الكارثة العظمى حينما تفتقد «الأساسات» المهمة لقيام أي منظومة إلى تطبيق واقعي وفعلي لها على الأرض، فإنها تتحول إلى شيء يوصف بـ «الديكور»!
المواطن البحريني أصابته «التخمة»، لا من الطعام، بل من الشعارات «الديكورية» التي تردد كل يوم، التي يجدها في كل تصريح وعلى لسان كل شخص، شعارات لا طعم لها ولا رائحة ولا لون، لأنه لا وجود لها أصلاً!
خذوا هذا المثال، أتذكرون حينما أطلقت «الرؤية الاقتصادية 2030» التي لا نعرف «ما هي أخبارها اليوم»؟! كل تصريح كان ينشر في الصحافة سواء على لسان مسؤول كبير أو صغير لابد أن تجد إقحاما بـ «الغصب» للرؤية. كل شيء أصبح متوافقاً مع «الرؤية» وبحسب «الرؤية» ومع «الرؤية»، حتى في رمضان لم أصدم حينما رأيت إعلاناً على التلفزيون الرسمي لإحدى حملات العمرة يقول إن هذه الحملة لأداء العمرة متوافقة مع «الرؤية الاقتصادية»!!!!
الناس بات «ينرفزها» الاستماع لمزيد من الشعارات الكلامية التي لا تطبيق ملموس لها على أرض الواقع.
خذوا شعار «دولة المؤسسات والقانون»! هذا الشعار الذي يدل على الحزم والصرامة في تطبيق القانون دون تهاون أو إخلال أو مواربة، يشعرك بأن من يريد اللعب بـ «ذيله» في هذا البلد سيقطع دابره لا محالة بالقانون ولا شيء غيره.
لكن للأسف، هذا الشعار أصبح جملة تضاف لكل التصريحات، أصبح استخدامه في سياق الكلام مثل «المحسنات البديعية»، بدونه يختل اتزان الكلمات، وبدونه لا يمكن التأثير على الناس وإدخالهم «الجو» المطلوب بأن هذه الدولة قائمة على القانون واللوائح والأنظمة التي تطبق بـ«المللي»!
الواقع يقول إن لدينا «بلاوي زرقة» ومع ذلك مازلنا نستمع لشعار «دولة مؤسسات وقانون»!
طيب أين القانون وإجراءات المؤسسات باختلافها وعلى رأسها التشريعية على الأرض حتى نصدق هذا الشعار؟!
حينما يقول القانون المنظم لعمل الجمعيات إنه يحظر عليها التواصل مع أنظمة أجنبية، نرى جمعيات «تجوب» العالم لا للالتقاء بجمعيات أخرى موازية، بل بأنظمة دول وتتحدث معها في الشأن المحلي، بل تطلب منها التدخل في الشؤون الداخلية! هنا أين دولة المؤسسات والقانون؟!
حينما يجرم القانون التحريض على الدولة وأعمال التخريب والإرهاب واستهداف الأبرياء، وتكون العقوبات المغلظة واضحة في ذلك، نرى في المقابل تخفيفاً للأحكام وتباطؤاً في إحقاق الحق وتطبيق العدالة. طبقوا القانون بإنصاف وعدالة وأبعدوه عن الضغوط الخارجية، بعدها سنقتنع بشعار «دولة مؤسسات وقانون»!
حينما نرفع شعارات محاربة الفساد، وتضع وزارة الداخلية خطاً ساخناً لتلقي المكالمات للتبليغ بشأن الفساد، وينشأ ديوان رقابة يصدر تقريراً سنوياً دسماً يضم كوارث ومصائب تثبت حالات الفساد، ويوجد لدينا برلمان «خطير» أعضاؤه يتوعدون بتطيير الوزراء مثل «الطائرات الورقية»، ومع ذلك لا نجد محاسبة لمفسد واحد، ولا إقالة لوزير، ولا استردادا للمال العام. أين تطبيق شعار «دولة المؤسسات والقانون»؟!
حينما نرى سارق ثلاث كنارات يسجن ويغرم، وبائع حشيش بعشرين دينار يسجن سبع سنوات، في مقابلهم «لاهفو» المال العام طلقاء بل يزدادون غنى وتخمة، ونرى السعي لتبرئة الإرهابيين والقتلة، ونرى الجريمة تتحور لتصبح تعبيراً سلمياً عن الرأي، أتريدوننا أن «نرقص فرحاً» لسماع شعار «دولة المؤسسات والقانون»؟!
لن أواصل في ذكر الأمثلة حتى لا أسبب للقارئ مزيداً من الضيق، وحتى لا يزعل المعنيون أكثر فيبدؤون بتطبيق شعار «دولة المؤسسات والقانون» علينا بتهمة القذف والتشهير وتحريض الناس على الدولة!
الواقع يقول إن هذا لا يمكن أن يحصل وإلا لحصل لمن قاموا بأشنع الأعمال والجرائم من تحريض على الدولة والسعي للانقلاب عليها، وقتل الشرطة واستهداف الآخرين! لكن رغم ذلك، لا أضمن تطبيقه علينا كإثبات على حقيقة وجوده، إذ لطالما كان تطبيقه علينا أسهل بكثير!
اسمحوا لي، لن أصدق أنها دولة مؤسسات وقانون إلا حينما أرى رأي العين بأن القانون والأنظمة المعنية بالمؤسسات تطبق بحذافيرها وعلى الجميع كائناً من كان!
