من دون أي اعتبار لمستخدمي شارع المتنبي الممتلئ عن آخره بالسيارات (رايح جاي) والمزدحم بالسيارات المركونة على جانبيه، ومن دون أي اعتبار للمشاة ولساكني البيوت من مختلف الأعمار وبينهم مرضى وكبار سن وأطفال والمبتلون بمختلف الأمراض يخرج ملثمون في ساعة ازدحام نهاراً وهم «يرتدون» زجاجات المولوتوف الحارقة ليرموا بها سيارات الشرطة المتوقفة عند سور القلعة.. مبنى وزارة الداخلية في المنامة فيصيبوا إحداها قبل أن يهربوا وهم يرددون «الله أكبر» ويجتازون الحاجز الذي أشعلوا فيه إطارات السيارات كي يعيقوا رجال الأمن فلا يصلوا إليهم في اللحظة المناسبة.
أما الجزء الثاني من المشهد فمعروف، رجال لأمن يسرعون لصد المهاجمين ويطلقون عليهم مسيلات الدموع بينما يواصل المهاجمون هجومهم بإلقاء زجاجات المولوتوف على رجال الأمن فيرتفع الدخان أسوده وأبيضه من كل مكان، أما العالقون بين الطرفين فليس لهم إلا أن يدعوا الله أن يحفظهم ويحميهم ويخرجهم سالمين من الموقف الذي وجدوا أنفسهم فيه فجأة.
هذا المشهد مدته ثلاث دقائق وتم بثه عبر شبكات التواصل الاجتماعي ليوصلوا من خلاله عدة رسائل، أولها أن «الحراك» مستمر وأن الحوار لا يعني لهم شيئاً ولا قيمة له وأن الداخلين فيه لا يمثلون إلا أنفسهم ولا يستطيعون أن يفرضوا ما سيتوصلون إليه عليهم، وثانيها أن «الشباب الثوري» يمتلك الجرأة التي تجعله يقدم على مهاجمة مبنى وزارة الداخلية في وضح النهار، (وأي جرأة أكبر من هذه خصوصاً وأنهم يعلمون أن في بعض البيوت من يصفق لهم وينحني احتراماً)، وثالثها أن رجال الأمن يعانون من الضعف والسلبية وأنهم لا يستطيعون أن يحموا أنفسهم والمبنى الذي ينتمون إليه ويحرسونه فهم يتحركون بنفسية المهزوم.
مسائل عدة ينبغي الإشارة إليها هنا، أولها أن ما قام به المهاجمون لا يعطيهم صفة الجرأة لأن ما قاموا به لا علاقة له بالجرأة حيث الجرأة تعني الشجاعة وليس من الشجاعة توريط الناس الأبرياء في مشهد كهذا الذي تم وصفه، هذا الفعل لا علاقة له بالجرأة ولا الشجاعة ولا الإقدام ولا الرجولة وإنما بالجريمة، فما قاموا به جريمة في حق الساكنين ومستخدمي الشارع وفي حق الوطن. وثانيها أن هؤلاء يعتبرون المقيمين والمارين وكل شخص غيرهم وغير قيادييهم لا قيمة له وبالتالي فلا بأس لو خسر حياته أو جرح أو تعرض لأي أذى حيث المهم هو أن يقوموا بالمهمة الموكولة إليهم بالتمام والكمال ويرضوا الأسياد. وثالثها أن تكرار مثل هذه الهجمات في نفس الأماكن وبنفس الأسلوب يقتضي تكثيف الأمن وزيادة جرعته ويقتضي التوقف عن الاستمرار في مراعاة «حقوق الإنسان» التي يرددها المهاجمون ومحرضوهم لأن الآخرين الذين يجدون أنفسهم فجأة في موقف يعرضهم للأذى والموت إنسان أيضاً ولهم حقوق، فحقوق الإنسان حقوق لكل البشر وليس لبعض دون بعض، وما قام به أولئك فيه تفريط بحقوق البشر الآخرين، وليس فيه عدل أبداً.
تعطيل حياة الناس جريمة، وتعريضهم للخطر بإدخالهم عنوة في مشهد لا علاقة لهم به جريمة، وسكوت «العقلاء» من علماء الدين والسياسيين وغيرهم عن هذا الذي يحدث ويتكرر حدوثه يومياً جريمة، وتغطية الآباء لأفعال أبنائهم المشاركين في هذا الحراك الذي لم يعد سلمياً وصار يتخذ العنف عنواناً له جريمة.
