صنوف الإرهاب الذي مارسته الأصولية الشيعية على جماعة الإخباريين وحتى على جماعة السفارة الشيعية في البحرين، ينم عن فكر إقصائي عنيف له تجذيره العقائدي ومسوغه الفقهي المؤمن بنظرية «الفرقة الناجية». وما الإرهاب المدعوم حالياً من المجلس العلمائي إلا استكمال لتلك السلسلة الإقصائية التي أحكمت رقابها على معظم التشظيات الشيعية المخالفة لتلك الأصولية منذ الثمانينات إلى يومنا هذا.
فقد تعرضت الجماعات الإخبارية الشيعية من الأصولية التي انتشرت في القرى البحرينية إلى حرب بمعنى الكلمة تم فيها ضرب الأئمة واحتلال المساجد والمآتم وحرب جرت حتى بين الأصولية بعضها بعضاً كتلك التي حدثت بين الشيرازيين وحزب الدعوة على مناطق نفوذ جمع الأخماس والتقاتل بين المرجعيات على الحصول على الوكالات من المرجعيات الإيرانية سواء تلك التي في قم أو تلك التي في النجف أو كربلاء، كما إن المدارس الفقهية الكربلائية والنجفية بينها وبين بعضها أيضاً حرب مراجع.
وما حدث لجماعة السفارة لم يخرج عن هذا المنوال، فقد تعرضت لمقاطعة اجتماعية تامة وإلى الضرب وإلى التسقيط، العنف وحرق الممتلكات، وكل ذلك تم برعاية ودعم المرجعيات الأصولية منذ بداية الثمانينات، وبلغ ذروته في التسعينات على جماعة السفارة.
ما كشفته جماعة السفارة أو «التجديد» شكل صدمة للمجتمع البحريني خاصة السنة، فما كان يحدث في القرى يبقى داخل القرية، لا أحد يعلم به ولا يتم تداوله خارج «طوق الحمامة» ذلك ميثاق شرف شيعي شيعي غير مدون، ولضعف تلك الجماعة وقلة عدد أفرادها آثر أصحابها التعتيم على مأساتهم إلى أن تولى جلالة الملك حمد مقاليد الحكم فشعرت تلك الجماعة ببعض الأمن فأعلنت عن نفسها وكشفت غطاء المأساة التي تعرضت لها. إنما قبلها كانت مأساة الجماعات الإخبارية والمتمركزة في جدحفص وبوري وبعض من مناطق سترة تعرضوا كذلك لشتى صنوف الإرهاب ووصل بهم الحال إلى الانزواء والانعزال خاصة حين انزوت الدولة عن دورها والتزامها بحماية حقوق الجماعات والأفراد في ممارسة المعتقدات الدينية. ولو كانت هناك رؤية استراتيجية بعيدة المدى لعملت الدولة على استكمال ومد مظلتها المدنية على جميع مناطق البحرين الجغرافية وجميع الأقليات الدينية، إنما لقصور في الرؤية الشمولية حافظت الدولة على ظلها المدني على كل الأقليات الدينية من مسيحية إلى يهودية إلى بهائية إلى بهرة بشكل يعد نموذجاً يحتذى حتى لأعرق الدول الديمقراطية التي عجزت عن خلق بيئة تسامحية كهذه للأقليات الدينية كالتي تتمتع بها في البحرين، سحبت ذلك الظل عن الأقليات الشيعية المضطهدة من قبل الغالبية الشيعية وتركتهم نهباً للإرهاب والاضطهاد من قبل جماعتهم، ربما لرغبة من النظام السياسي بإبداء حسن النية أو لبعث رسائل اطمئنان بأن النظام لا يتدخل في الخصوصية المذهبية الشيعية، إنما كان ذلك القرار أخطر ما واجه الدولة المدنية وضربها في مقتل. ولم يكتفِ النظام إنما قام بارتكاب خطأ تكتيكي شنيع حين منح لتلك الجماعة تشكيل أول حزب سياسي ليتلوث العمل السياسي منذ اللحظة الأولى لتشينه بالطائفية الحزبية، ولم يكتفِ النظام بهذا الخطأ إنما تحالف مع الأصولية السنية في انتخابات الفصلين التشريعيين الأولين مما حفز الاستقطاب والتخندق الطائفي عند الطرفين السني والشيعي والنتيجة كانت هيمنة الأصولية الشيعية وتمدد نفوذها من خلال تغاضي الدولة عن إرهابها وعنفها حتى على مخالفيهم من الشيعة، وتمدد نفوذ الأصولية السنية عن طريق التحالف معهم، إنما سرعان ما تدارك النظام ذلك الخطأ فتخلى عن التحالف مع الأصولية السنية دون أن تكون له رؤية للحد من مخاطر الأصولية الشيعية. في 2011 كشرت الأصولية الشيعية عن كل أدوات الإرهاب والعنف ضد المجتمع البحريني ككل وتحالفت الشيرازية والإمامية بكامل أجنحتها وشهد المجتمع البحريني «السنة تحديداً» وجهاً إرهابياً شيعياً لم يشهده طوال تاريخه في التعايش السني والشيعي، إذ ظل هذا الوجه داخل القرى فحسب بين الشيعة بعضهم بعضاً، لكن الأحداث الأخيرة والاعتقاد بأن أوان التقية قد ولى بحصول هذه الجماعة على دعم دولي ودعم إيراني جعلها تخلع كل تلك الأقنعة وتمارس العنف علناً وبحماية ورعاية مرجعية فقهية قادت القتال الميداني في شوارع البحرين عبر القنوات الفضائية العراقية والإيرانية. المفارقة أن قيادة مملكة البحرين وهي القيادة والحكم الذي امتد لأكثر من مائتي عام أنشأ خلالها الدولة المدنية المنفتحة والتي يتمتع أفرادها بأجواء التسامح الديني وأجواء الحريات المدنية على مدى قرنين من الزمان، قيادة هذه اللؤلؤة الخليجية التي تشهد استقطاب المقيمين في كل الدول الخليجية لها عجزت عن الترويج لأسسها المدنية في حين نجحت أكثر الجماعات ثيروقراطية أن تروج «لمدنيتها» الزائفة!