حتى ذلك الحين تتأكد لنا «غيبوبة» القانون في دولة المؤسسات والقانون!
{{ article.visit_count }}
المواطن البحريني أصابته «التخمة»، لا من الطعام، بل من الشعارات «الديكورية» التي تردد كل يوم، التي يجدها في كل تصريح وعلى لسان كل شخص، شعارات لا طعم لها ولا رائحة ولا لون، لأنه لا وجود لها أصلاً!
خذوا هذا المثال، أتذكرون حينما أطلقت «الرؤية الاقتصادية 2030» التي لا نعرف «ما هي أخبارها اليوم»؟! كل تصريح كان ينشر في الصحافة سواء على لسان مسؤول كبير أو صغير لابد أن تجد إقحاما بـ «الغصب» للرؤية. كل شيء أصبح متوافقاً مع «الرؤية» وبحسب «الرؤية» ومع «الرؤية»، حتى في رمضان لم أصدم حينما رأيت إعلاناً على التلفزيون الرسمي لإحدى حملات العمرة يقول إن هذه الحملة لأداء العمرة متوافقة مع «الرؤية الاقتصادية»!!!!
الناس بات «ينرفزها» الاستماع لمزيد من الشعارات الكلامية التي لا تطبيق ملموس لها على أرض الواقع.
خذوا شعار «دولة المؤسسات والقانون»! هذا الشعار الذي يدل على الحزم والصرامة في تطبيق القانون دون تهاون أو إخلال أو مواربة، يشعرك بأن من يريد اللعب بـ «ذيله» في هذا البلد سيقطع دابره لا محالة بالقانون ولا شيء غيره.
لكن للأسف، هذا الشعار أصبح جملة تضاف لكل التصريحات، أصبح استخدامه في سياق الكلام مثل «المحسنات البديعية»، بدونه يختل اتزان الكلمات، وبدونه لا يمكن التأثير على الناس وإدخالهم «الجو» المطلوب بأن هذه الدولة قائمة على القانون واللوائح والأنظمة التي تطبق بـ«المللي»!
الواقع يقول إن لدينا «بلاوي زرقة» ومع ذلك مازلنا نستمع لشعار «دولة مؤسسات وقانون»!
طيب أين القانون وإجراءات المؤسسات باختلافها وعلى رأسها التشريعية على الأرض حتى نصدق هذا الشعار؟!
حينما يقول القانون المنظم لعمل الجمعيات إنه يحظر عليها التواصل مع أنظمة أجنبية، نرى جمعيات «تجوب» العالم لا للالتقاء بجمعيات أخرى موازية، بل بأنظمة دول وتتحدث معها في الشأن المحلي، بل تطلب منها التدخل في الشؤون الداخلية! هنا أين دولة المؤسسات والقانون؟!
حينما يجرم القانون التحريض على الدولة وأعمال التخريب والإرهاب واستهداف الأبرياء، وتكون العقوبات المغلظة واضحة في ذلك، نرى في المقابل تخفيفاً للأحكام وتباطؤاً في إحقاق الحق وتطبيق العدالة. طبقوا القانون بإنصاف وعدالة وأبعدوه عن الضغوط الخارجية، بعدها سنقتنع بشعار «دولة مؤسسات وقانون»!
حينما نرفع شعارات محاربة الفساد، وتضع وزارة الداخلية خطاً ساخناً لتلقي المكالمات للتبليغ بشأن الفساد، وينشأ ديوان رقابة يصدر تقريراً سنوياً دسماً يضم كوارث ومصائب تثبت حالات الفساد، ويوجد لدينا برلمان «خطير» أعضاؤه يتوعدون بتطيير الوزراء مثل «الطائرات الورقية»، ومع ذلك لا نجد محاسبة لمفسد واحد، ولا إقالة لوزير، ولا استردادا للمال العام. أين تطبيق شعار «دولة المؤسسات والقانون»؟!
حينما نرى سارق ثلاث كنارات يسجن ويغرم، وبائع حشيش بعشرين دينار يسجن سبع سنوات، في مقابلهم «لاهفو» المال العام طلقاء بل يزدادون غنى وتخمة، ونرى السعي لتبرئة الإرهابيين والقتلة، ونرى الجريمة تتحور لتصبح تعبيراً سلمياً عن الرأي، أتريدوننا أن «نرقص فرحاً» لسماع شعار «دولة المؤسسات والقانون»؟!
لن أواصل في ذكر الأمثلة حتى لا أسبب للقارئ مزيداً من الضيق، وحتى لا يزعل المعنيون أكثر فيبدؤون بتطبيق شعار «دولة المؤسسات والقانون» علينا بتهمة القذف والتشهير وتحريض الناس على الدولة!
الواقع يقول إن هذا لا يمكن أن يحصل وإلا لحصل لمن قاموا بأشنع الأعمال والجرائم من تحريض على الدولة والسعي للانقلاب عليها، وقتل الشرطة واستهداف الآخرين! لكن رغم ذلك، لا أضمن تطبيقه علينا كإثبات على حقيقة وجوده، إذ لطالما كان تطبيقه علينا أسهل بكثير!
اسمحوا لي، لن أصدق أنها دولة مؤسسات وقانون إلا حينما أرى رأي العين بأن القانون والأنظمة المعنية بالمؤسسات تطبق بحذافيرها وعلى الجميع كائناً من كان!
حتى ذلك الحين تتأكد لنا «غيبوبة» القانون في دولة المؤسسات والقانون!