السنوات الخمسة التي قضيتها في جريدة الخليج الإماراتية مضت وكأنها 5 أيام، عشت خلالها أجمل اللحظات بين العمل والأصدقاء وتكوين الأسرة بعيداً عن الأهل والوطن، لكني لم أشعر بالبعد والغربة لأن الشلة البحرينية كانت تحيطني دوماً، كنا إخوة أمضينا معاً أحلى أيام العمر.
كانت الشلة بالنسبة لي أكثر من أسرة، شاءت الظروف أن نجتمع معاً في ربوع الشارقة، بعضهم عرفته للمرة الأولى والبعض تربينا سوية في الحورة، كنت أنا وعوائل الأصدقاء د.عبدالله يتيم ويوسف زينل وأحمد العباسي وعباس وجعفر والمرحوم عمر الشملان (توفي خلال وجودنا في الإمارات في حادث أليم وهو في طريقه إلى الكويت عبر السعودية)، وجليل السعد والراحل عبدالله العباسي.
وأذكر من سوالف الراحل عبدالله العباسي أنه في إحدى الأمسيات كان نادي عجمان يستضيف الشاعر الصديق علي عبدالله خليفة، وكان عبدالله العباسي لا يفوت أمسية إلا ويحضرها، خاصة إذا كان بطلها واحداً من أبناء البحرين كنت وقتها مناوباً بالجريدة، ولا أستطيع مرافقته رغم عشقي لقصائد علي خليفة من أيام ديوان «أنين الصواري» باكورة نتاجه الشعري وصدر عن دار العلم للملايين قبل 40 عاماً.
وأدرجت وزارة التربية والتعليم الإماراتية الديوان ضمن مناهجها التعليمية لطلبة المرحلة الثانوية، واختارت تحديداً قصيدة «أنين الصواري»، وكنت ومازلت متابعاً جيداً لدواوين الصديق القديم علي خليفة، عملنا معاً في «صدى الأسبوع» عندما كنا في بناية «جمشير» المقابلة الآن لمجمع يتيم بسوق المنامة، وكان حينها مشرفاً على الصفحة الثقافية بالمجلة.
كانت والدتي المرحومة تزورنا باستمرار برفقة والدة زوجتي، فقرر عبدالله العباسي اصطحابهم للأمسية الشعرية، كانت والدتي في السبعين من عمرها ووالدة زوجتي تصغرها لكنهن لا يفقهن من الشعر شيئاً، وعندما عرض عليهن الموضوع رحبوا بالفكرة وقالوا له «علي خليفة مطرب وعنده عده ومن يغني معاه» فاشتاط عبدالله غضباً ورد عليهن «هذا شاعر بحريني مشهور ياللي ما تفهمون» فأجابوه بكل برود «واحنه شلنه في الشعر عبالنه عرس ولا حفلة تدري روح أنت والشاعر مالك صج ماعندك سالفه شايفنه بنات ونفهم بالشعر» وزاد غضبه «وآنه متعب روحي معاكم عزبالكم باشرد بكم عدال يا ليلى علوي وزبيدة ثروت» وضرب الباب وراءه وخرج والضغط «تارس راسه» وبدأت الوالدة ووالدة زوجتي يتبادلن الضحكات ويرددن «صج مينون روح الله يعقل عليك».
في الخليج أمضيت السنوات بكل الحب مع زملاء العمل وأصحاب المؤسسة وفي مقدمتهم الأستاذ الراحل تريم عمران الذي كان بالنسبة لنا الأب الروحي في «الخليج»، يتابعنا ويهتم بأحوالنا ولا يجعلنا ندخل في مشكلة إلا كان أول من يحلها، وكان الأستاذ عبدالله عمران حينها رغم مهامه وزيراً للتربية، دائم الوجود قربنا والأستاذ راشد عمران رئيس التحرير الذي يداوم معنا طوال وجودنا للإعداد للعدد صفر سواء في مبنى الجريدة أو المطبعة.
كنت والشلة البحرينية الجميلة لا نفوت «ويك إند» إلا ونقضيه بين شواطئ فندق الحمرية بدبي وشاطئ خورفكان وهي إحدى المناطق التابعة للشارقة أو جبال حتا في دبي، ناهيك عن المطابخ والسهرات الجميلة التي كانت دائماً تجمعنا معاً أسرة واحدة، والطريف أن الدكتور يتيم كان أفضل من يطبخ «أم الروبيان» ويوسف زينل أفضل من يغني اللون العدني في السهرات.
وشاءت الصدف أن يكون مولودي الأول طلال في سن أول مولود للدكتور عبدالله «سعود» وبدر ابن الصديق يوسف زينل، والابنة البكر للمرحوم عمر الشملان وابنة الصديق أحمد العباسي، كانت فترات ولادتهم متقاربة جميعاً وكان لكل أسرة مولود أو مولودة.
في الأيام الأخيرة في الإمارات كانت إحدى الجمع تأخذنا إلى شواطئ عجمان، وفي تلك الفترة كانت تذاع من راديو البحرين أسماء المواطنين الحاصلين على بيوت إسكان بمدينة عيسى، كنت من ضمن المرشحين للحصول على واحدة، وفي الطريق كان الجميع يثبتون الموجة على إذاعة البحرين، وصدفة توقفت كل السيارات في الشارع ونزل الجميع يرقصون ويتبادلون التهاني بعد إذاعة اسمي، وكان أصحاب السيارات العابرة للشارع يشاركوننا الفرحة «بكلكسات» السيارات ويرددون «هاه ولد ولا بنت « فنصرخ جميعاً ولد بطابقين ونسترسل في الضحك.
