ما الذي يمكن أن نفهمه من جريمة رأس السنة الميلادية عندما يقوم إرهابيون بالاعتداء على آسيوي في منطقة سترة واديان ويشعلون النار في ملابسه مما أدى إلى إصابته بحروق؟
التوقيت خطير جداً وله دلالات شوفينية من الراديكاليين الذين يحركون الإرهابيين، ففي مثل هذا اليوم تحتفل الجالية المسيحية بمناسبة دينية مهمة بالنسبة كاحتفال المسلمين بأعيادهم الدينية، وليس من المنطق استهداف هذا اليوم بالذات إلا إذا كانت هناك رسالة مفادها أن مكونات المجتمع الأخرى غير مرغوب فيها، وكذلك المقيمين الأجانب.
ويمكن قراءة الرسالة من زاوية أخرى أن مصادفة هذه الحادثة في اليوم الأخير من العام الميلادي رسالة موجهة لجميع الأجانب بأنهم لن يكونوا أكثر أمناً واستقراراً في العام الجديد. ماداموا يدعمون الدولة، ويحاولون كشف الحقائق عن إرهاب الجماعات الراديكالية.
مهما فعلت الجماعات الراديكالية لتبرير مواقفها تجاه العنف والإرهاب، فإن ممارسات جماهيرها ستظل أكبر دليل على تبنيها العنف والإرهاب في تاريخ البحرين الحديث.
ننتقل إلى زاوية أخرى في الموضوع، فهي القضية تعد قضية رأي عام، وتعد قضية حقوقية بالدرجة الأولى، لن تقوم الجمعيات الحقوقية المرخصة وغير المرخصة بتبنيها، مثل الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، وحتى مراكز نبيل رجب وعبد الهادي الخواجة في الخارج بتبنيها أيضاً، لأن حقوق الإنسان بالنسبة لهم هي حقوق طائفية بالدرجة الأولى، فمادمت تتفق معي في الأجندة السياسية سأقوم بالدفاع عنك، ومادمت تنتمي لنفس المذهب سأقوم بالدفاع عنك حقوقياً في الداخل والخارج.
ليست مثل هذه المنظمات محل اهتمامنا، بل ما نتحدث عنه هنا جمعيات حقوق الإنسان الوطنية المعروفة في الداخل والخارج، هذه المنظمات مطالبة اليوم بأكثر من مواقف وبيانات وتصريحات تستخدم عادة للاستهلاك الإعلامي، نحتاج إلى مؤتمرات صحافية في الداخل والخارج، نحتاج إلى اتصالات مع منظمات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية، نحتاج إلى اتصالات لإطلاع مجلس حقوق الإنسان، وكذلك المفوضية السامية لحقوق الإنسان بمثل هذه القضية. نحتاج كذلك إلى إطلاع الرأي العام الآسيوي بهذه القضية ليشاهد عدالة قضية (ثوار البحرين).
ما نتحدث عنه ليس مكلفاً مادياً حتى تتحجج بعض المنظمات بأنه ليس لديها القدرات، أو تحاول توجيه المسؤولية للدولة بقدر توليها المسؤولية التي ينبغي أن تتولاها. فما كنا ندعمها لولا توليها هذه المهمة باعتبارها من مؤسسات المجتمع المدني.
جريمة رأس السنة الميلادية ينبغي ألا تمر مروراً هادئاً كالعادة!