أحد الذين يهرجون ويمرجون ويسرحون ويمرحون، يشتم وبكل صلافة كل من يصادفهم في طريقه بحجة حرية الرأي، ونحن نقول له هنا؛ إنها الحرية المنفلتة من عقالها، الحرية التي باتت دون قيد أخلاقي وأدبي. يحدث ذلك في أحد أبرز مواقع التواصل الاجتماعي عبر العالم، ألا وهو (تويتر).
هذا الشتام تحصل على صفعة تساوي رداءة أخلاقه من مغرد عرف كيف يخاطبه بذات اللهجة القذرة التي يستخدمها، ومن ذلك اليوم أصبح ذلك الأسد المغوار خنفساء.
ما يشجع الشتامين على فعلهم هذا أنهم يستخدمون أسماء مستعارة، يدركون من خلالها بأنهم لن تطالهم المُساءلة الأخلاقية والمجتمعية، وكلما رأوا لهم جمهوراً من المصفقين والشتامين من أمثالهم تمادوا في سلوكهم الأهوج.
نعود لصاحبنا الشتام الذي لم يسلم منه أي أحد على الإطلاق، هذا الكائن الصلف وفي أحد تغريداته الشتائمية، وكعادته التي اعتاد عليها أن يأتي المداحون خلفه يصفقون ويقهقهون، جاءه الرد صاعقاً ومزلزلاً من أحد الذين يفكر بطريقة تفكيره ويستخدم أسلوبه حين يجد من يسبه ويشتمه، لكن الفرق بينهما هو اختلافهما في الرأي، وحين وجد الرد قاسياً للغاية ممن هو على شاكلته، بُهِت وتسمر في مكانه، حتى تحول ذلك المغرد المفترس في لحظة عصيبة إلى قط صغير.
لم يكن يتوقع هذا الشتام أن يأتي شخص يوقفه عند حدوده التي تجاوزها كثيراً جداً، فالمغرد الآخر، لم يكن شتاماً ولا بذيء لسان في الغالب، لكنه أراد أن يلقن صاحبنا درساً مفاده، إنك إذا كان لديك من قدرات الشتم الكثير فنحن أيضاً لدينا هذه القدرة، لكننا لا نستخدمها إلا مع أمثالك.
الشتائم ليست بذاءات سلوكية فردية فحسب، بل هي جرائم أخلاقية يحاسب عليها القانون الأخلاقي والضمير البشري، وهي في المحصلة لا علاقة لها بحرية التعبير أو إبداء الرأي لا من قريب أو بعيد.
هنالك كثير من الأشخاص الفاعلين في تويتر بدؤوا يهجرونه بسبب هذه الحفنة من الشتامين، وبعضهم أقسم على عدم العودة إليه مادام هنالك من يستنقص من قدر الآخرين، لا لجرم اقترفوه سوى اختلافهم مع أشخاص عاديين جداً في الفكر والمعتقد.
لم يعد تويتر كما كان قبل عام من اليوم أو أكثر، ومن المؤكد لو استمر أولئك الشتامون في شتمهم واستخدامهم أدنى درجات اللباقة الأخلاقية في تغريداتهم النتنة، فسيجدون أنفسهم بعد فترة قصيرة من الزمن، بأنهم وحدهم في هذا الموقع الذي لن يدخله سوى من كان على شاكلتهم، وفقاً للقاعدة الإنسانية التي تقول (الطيور على أشكالها تقع).
كنا نتمنى لو استخدم البحرينيون وغير البحرينيين من العرب هذه المواقع لإثراء الفكر وتحريك المناطق الجامدة من العقل، لكنهم أصروا على أن يكونوا سبابين وشتامين بامتياز، مما أفقدهم هذا السلوك الأهوج مصداقية القول والعمل، كما إنهم سيجدون أنفسهم في عزلة تامة في المستقبل المنظور بسبب تدني مستوى سلوكهم، لأن المجتمعات الراقية في العادة لا تقبل أن تعيش في حظيرة.