لو توجد إحصائية دقيقة للمرات التي تضمنت فيها تصريحات قادة التحريض ومخططي الانقلاب وداعمي الإرهاب لمطلب «الحوار» لهالنا الرقم، إذ بعد فشل المخطط الانقلابي، وبعد انتهاء حالة السلامة الوطنية كان لسانهم دائماً ينطق بكلمة «الحوار».
اليوم «الحوار» قدم لهم من جديد، فماذا كانت ردة فعلهم إزاءه؟!
من وجوههم التي نراها في الجلسات، ومن محياهم خلال التصريحات التي تؤخذ معهم، يتضح جلياً أن هؤلاء لا يهمهم حوار ولا شيء آخر، هؤلاء لا يعترفون بالآخرين، يريدون تفصيل الدولة حسبما يريدون، عفواً أقصد حسبما يريد «الولي الفقيه» الذي يمثلونه في الحوار.
بالأمس تكون الجلسة السادسة لاستكمال الحوار في المحور السياسي قد انتهت، ونكتب هذه السطور دون أن نعرف ما توصل إليه المتحاورون، والذين نشك أنه سيخرج عن شيء غير مناقشة «آليات» الحوار، أو كما قال وزير العدل عدم الدخول في «صلب الموضوع».
مسألة تمثيل الملك أصبحت شماعة يعلقون عليها كل شيء، هم لا يعترفون بمن يجلس معهم على الطاولة باعتبارهم شركاء في الوطن، سواء أهل الفاتح، أو غيركم من مواطنين، بل هم يريدون «التفاوض»، ويريدونه مع جلالة الملك مباشرة، لأن قناعتهم تتمثل بأنهم يفاوضون «احتلالاً» وأنه «حوارهم» معه يجب أن يكون قائماً على «التنازلات».
هم لا يريدون الآخرين، لأنهم يمثلون لهم «إعاقة» لتحقيق هدفهم الذي بات واضحاً، التفاوض والجلوس وجهاً لوجه مع النظام، وهذا إن حصل وقبلت به الدولة لن يجر غضب الناس على الانقلابيين فحسب، لكن على الدولة نفسها إن قبلت بأن «يختزل» الشعب في جمعيات لا تقوى على إصدار حرف إدانة بحق جرائم الإرهاب والعنف التي تقض مضاجع الناس وتلعب باستقرار البلاد.
التكتيك تغير اليوم من «انسحاب» صريح من الحوار مثلما فعلوا في السابق، حتى لا يقال عنهم بأنهم الذين «أفشلوا» مساعي الإصلاح السياسي وعرقلوا العمل باتجاهه، بل التكتيك الآن بـ»المماطلة» و»تمديد» السقف الزمني للحوار، واختراع الأسباب التي بموجبها يتأخرون عن الدخول في «صلب الموضوع».
كلام وزير العدل في مجلس النواب بشأن هذه الأساليب الساعية لتعطيل الحوار وتجميد عجلته، هل يعني بأن الدولة بدأ صبرها ينفد على هؤلاء الذين باتوا يلعبون بمقدرات هذا الوطن وبأمنه وأمن أهله ومستقبل الأجيال القادمة؟!
قلناها وكررناها سابقاً ألف مرة، أي حوار يرتجى مع فئات مازالت تمارس حرق البلد، ومازالت تخون من يختلف معها وتصف رجال الأمن بـ»المرتزقة» والمخلصين من أبناء الشعب بـ»المأجورين»؟!
يكفي يا دولة ما يحصل، الناس تريد أن تمضي بحياتها، البلد تحتاج لأن تتحرك خطوات للأمام لتعوض ما خسرته على جميع الأصعدة، وطول البال مع من يطعن البلد كل يوم لن يسفر إلا عن مزيد من النزيف هنا.
جربتم كل شيء معهم، حسن النوايا قوبل بالنكران، مثلما قوبلت كل عمليات الإصلاح التي أنكروها في لحظة، ومن وجوههم وسيماهم ندرك تماماً أن مصلحة هذا البلد وأهله لا تهمهم أمام أهدافهم هم، وأمام ما يريده «الولي الفقيه» وسيده خامنئي إيران.
هؤلاء لا يعترفون بالقانون، وعليه التعامل الوحيد معهم يجب أن يكون بالقانون، وليأخذ كل ذي حق حقه.