من حقك أن تطالب بحقك وتسعى إلى الحصول عليه بما يتيحه لك النظام والقانون والشرع، ولكن من حق الآخرين أيضاً أن يعيشوا آمنين وأن يطالبوا بوقف هذا الاستهتار بحياتهم وحياة أبنائهم، و«المعركة» التي اخترت دخولها ضد رجال الأمن قرارك الذي تتحمل مسؤوليته ولكن ما ليس قرارك هو أن تدخل الأبرياء في أتون هذه المعركة عنوة.
{{ article.visit_count }}
أما الجزء الثاني من المشهد فمعروف، رجال لأمن يسرعون لصد المهاجمين ويطلقون عليهم مسيلات الدموع بينما يواصل المهاجمون هجومهم بإلقاء زجاجات المولوتوف على رجال الأمن فيرتفع الدخان أسوده وأبيضه من كل مكان، أما العالقون بين الطرفين فليس لهم إلا أن يدعوا الله أن يحفظهم ويحميهم ويخرجهم سالمين من الموقف الذي وجدوا أنفسهم فيه فجأة.
هذا المشهد مدته ثلاث دقائق وتم بثه عبر شبكات التواصل الاجتماعي ليوصلوا من خلاله عدة رسائل، أولها أن «الحراك» مستمر وأن الحوار لا يعني لهم شيئاً ولا قيمة له وأن الداخلين فيه لا يمثلون إلا أنفسهم ولا يستطيعون أن يفرضوا ما سيتوصلون إليه عليهم، وثانيها أن «الشباب الثوري» يمتلك الجرأة التي تجعله يقدم على مهاجمة مبنى وزارة الداخلية في وضح النهار، (وأي جرأة أكبر من هذه خصوصاً وأنهم يعلمون أن في بعض البيوت من يصفق لهم وينحني احتراماً)، وثالثها أن رجال الأمن يعانون من الضعف والسلبية وأنهم لا يستطيعون أن يحموا أنفسهم والمبنى الذي ينتمون إليه ويحرسونه فهم يتحركون بنفسية المهزوم.
مسائل عدة ينبغي الإشارة إليها هنا، أولها أن ما قام به المهاجمون لا يعطيهم صفة الجرأة لأن ما قاموا به لا علاقة له بالجرأة حيث الجرأة تعني الشجاعة وليس من الشجاعة توريط الناس الأبرياء في مشهد كهذا الذي تم وصفه، هذا الفعل لا علاقة له بالجرأة ولا الشجاعة ولا الإقدام ولا الرجولة وإنما بالجريمة، فما قاموا به جريمة في حق الساكنين ومستخدمي الشارع وفي حق الوطن. وثانيها أن هؤلاء يعتبرون المقيمين والمارين وكل شخص غيرهم وغير قيادييهم لا قيمة له وبالتالي فلا بأس لو خسر حياته أو جرح أو تعرض لأي أذى حيث المهم هو أن يقوموا بالمهمة الموكولة إليهم بالتمام والكمال ويرضوا الأسياد. وثالثها أن تكرار مثل هذه الهجمات في نفس الأماكن وبنفس الأسلوب يقتضي تكثيف الأمن وزيادة جرعته ويقتضي التوقف عن الاستمرار في مراعاة «حقوق الإنسان» التي يرددها المهاجمون ومحرضوهم لأن الآخرين الذين يجدون أنفسهم فجأة في موقف يعرضهم للأذى والموت إنسان أيضاً ولهم حقوق، فحقوق الإنسان حقوق لكل البشر وليس لبعض دون بعض، وما قام به أولئك فيه تفريط بحقوق البشر الآخرين، وليس فيه عدل أبداً.
تعطيل حياة الناس جريمة، وتعريضهم للخطر بإدخالهم عنوة في مشهد لا علاقة لهم به جريمة، وسكوت «العقلاء» من علماء الدين والسياسيين وغيرهم عن هذا الذي يحدث ويتكرر حدوثه يومياً جريمة، وتغطية الآباء لأفعال أبنائهم المشاركين في هذا الحراك الذي لم يعد سلمياً وصار يتخذ العنف عنواناً له جريمة.
من حقك أن تطالب بحقك وتسعى إلى الحصول عليه بما يتيحه لك النظام والقانون والشرع، ولكن من حق الآخرين أيضاً أن يعيشوا آمنين وأن يطالبوا بوقف هذا الاستهتار بحياتهم وحياة أبنائهم، و«المعركة» التي اخترت دخولها ضد رجال الأمن قرارك الذي تتحمل مسؤوليته ولكن ما ليس قرارك هو أن تدخل الأبرياء في أتون هذه المعركة عنوة.