أظن أن على جمعية «الوفاق» أن تغير طاقم مستشاريها، إن كان لها مستشارون، ذلك أن زيارة «الوفاق» الأخيرة لروسيا كانت سقطة لا يقع فيها إلا من يعيش في قمقم معزول، أو من لا يعنيه أثر الزيارة ودلالتها في سياق الأحداث التي تمر بها المنطقة، والغريب أن «الوفاق» مهجوسة بصورتها في الخارج وتحالفاتها الخارجية لدرجة أنها غامرت بوضعها الداخلي، وهي الآن تغامر بصورتها لدى بعض الأطراف الخارجية أيضاً!!
المعارضة البحرينية تلجأ لروسيا كي تمارس ضغطاً على الحكومة البحرينية من أجل الرضوخ والاستجابة لمطالب المعارضة!! من هي روسيا؟، إنها الدولة التي تدعم النظام السوري برغم كل ما يمارسه من قمع وما يقترفه من مجازر في شعبه، هكذا سينظر العالم إلى «الوفاق»، وخصوصاً العالم العربي الذي ينزف أسفاً لما يجري في سوريا، فلم يعد خافياً على أحد أن نظام بشار الأسد ما كان ليصمد هذه السنوات لولا الدعم الإيراني والروسي العسكري والسياسي.
كيف رسمت «الوفاق» تحالفاتها الخارجية؟
بدأت بإيران ونظام «حزب الدعوة» في العراق و»حزب الله» اللبناني وامتد الأمر لبريطانيا وأمريكا وبعض المنظمات الدولية وانتهت بروسيا. ماذا تمثل تلك القوى؟ القوى العربية تمثل تكتلاً طائفياً إقصائياً ملطخة أياديه بدماء أشقائه في الوطن، ودول الغرب لا تعقد الصفقات إلا بعد وضعها على ميزان المصالح، والمنظمات الحقوقية لا تخلو من تسييس وسعي خلف المصالح، وروسيا حالياً تمثل غطاء داعماً للنظام السوري الدموي، أما إيران فتعيث فساداً في أكثر من بلد عربي آخرها اليمن التي صارت تكشف أسبوعياً عن سفن إيرانية تهرب أسلحة للحراك الجنوبي الذي يخطط للانفصال واستعادة دولة الجنوب المستقلة، ويعمل حالياً على حمل السلاح في وجه حكومة اليمن الانتقالية، كي يفرض الانفصال بقوة السلاح «القادم من إيران»!!
كان على «الوفاق» أن تقرأ المشهد العربي المحيط بها بدقة وحصافة، وأن تضع على طاولتها وهي تخطط لتحركاتها الحالية والقادمة مجموعة من المعطيات المستجدة على الساحة، منها أن «الثورات» العربية التي أفضت إلى وصول الأحزاب الإسلامية إلى سدة الحكم «بالصندوق»، تعيد قراءة فكر الجماعات الإسلامية، وتعيد النتائج السلبية التي ترتبت علة حكم الإسلاميين في مجال الديمقراطية، ومفاهيم الحريات العامة والشراكة والتعددية وحقوق الأقليات، وتقارن تلك النتائج بطبيعة البنية التربوية لأعضاء الأحزاب الإسلامية، وبسلوكها القديم وبمحتوى أدبياتها، فلا يتصور الشيخ علي سلمان أنه حين يسافر دول العالم خالعاً العمامة أن الآخرين لا يعرفون خلفيته الدينية ولا مرجعيته المذهبية، وأن ارتباطه بالولاء أو الانتماء لولاية الفقيه، التي صارت أشهر من نار على علم، لن يكون على طاولة الأطراف التي يجلس معها أو يطلب تحالفها أو يطمع في دعمها!!
ولقد كشفت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى مصر مؤخراً عن موقف الشعوب العربية من سلوك إيران السياسي في المنطقة، فبرغم الترحيب المصري الحكومي «الذي كان يماحك دول الخليج بالدرجة الأولى»، إلا أن الشعب المصري استقبل زيارة نجاد للعتبات المقدسة المصرية بغضب، بسبب الدعم الإيراني لنظام بشار الأسد، وبقلق وتخوف من فتح الباب للتغلغل الإيراني للعبث باستقرار مصر إذا تمكنت إيران من خلق مرجعيات دينية تابعة لها تربطها بولاية الفقيه وعلي خامنئي، وقد عبر شيخ الأزهر عن ما يجول في خاطر المسلمين السنة حين طالب الرئيس الإيراني بإصدار قرار لمنع سب الصحابة وزوجات الرسول، وعدم التدخل في شؤون البحرين، والتوقف عن دعم النظام السوري، وإعطاء الإيرانيين السنة وشعب الأحواز حقوقهم المتكافئة مع باقي الشعب، وهذا تطور يدل أن مفاهيم جديدة، ومعايير مختلفة صار لها وجاهتها في العلاقات الخارجية، لم تلتفت لها «الوفاق» ولا أظنها ـ بحكم تكوينها ـ قادرة على التأقلم معها.