الرشفة الأخيرة
أكيد أفرح إذا ألقاك في دربي
أكيد قلبك سبب كل النهار
أكيد أعشق ودوم أغار
إذا غيري سمع ضحكة
لو طلعت غلط من قلبي
{{ article.visit_count }}
كانت الشلة بالنسبة لي أكثر من أسرة، شاءت الظروف أن نجتمع معاً في ربوع الشارقة، بعضهم عرفته للمرة الأولى والبعض تربينا سوية في الحورة، كنت أنا وعوائل الأصدقاء د.عبدالله يتيم ويوسف زينل وأحمد العباسي وعباس وجعفر والمرحوم عمر الشملان (توفي خلال وجودنا في الإمارات في حادث أليم وهو في طريقه إلى الكويت عبر السعودية)، وجليل السعد والراحل عبدالله العباسي.
وأذكر من سوالف الراحل عبدالله العباسي أنه في إحدى الأمسيات كان نادي عجمان يستضيف الشاعر الصديق علي عبدالله خليفة، وكان عبدالله العباسي لا يفوت أمسية إلا ويحضرها، خاصة إذا كان بطلها واحداً من أبناء البحرين كنت وقتها مناوباً بالجريدة، ولا أستطيع مرافقته رغم عشقي لقصائد علي خليفة من أيام ديوان «أنين الصواري» باكورة نتاجه الشعري وصدر عن دار العلم للملايين قبل 40 عاماً.
وأدرجت وزارة التربية والتعليم الإماراتية الديوان ضمن مناهجها التعليمية لطلبة المرحلة الثانوية، واختارت تحديداً قصيدة «أنين الصواري»، وكنت ومازلت متابعاً جيداً لدواوين الصديق القديم علي خليفة، عملنا معاً في «صدى الأسبوع» عندما كنا في بناية «جمشير» المقابلة الآن لمجمع يتيم بسوق المنامة، وكان حينها مشرفاً على الصفحة الثقافية بالمجلة.
كانت والدتي المرحومة تزورنا باستمرار برفقة والدة زوجتي، فقرر عبدالله العباسي اصطحابهم للأمسية الشعرية، كانت والدتي في السبعين من عمرها ووالدة زوجتي تصغرها لكنهن لا يفقهن من الشعر شيئاً، وعندما عرض عليهن الموضوع رحبوا بالفكرة وقالوا له «علي خليفة مطرب وعنده عده ومن يغني معاه» فاشتاط عبدالله غضباً ورد عليهن «هذا شاعر بحريني مشهور ياللي ما تفهمون» فأجابوه بكل برود «واحنه شلنه في الشعر عبالنه عرس ولا حفلة تدري روح أنت والشاعر مالك صج ماعندك سالفه شايفنه بنات ونفهم بالشعر» وزاد غضبه «وآنه متعب روحي معاكم عزبالكم باشرد بكم عدال يا ليلى علوي وزبيدة ثروت» وضرب الباب وراءه وخرج والضغط «تارس راسه» وبدأت الوالدة ووالدة زوجتي يتبادلن الضحكات ويرددن «صج مينون روح الله يعقل عليك».
في الخليج أمضيت السنوات بكل الحب مع زملاء العمل وأصحاب المؤسسة وفي مقدمتهم الأستاذ الراحل تريم عمران الذي كان بالنسبة لنا الأب الروحي في «الخليج»، يتابعنا ويهتم بأحوالنا ولا يجعلنا ندخل في مشكلة إلا كان أول من يحلها، وكان الأستاذ عبدالله عمران حينها رغم مهامه وزيراً للتربية، دائم الوجود قربنا والأستاذ راشد عمران رئيس التحرير الذي يداوم معنا طوال وجودنا للإعداد للعدد صفر سواء في مبنى الجريدة أو المطبعة.
كنت والشلة البحرينية الجميلة لا نفوت «ويك إند» إلا ونقضيه بين شواطئ فندق الحمرية بدبي وشاطئ خورفكان وهي إحدى المناطق التابعة للشارقة أو جبال حتا في دبي، ناهيك عن المطابخ والسهرات الجميلة التي كانت دائماً تجمعنا معاً أسرة واحدة، والطريف أن الدكتور يتيم كان أفضل من يطبخ «أم الروبيان» ويوسف زينل أفضل من يغني اللون العدني في السهرات.
وشاءت الصدف أن يكون مولودي الأول طلال في سن أول مولود للدكتور عبدالله «سعود» وبدر ابن الصديق يوسف زينل، والابنة البكر للمرحوم عمر الشملان وابنة الصديق أحمد العباسي، كانت فترات ولادتهم متقاربة جميعاً وكان لكل أسرة مولود أو مولودة.
في الأيام الأخيرة في الإمارات كانت إحدى الجمع تأخذنا إلى شواطئ عجمان، وفي تلك الفترة كانت تذاع من راديو البحرين أسماء المواطنين الحاصلين على بيوت إسكان بمدينة عيسى، كنت من ضمن المرشحين للحصول على واحدة، وفي الطريق كان الجميع يثبتون الموجة على إذاعة البحرين، وصدفة توقفت كل السيارات في الشارع ونزل الجميع يرقصون ويتبادلون التهاني بعد إذاعة اسمي، وكان أصحاب السيارات العابرة للشارع يشاركوننا الفرحة «بكلكسات» السيارات ويرددون «هاه ولد ولا بنت « فنصرخ جميعاً ولد بطابقين ونسترسل في الضحك.
الرشفة الأخيرة
أكيد أفرح إذا ألقاك في دربي
أكيد قلبك سبب كل النهار
أكيد أعشق ودوم أغار
إذا غيري سمع ضحكة
لو طلعت غلط من قلبي