وبقليل من الجل وتدريب على اللكنة الإنجليزية وبكثير من التمويل وشبكات العلاقات العامة بربط المصالح المشتركة مع مخططات دولية حولت الماكينة الإعلامية الغربية هذه الثيوقراطية المتشددة الغارقة في اللاهوتية أصحاب عمائم الولائية الفقهية بفرعيها «الفقيه والفقهاء» ومعهم الشيرازيون الذين خطفوا الطائرات والذين فجروا أنابيب النفط في الكويت والذين يضطهدون الأقليات الشيعية والسنة ويضطهدون المرأة ويقمعون الحريات الدينية، تحولوا إلى رعاة للمدنية؟ كيف؟
الجواب تمثل في رد فعل ستيفاني حين سألتها هذا السؤال وصورة 4 عمائم وفاقية ظهرت على الشاشة فكان الجواب وجوماً وتلعثماً وحاجبين وصلا إلى سقف الغرفة!. الأصولية الشيعية نمت في أحضان البحرين وترعرعت وتمكنت حتى تبنتها المصالح الأمريكية لتحقيق أغراضها فاكتملت الحلقة.
السؤال كيف نحمي البحرين من الأصولية الدينية شيعية كانت أم سنية حتى لا تستعيد البحرين عافيتها من جديد فحسب، بل تستعيد سيادتها التي خرقتها تلك الأصولية وعاثت فيها فساداً.
{{ article.visit_count }}
فقد تعرضت الجماعات الإخبارية الشيعية من الأصولية التي انتشرت في القرى البحرينية إلى حرب بمعنى الكلمة تم فيها ضرب الأئمة واحتلال المساجد والمآتم وحرب جرت حتى بين الأصولية بعضها بعضاً كتلك التي حدثت بين الشيرازيين وحزب الدعوة على مناطق نفوذ جمع الأخماس والتقاتل بين المرجعيات على الحصول على الوكالات من المرجعيات الإيرانية سواء تلك التي في قم أو تلك التي في النجف أو كربلاء، كما إن المدارس الفقهية الكربلائية والنجفية بينها وبين بعضها أيضاً حرب مراجع.
وما حدث لجماعة السفارة لم يخرج عن هذا المنوال، فقد تعرضت لمقاطعة اجتماعية تامة وإلى الضرب وإلى التسقيط، العنف وحرق الممتلكات، وكل ذلك تم برعاية ودعم المرجعيات الأصولية منذ بداية الثمانينات، وبلغ ذروته في التسعينات على جماعة السفارة.