هذه هي الصورة لدول التحالف الوفاقي، ففي الوقت الذي انكشفت فيه أهداف المشروع الإيراني، وانتهى مشروع المقاومة لـ «حزب الله» إلى حراسة حدود الصهاينة ـ حسب تعبير القيادي السابق في «حزب الله» الشيخ صبحي الطفيلي، وأخذ العرب يسحبون تأييد تعاطفهم مع إيران و»حزب الله»، فضلاً عن رفضهم للمشروع الطائفي في العراق، تتجه «الوفاق» إلى الروس الذين عادوا إلى المنطقة بمشروع برجماتي جديد لا يختلف عن مشروح حلف الأطلسي «الناتو». قد يكون مستشار «الوفاق» اجتهد وتفتق فكره النير على أن روسيا هي القوة الصاعدة الجديدة في المنطقة التي تبحث عن دور قد يؤدي إلى إحداث توازن مع دور أمريكا وأوروبا، التي ستشكل حلفاً جديداً يمتد من الصين إلى إيران ثم روسيا، وأن روسيا هي طريق «الوفاق» لمجلس الأمن ولتدويل قضية البحرين!! ولكن، إن كان هذا أصل الحسبة، فهي تدل على حسابات برغماتية متجردة من أية حسابات أخلاقية أو وطنية ومن أي نظرة بعيدة لمستقبل المنطقة التي تجاوز وعيها الاحتماء بالتحالفات الخارجية ذات المصالح الاستعمارية إلى بناء التحالفات الداخلية والإقليمية المماثلة لها في المشروع الوطني .
البئر الروسي الذي سقطت فيه «الوفاق» يضم في غياباته إيران وسوريا و«حزب الله» و«حزب الدعوة» العراقي، وبعد أن كان الراعي الإعلامي واللوجستي لـ «الوفاق» هي إيران، والراعي العسكري، في مسائل التدريب، هما «حزب الله» اللبناني، و«حزب الدعوة» العراقي، تبحث «الوفاق»، اليوم، عن راعٍ دولي أقل ذكاء من دول حلف الأطلسي «الناتو»، وأكثر فجاجة في التعامل مع المنطقة، ألا وهو روسيا.
{{ article.visit_count }}
المعارضة البحرينية تلجأ لروسيا كي تمارس ضغطاً على الحكومة البحرينية من أجل الرضوخ والاستجابة لمطالب المعارضة!! من هي روسيا؟، إنها الدولة التي تدعم النظام السوري برغم كل ما يمارسه من قمع وما يقترفه من مجازر في شعبه، هكذا سينظر العالم إلى «الوفاق»، وخصوصاً العالم العربي الذي ينزف أسفاً لما يجري في سوريا، فلم يعد خافياً على أحد أن نظام بشار الأسد ما كان ليصمد هذه السنوات لولا الدعم الإيراني والروسي العسكري والسياسي.
كيف رسمت «الوفاق» تحالفاتها الخارجية؟
بدأت بإيران ونظام «حزب الدعوة» في العراق و»حزب الله» اللبناني وامتد الأمر لبريطانيا وأمريكا وبعض المنظمات الدولية وانتهت بروسيا. ماذا تمثل تلك القوى؟ القوى العربية تمثل تكتلاً طائفياً إقصائياً ملطخة أياديه بدماء أشقائه في الوطن، ودول الغرب لا تعقد الصفقات إلا بعد وضعها على ميزان المصالح، والمنظمات الحقوقية لا تخلو من تسييس وسعي خلف المصالح، وروسيا حالياً تمثل غطاء داعماً للنظام السوري الدموي، أما إيران فتعيث فساداً في أكثر من بلد عربي آخرها اليمن التي صارت تكشف أسبوعياً عن سفن إيرانية تهرب أسلحة للحراك الجنوبي الذي يخطط للانفصال واستعادة دولة الجنوب المستقلة، ويعمل حالياً على حمل السلاح في وجه حكومة اليمن الانتقالية، كي يفرض الانفصال بقوة السلاح «القادم من إيران»!!
