ليخبرنا المتفلسفون من سفراء يمارسون هواية التدخل في البحرين، وجمعيات تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، وناشطون وغيرهم، عمَّ ينبغي على رجل الأمن أن يفعل إذا تعرض للاستفزاز أو إذا تعرض للاستهداف بغية قتله وزهق روحه؟!
من يأتي ليتفلسف بشأن الوضع الأمني في البحرين، ويجلس وينظر ويملي على الدولة ما تفعل، ويضع لأجهزة الأمن استراتيجيات من «وحي خياله» فقط ليبرز نفسه على أنه شخص مدافع عن حقوق الإنسان، ليخبرنا بماذا تنص عليه القوانين في بلاده إن قام أحد بالإساءة لرجل الشرطة أثناء أداء عمله، أتحدث فقط عن إساءة لفظية، فما بالكم بالاعتداء بهدف القتل.
في البحرين يتعرض رجال الشرطة لمحاولات صريحة للاستفزاز، بل يتعرضون يومياً لمحاولات قتل عبر الاستهداف بالزجاجات الحارقة، وغيرها من الأدوات المطورة التي تتحول إلى أسلحة، الهدف منها القتل ولا شيء آخر. لكن كل هذه الممارسات الإرهابية لا ينظر إليها بعين الاعتبار وبالأخص من هؤلاء السفراء ومن بعض هذه المنظمات، بل يواصلون التفلسف بأن على رجال الأمن ضبط النفس، طيب يا «حضرات» كيف يمكن لرجل الأمن أن يضبط نفسه عندما يهاجمه أحد بهدف قتله، سواء بزجاجة مولوتوف أو من خلال محاولة دهسه بالسيارات؟! أنتم.. هل يمكنكم ضبط النفس إذا حاول أحد التعرض لكم أو سعى لقتلكم؟!
ليخبرنا مثلاً السفير البريطاني، عن عقوبة إهانة رجل الشرطة في بريطانيا؟! ما نعرفه أن مجرد التلفظ بإساءة في حق رجل الشرطة ببريطانيا يمكن أن تعرض مرتكبها على الأقل للحبس من شهر إلى ستة أشهر، إن لم تكن العقوبات قد شددت بعد أحداث الشغب في لندن قبل عام.
بل ليخبرنا السفير الأمريكي الذي وصلت محاولاته لاستفزاز مشاعر البحرينيين المخلصين (وليس أصحابه الانقلابيين) إلى مستوى لا يمكن السكوت عليه.. ليخبرنا من يقول إنه «أمريكي ويدافع عن الحريات».. ليخبرنا عمَّ يحصل لمن يتعرض لرجل شرطة بالإهانة فقط في أمريكا، وما هي عقوبة من يستهدف رجال الشرطة بهدف القتل؟. بل لنسهل العملية عليه، ليخبرنا عمَّ يفعل رجل الشرطة بحكم القانون لو أوقف سائقاً متجاوزاً للسرعة ولم يلتزم هذا الشخص بوضع يديه في مكان مرئي لرجل الشرطة، وماذا لو حاول الهرب؟! ألا يمنح القانون رجل الشرطة حق إطلاق الرصاص الحي عليه في رجله مثلا لإيقافه؟! ألا يمنح القانون الأمريكي رجل الشرطة الحق في إرداء هذا الشخص لو شهر سلاحاً في المقابل بحجة الدفاع عن النفس؟!
كل هذا يحصل في الدول الغربية، وهو من حقوق رجال الشرطة، وإهانة رجال الأمن بحد ذاتها جريمة، فما بالكم باستهدافهم والسعي لقتلهم؟!
لكن لدينا في البحرين كل شيء بالمقلوب، ينبغي على رجال الأمن ألا يتحركوا وألا يقوموا بأي إجراء، فقط عليهم أن يقفوا مكتوفي الأيدي وينتظروا الإرهابيين ليدهسوهم بالسيارات، أو يحرقوهم بزجاجات المولوتوف. على رجال الأمن ألا يقوموا بأي شيء، ولا حركة، ولا فعل، وإلا سيحسب ذلك ضد حقوق الإنسان وستقوم القيامة وستصدر البيانات، وستتم مطالبة وزارة الداخلية باتخاذ إجراء عاجل وفوري فقط لإثبات أنها لا تقوم بقمع المتظاهرين «السلميين».
لأن كل شيء أصبح هكذا، برزت مؤخراً هواية استفزاز رجال الشرطة عن قصد والسعي لتصوير مقاطع فيديو ليتم استغلالها في بيان أن رجال الأمن يتعرضون للأبرياء بلا سبب. مجرد تصرف من رجل أمن سيقيمون القيامة عليه، وسيتوسلون لمن يدافعون عنهم من سفراء ومنظمات للتعبير عن الاستياء والضغط على الأجهزة المعنية لاتخاذ عقوبة فورية وعاجلة.
لسنا نبرر أية تجاوزات تصدر عن رجال الشرطة، إذ هي مرفوضة، لكن ماذا يمكن أن يقترح عليهم المتفلسفون في شؤوننا بالمقابل ليفعلوه إن تعرضوا لمثل هذه الاستفزازات والاستهدافات؟!
الجانب الانقلابي حصل على فتوى واضحة في كيفية التعامل مع رجال الشرطة حينما قيل «اسحقوهم»، لكن في المقابل على رجل الشرطة ألاَّ يفعل شيئاً، لا شيء، لو شتموه أو استفزوه، حتى لو قتلوه.
اتجاه معاكس
إيجابي أن تتحرك وزارة الداخلية وتتجاوب سريعاً مع أية تجاوزات أو تصرفات تصدر من قبل أفرادها يفترض ألا تصدر، رغم أن ما أثير مؤخراً مبني على فيديو عديم الصوت لا يعرف من خلاله ماذا كان يقوله الشخص للشرطي ليصدر عنه «رد الفعل» هذا.
مثلما سيفترضون أن الشرطي تعدى على الشخص من غير حق، ففي الجانب الآخر افتراض أن الشخص تلفظ بألفاظ استفزازية ومهينة بحق الشرطي، وهذا أمر لا يستبعد، إذ الوفاق بنفسها وهي الجمعية السياسية تنشر في تصريحاتها توصيفات عنصرية محرضة على الكراهية حينما تصف الشرطة بـ«المرتزقة».
هذا الفيديو سيسوقونه بنفس القوة والجهد الذي حاولوا فيه تغييب فيديو «دهس الشرطي» حتى الموت، مع الفارق الشاسع بين الحادثتين.