بالأمس عشنا عيدين رائعين، لكل منهما نكهته الخاصة، وطعمه المتميز، لكل منهما ضوء يمتد إلى الآخر، ويتداخل فيه، ويخرج منه إليه، لكل منهما روح تتوهج، كما تتوهج الأرواح المبتسمة في القلب والكبد والرئتين، وتنتقل إلى العينين.
ففيما تحتفل البحرين، حاكماً ومحكوماً، قيادة وشعباً، بحراً وبراً، بعيد الميثاق، الذي دفع بهذه الأرض المعطاء خطوات للأمام، وحولها إلى إحدى أهم الدول الديمقراطية في العالم، ووضع لها الدستور، وفتح المجال واسعاً أمام الأحزاب السياسية لتكون جمعياتها الخاصة، وأطلق العنان للاتحادات العمالية والنقابية، وفتح الباب أمام الجمعيات النسائية، لتطرح نفسها كمشاركة في صناعة القرار السياسي.
أقول فيما البحرين تعيش أجواء الحياة السياسية المترعة بالجد والمغايرة والاختلاف، يحتفل العالم كله، في 14 فبراير، بعيد الحب العالمي، أو يوم “الفالنتاين”، الذي يعني إشاعة مفهوم أقوى العلاقات الإنسانية بين الرجل والمرأة، أو الشاب والفتاة، لينشر ذبذبات التوافق والانسجام بين الإنسان والإنسان، وبين الإنسان والطبيعة، بكل ما فيها من علاقات توازن، والذي يعني العلاقة الفطرية كما خلقها الله، في كل مكان من عالمنا المعاصر، أو العالم الذي نعيشه الآن، أفراداً وجماعات، وقبائل، وشعوباً.
وعيد الحب أو كما يعرف بعيد العشاق أو “يوم القديس فالنتاين” كما تؤكد كل الكتابات التي تكلمت عنه، هو مناسبة يحتفل بها الكثير من الناس في كل أنحاء العالم، في الرابع عشر من فبراير من كل عام. وبالأخص في البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية، وأصبح هذا اليوم تحتفل به جميع دول العالم المتحضرة تقريباً، ولو بصورة رمزية وغير رسمية، يعتبر هذا هو اليوم التقليدي الذي يعبر فيه المحبون عن حبهم لبعضهم البعض عن طريق إرسال بطاقات عيد الحب، أو إهداء الزهور أو الحلوى لأحبائهم، وتحمل العطلة اسم اثنين من “الشهداء” المتعددين للمسيحية في بداية ظهورها، واللذين كانا يحملان اسم “فالنتاين”. بعد ذلك، أصبح هذا اليوم مرتبطاً بمفهوم الحب الرومانسي الذي أبدع في التعبير عنه الأديب الإنجليزي جيفري تشوسر في أوج العصور الوسطى التي ازدهر فيها الحب الغزلي. ويرتبط هذا اليوم أشد الارتباط بتبادل رسائل الحب الموجزة التي تأخذ شكل “بطاقات عيد الحب”. وتتضمن رموز الاحتفال بعيد الحب في العصر الحديث رسومات على شكل قلب وطيور الحمام، و”كيوبيد” ملاك الحب ذي الجناحين. ومنذ القرن التاسع عشر، تراجعت الرسائل المكتوبة بخط اليد لتحل محلها بطاقات المعايدة التي يتم طرحها بأعداد كبيرة.
وترى “ويكيبيديا”، الموسوعة الحرة أن تبادل بطاقات عيد الحب في بريطانيا العظمى في القرن التاسع عشر إحدى الصيحات التي انتشرت آنذاك. أما في عام 1847، فقد بدأت استر هاولاند نشاطاً تجارياً ناجحاً في منزلها الموجود في مدينة ووستر في ولاية ماساشوسيتس، فقد صممت بطاقات لعيد الحب مستوحاة من نماذج إنجليزية للبطاقات. كان انتشار بطاقات عيد الحب في القرن التاسع عشر في أمريكا -التي أصبحت فيها الآن بطاقات عيد الحب مجرد بطاقات للمعايدة وليست تصريحاً بالحب- مؤشراً لما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية بعد ذلك عندما بدأ تحويل مثل هذه المناسبة إلى نشاط تجاري يمكن التربح من خلاله.
إن يوم 14 فبراير، هو يوم وطني في البحرين، ويوم كوني في العالم، وارتباط ميثاقنا، كوثيقة وعهد بين الحاكم والشعب، بهذا اليوم الكوني والعالمي بامتياز، هو ارتباطنا بالمحبة بين جميع الطوائف والأطياف والديانات واللغات والأجناس.
14 فبراير يوم محبة ويوم عطاء ويوم تسامح، إنه لا يتوقف بنهاية يوم أمس، إنه يتمدد إلى كل الجهات، ويتفرع ليشكل فراغات الأرض والسماء، ويعلو ليحاور السحب ويجاور الكواكب.
14 فبراير له أن يزهو بزغاريده التي تلامس جميع القلوب التي لا تعرف غير الحب والعشق الوطني والكوني.