كان على «الوفاق» أن تقرأ المشهد العربي المحيط بها بدقة وحصافة، وأن تضع على طاولتها وهي تخطط لتحركاتها الحالية والقادمة مجموعة من المعطيات المستجدة على الساحة، منها أن «الثورات» العربية التي أفضت إلى وصول الأحزاب الإسلامية إلى سدة الحكم «بالصندوق»، تعيد قراءة فكر الجماعات الإسلامية، وتعيد النتائج السلبية التي ترتبت علة حكم الإسلاميين في مجال الديمقراطية، ومفاهيم الحريات العامة والشراكة والتعددية وحقوق الأقليات، وتقارن تلك النتائج بطبيعة البنية التربوية لأعضاء الأحزاب الإسلامية، وبسلوكها القديم وبمحتوى أدبياتها، فلا يتصور الشيخ علي سلمان أنه حين يسافر دول العالم خالعاً العمامة أن الآخرين لا يعرفون خلفيته الدينية ولا مرجعيته المذهبية، وأن ارتباطه بالولاء أو الانتماء لولاية الفقيه، التي صارت أشهر من نار على علم، لن يكون على طاولة الأطراف التي يجلس معها أو يطلب تحالفها أو يطمع في دعمها!!
ولقد كشفت زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى مصر مؤخراً عن موقف الشعوب العربية من سلوك إيران السياسي في المنطقة، فبرغم الترحيب المصري الحكومي «الذي كان يماحك دول الخليج بالدرجة الأولى»، إلا أن الشعب المصري استقبل زيارة نجاد للعتبات المقدسة المصرية بغضب، بسبب الدعم الإيراني لنظام بشار الأسد، وبقلق وتخوف من فتح الباب للتغلغل الإيراني للعبث باستقرار مصر إذا تمكنت إيران من خلق مرجعيات دينية تابعة لها تربطها بولاية الفقيه وعلي خامنئي، وقد عبر شيخ الأزهر عن ما يجول في خاطر المسلمين السنة حين طالب الرئيس الإيراني بإصدار قرار لمنع سب الصحابة وزوجات الرسول، وعدم التدخل في شؤون البحرين، والتوقف عن دعم النظام السوري، وإعطاء الإيرانيين السنة وشعب الأحواز حقوقهم المتكافئة مع باقي الشعب، وهذا تطور يدل أن مفاهيم جديدة، ومعايير مختلفة صار لها وجاهتها في العلاقات الخارجية، لم تلتفت لها «الوفاق» ولا أظنها ـ بحكم تكوينها ـ قادرة على التأقلم معها.
هذه هي الصورة لدول التحالف الوفاقي، ففي الوقت الذي انكشفت فيه أهداف المشروع الإيراني، وانتهى مشروع المقاومة لـ «حزب الله» إلى حراسة حدود الصهاينة ـ حسب تعبير القيادي السابق في «حزب الله» الشيخ صبحي الطفيلي، وأخذ العرب يسحبون تأييد تعاطفهم مع إيران و»حزب الله»، فضلاً عن رفضهم للمشروع الطائفي في العراق، تتجه «الوفاق» إلى الروس الذين عادوا إلى المنطقة بمشروع برجماتي جديد لا يختلف عن مشروح حلف الأطلسي «الناتو». قد يكون مستشار «الوفاق» اجتهد وتفتق فكره النير على أن روسيا هي القوة الصاعدة الجديدة في المنطقة التي تبحث عن دور قد يؤدي إلى إحداث توازن مع دور أمريكا وأوروبا، التي ستشكل حلفاً جديداً يمتد من الصين إلى إيران ثم روسيا، وأن روسيا هي طريق «الوفاق» لمجلس الأمن ولتدويل قضية البحرين!! ولكن، إن كان هذا أصل الحسبة، فهي تدل على حسابات برغماتية متجردة من أية حسابات أخلاقية أو وطنية ومن أي نظرة بعيدة لمستقبل المنطقة التي تجاوز وعيها الاحتماء بالتحالفات الخارجية ذات المصالح الاستعمارية إلى بناء التحالفات الداخلية والإقليمية المماثلة لها في المشروع الوطني .
البئر الروسي الذي سقطت فيه «الوفاق» يضم في غياباته إيران وسوريا و«حزب الله» و«حزب الدعوة» العراقي، وبعد أن كان الراعي الإعلامي واللوجستي لـ «الوفاق» هي إيران، والراعي العسكري، في مسائل التدريب، هما «حزب الله» اللبناني، و«حزب الدعوة» العراقي، تبحث «الوفاق»، اليوم، عن راعٍ دولي أقل ذكاء من دول حلف الأطلسي «الناتو»، وأكثر فجاجة في التعامل مع المنطقة، ألا وهو روسيا.