ما كشفته جماعة السفارة أو «التجديد» شكل صدمة للمجتمع البحريني خاصة السنة، فما كان يحدث في القرى يبقى داخل القرية، لا أحد يعلم به ولا يتم تداوله خارج «طوق الحمامة» ذلك ميثاق شرف شيعي شيعي غير مدون، ولضعف تلك الجماعة وقلة عدد أفرادها آثر أصحابها التعتيم على مأساتهم إلى أن تولى جلالة الملك حمد مقاليد الحكم فشعرت تلك الجماعة ببعض الأمن فأعلنت عن نفسها وكشفت غطاء المأساة التي تعرضت لها. إنما قبلها كانت مأساة الجماعات الإخبارية والمتمركزة في جدحفص وبوري وبعض من مناطق سترة تعرضوا كذلك لشتى صنوف الإرهاب ووصل بهم الحال إلى الانزواء والانعزال خاصة حين انزوت الدولة عن دورها والتزامها بحماية حقوق الجماعات والأفراد في ممارسة المعتقدات الدينية. ولو كانت هناك رؤية استراتيجية بعيدة المدى لعملت الدولة على استكمال ومد مظلتها المدنية على جميع مناطق البحرين الجغرافية وجميع الأقليات الدينية، إنما لقصور في الرؤية الشمولية حافظت الدولة على ظلها المدني على كل الأقليات الدينية من مسيحية إلى يهودية إلى بهائية إلى بهرة بشكل يعد نموذجاً يحتذى حتى لأعرق الدول الديمقراطية التي عجزت عن خلق بيئة تسامحية كهذه للأقليات الدينية كالتي تتمتع بها في البحرين، سحبت ذلك الظل عن الأقليات الشيعية المضطهدة من قبل الغالبية الشيعية وتركتهم نهباً للإرهاب والاضطهاد من قبل جماعتهم، ربما لرغبة من النظام السياسي بإبداء حسن النية أو لبعث رسائل اطمئنان بأن النظام لا يتدخل في الخصوصية المذهبية الشيعية، إنما كان ذلك القرار أخطر ما واجه الدولة المدنية وضربها في مقتل. ولم يكتفِ النظام إنما قام بارتكاب خطأ تكتيكي شنيع حين منح لتلك الجماعة تشكيل أول حزب سياسي ليتلوث العمل السياسي منذ اللحظة الأولى لتشينه بالطائفية الحزبية، ولم يكتفِ النظام بهذا الخطأ إنما تحالف مع الأصولية السنية في انتخابات الفصلين التشريعيين الأولين مما حفز الاستقطاب والتخندق الطائفي عند الطرفين السني والشيعي والنتيجة كانت هيمنة الأصولية الشيعية وتمدد نفوذها من خلال تغاضي الدولة عن إرهابها وعنفها حتى على مخالفيهم من الشيعة، وتمدد نفوذ الأصولية السنية عن طريق التحالف معهم، إنما سرعان ما تدارك النظام ذلك الخطأ فتخلى عن التحالف مع الأصولية السنية دون أن تكون له رؤية للحد من مخاطر الأصولية الشيعية. في 2011 كشرت الأصولية الشيعية عن كل أدوات الإرهاب والعنف ضد المجتمع البحريني ككل وتحالفت الشيرازية والإمامية بكامل أجنحتها وشهد المجتمع البحريني «السنة تحديداً» وجهاً إرهابياً شيعياً لم يشهده طوال تاريخه في التعايش السني والشيعي، إذ ظل هذا الوجه داخل القرى فحسب بين الشيعة بعضهم بعضاً، لكن الأحداث الأخيرة والاعتقاد بأن أوان التقية قد ولى بحصول هذه الجماعة على دعم دولي ودعم إيراني جعلها تخلع كل تلك الأقنعة وتمارس العنف علناً وبحماية ورعاية مرجعية فقهية قادت القتال الميداني في شوارع البحرين عبر القنوات الفضائية العراقية والإيرانية. المفارقة أن قيادة مملكة البحرين وهي القيادة والحكم الذي امتد لأكثر من مائتي عام أنشأ خلالها الدولة المدنية المنفتحة والتي يتمتع أفرادها بأجواء التسامح الديني وأجواء الحريات المدنية على مدى قرنين من الزمان، قيادة هذه اللؤلؤة الخليجية التي تشهد استقطاب المقيمين في كل الدول الخليجية لها عجزت عن الترويج لأسسها المدنية في حين نجحت أكثر الجماعات ثيروقراطية أن تروج «لمدنيتها» الزائفة!
وبقليل من الجل وتدريب على اللكنة الإنجليزية وبكثير من التمويل وشبكات العلاقات العامة بربط المصالح المشتركة مع مخططات دولية حولت الماكينة الإعلامية الغربية هذه الثيوقراطية المتشددة الغارقة في اللاهوتية أصحاب عمائم الولائية الفقهية بفرعيها «الفقيه والفقهاء» ومعهم الشيرازيون الذين خطفوا الطائرات والذين فجروا أنابيب النفط في الكويت والذين يضطهدون الأقليات الشيعية والسنة ويضطهدون المرأة ويقمعون الحريات الدينية، تحولوا إلى رعاة للمدنية؟ كيف؟
الجواب تمثل في رد فعل ستيفاني حين سألتها هذا السؤال وصورة 4 عمائم وفاقية ظهرت على الشاشة فكان الجواب وجوماً وتلعثماً وحاجبين وصلا إلى سقف الغرفة!. الأصولية الشيعية نمت في أحضان البحرين وترعرعت وتمكنت حتى تبنتها المصالح الأمريكية لتحقيق أغراضها فاكتملت الحلقة.
السؤال كيف نحمي البحرين من الأصولية الدينية شيعية كانت أم سنية حتى لا تستعيد البحرين عافيتها من جديد فحسب، بل تستعيد سيادتها التي خرقتها تلك الأصولية وعاثت فيها فساداً.