نشرت دائرة التحقيقات الاتحادية للكونغرس بالتعاون مع وزارة الدفاع الأمريكية تقريراً يتضمن 67 صفحة عن تنظيم وأداء وزارة المخابرات الإيرانية ومد عناصرها وعملائها في أرجاء العالم، ويحوي التقرير ما يعود إلى نشاطاتها داخل إيران وتدخلاتها في الدول الشرق الأوسطية، ولا سيما سوريا والعراق وخطة اغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة وعملياتها في سائر بلدان العالم.
مع دراسة أساليب عمل هذا الجهاز الذي وفق ما يعرف به “يستخدم كل ما في وسعه من الإمكانيات من أجل حماية الجمهورية الاسلامية الايرانية” يتضح وضوح الشمس في النهار ان تنفيذ هذا الواجب إلى حد يرتبط بطبيعة نظام الملالي، أنه أساساً يعتمد على الاغتيال والاختطاف وخلق أجواء الرعب والفزع، وهذا حربة يستخدمها الفرع الخارجي للمخابرات الإيرانية من خلال سفارات النظام الإيراني وفيلق القدس الإرهابي ومنظمة الثقافة والدعاية الإسلامية والتنظيمات الخارجية على سبيل المثال حزب الله اللبناني وفيلق بدر العراقي، وكذلك في داخل البلد يطبق هذا النموذج بحق الشعب الإيراني من خلال الأجهزة الداخلية منها حرس الثورة وقوات الشرطة القمعية و..، وفي الحقيقة “يتورط النظام الإيراني في نوعين من الهجمات الإرهابية؛ الأول هو ما يرتبط بالعمليات التخريبية والتجسسية وزرع القنابل و..، أما الثاني هو اغتيال معارضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
ونظراً أن النظام الإيراني وجهازه المخابراتي يعتبران منظمة مجاهدي خلق الإيرانية أهم منظمات المعارضة وأكثرها جدية منذ صياغة هذه الوزارة كان رأس ممارساتها الحاد متوجهاً إلى هذه المنظمة. ورغم أن كشف هذا التقرير يعكس جزءاً ضئيلأ من جرائم ونشاطات الاستخبارات الإيرانية بحق الشعب الإيراني وشعوب المنطقة ومنها التفجيرات والاغتيالات، لكن ما يلفت الانتباه فيه هو الإشارة إلى مدى مخاوف حكام إيران من مجاهدي خلق، لأن النظام الإيراني يرى أنها الحركة الوحيدة التي تؤثر في إسقاطه، حيث وفضلاً عن الاغتيال يلجأ إلى كل وسيلة لتفادي هذا التهديد و”يستخدم أكبر جناح في هذه الوزارة لخلق لحرب النفسية ضد معارضي الحكومة وفبركة الأكاذيب للتشهير”، كما تستخدم جميع إمكانيات النظام الإعلامية بما فيها القناة التلفزيونية الرسمية والمواقع المنتمية إليه مثل “ايران اينترلينك وإيران ديدبان و...”، وفي هذا الشأن وتحديداً “بعد نشوب الحرب ضد العراق عام1991 جعلت المخابرات الإيرانية لخلق الحرب النفسية ضد منظمة مجاهدي خلق كأحد اهدافها الرئيسة ولكن ورغم كل ذلك ظلت المنظمة قائمة”.
يبرز هذا التقرير ودراسته نقطتين لكل سياسي محايد، الأولى عمق جرائم وقسوة نظام الملالي الحاكمين في إيران مع جميع أجهزته ومنظماته سواء داخل إيران أو خارجها، والثانية صمود منظمة ثورية من أجل إسقاطه والتي منذ ثلاثة عقود احبطت مؤامراته وصفقاته الخارجية مع اصحاب الاسترضاء والمساومة. فلذلك من أجل التخلص من اخطبوط ولاية الفقيه وامتدادته الارهابية، خاصة في المنطقة، ومن الضروري الاعتراف بمقاومة الشعب الإيراني المشروعة المتمثلة في منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لكي تشهد منطقة الشرق الأوسط الأمن والسلام والتآخي إن شا‌ء الله.
* كاتب وباحث إيراني