحدود بمباركة أمريكية وبرعاية إيرانية معلنة..
تلك هي الصورة، وهي تعني باختصار أننا نتحول إلى حقل للتجارب ومختبر للتجريب الديمقراطي سيء الصيت، تطبيقاً لما بات يسمى أمريكيا بالفوضى الخلاقة، والتي تستند أيديولوجياً على مفاهيم عنصرية تصف الوطن العربي بكونه تجمّعاً لأقلّيات دينية وعرقية عاجزة عن التعايش في كيانات حضرية وطنية، ولذلك ترتكز الحلول المقترحة من اجل خدمة «ديمقراطية المصالح الأميركية»، على استخدام صريح لإحياء النعرات الطائفية أينما وجدت وحشد القوى الطائفية المحلية وإثارتها ضد الأوضاع القائمة من خلال التركيز على القيم والقضايا الحقوقية المجردة من سياقاتها السياسية، وعلى مفاهيم الإصلاح وسياسة الزعزعة الديمقراطية، وتقوم هذه السياسة على «الارتكاز إلى قطاعات من المجتمع المدنيّ تطالب بالتغيير والإصلاح والعدالة والشفافية، ودعم تحرّكاتها من خلال تعبئة الإعلام المحلي والدولي، واختراع «أبطال مغامرين» ليتحولوا إلى بيادق في إستراتيجية الفوضى.
الحل للخروج من هذه الحالة يبدأ بتعزيز الإصلاح والاستجابة لطموحات الناس بالسرعة المطلوبة ودون تردد، والحل أيضا بيد القوى الوطنية (معارضة وغير معارضة) التي عليها أن تحصن وحدة المجتمع وتجرم التعاطي مع الأجنبي مهما بلغ الاختلاف مع السلطة مداه، وخصوصاً رفض الحج إلى السفارة الأمريكية وتجريمه سياسيا وأخلاقيا، والتحول بدلاً من ذلك إلى الحوار الوطني المفتوح والعمل على استعادة وحدة المجتمع التي هي المدخل الضروري لوحدة الوطن.