يتردد حالياً أن عيسى قاسم الذي يتولى المؤسسة الدينية الشيعية منزعج جداً من الأجواء الإيجابية التي سادت الجلسة الأولى من استكمال المحور السياسي في حوار التوافق الوطني يوم الأحد الماضي، وهو ما دفعه لممارسة الضغوط على جمعية الوفاق التابعة له لعدم استكمال حضورها في جلسات الحوار المقبلة، وهو ما يفسر تباين التصريحات الصادرة عن ممثلي الجمعيات الست الراديكالية التي شاركت في الجلسة الأولى من الحوار.
قبل وبعد الجلسة الأولى من الحوار كانت التصريحات متفاوتة، فهناك من يؤكد حرص الجمعيات الست على مواصلة الحوار وجديتها فيه، وبالمقابل هناك من أعلن أن الجمعيات بصدد تقييم مواقفها للنظر في جدوى استكمال الحضور والمواصلة فيه.
والسؤال هنا، هل ستخضع الجمعيات الست الراديكالية لإرادة عيسى قاسم مرة أخرى فيما يتعلق باستكمال الحوار الوطني؟
عيسى قاسم قال في خطبة الجمعة الأخيرة الموافق لـ 8 فبراير الجاري بمسجد الإمام الصادق أن «الحوار مع السلطة بشروطها ووفق إرادتها حوار نتائجه محسومة لمصلحة السلطة». وبذلك أكد موقفه المتحفظ تجاه الحوار الوطني، فرؤيته تقوم على الإقصاء ونفي الآخر، إذ ينبغي أن يكون بين الحكومة والجمعيات الست الراديكالية فقط، وهو ما أشار إليه عندما قال في الخطبة نفسها: «لو كان هناك حوار حقيقي جاد، فإنما طرفاه هو السلطة وهذا الشارع العريض الذي لا يمكن أن يهمل، والتمثيل عنه لا يكون إلا بإرادته».
والنتيجة هنا أن الحوار بالنسبة إلى قاسم لا يمكن أن يكون إلا بمشاركة الطرفين «الحكومة والجمعيات الست الراديكالية»، وهذا ما يفسر سبب انزعاجه الشديد من الأجواء الإيجابية التي سادت الحوار في اليوم الأول منه، وممارسته للضغوط على الوفاق والجمعيات السياسية التابعة لها لعدم الاستمرار في الحوار.
أيضاً تجاهل عيسى قاسم الإرادة الشعبية عندما استنكر تمثيل 8 أعضاء يمثلون السلطة التشريعية رغم أنهم ممثلون للإرادة الشعبية سواءً عبر صناديق الاقتراع أو عبر التعيين المقر دستورياً، و8 أعضاء آخرين يمثلون ائتلاف الجمعيات السياسية وهي جمعيات لا تقل مكانة عن الجمعيات الست الراديكالية، فهو لا يعنيه تماماً تمثيل مختلف مكونات المجتمع بقدر اهتمامه بتمثيل مكوّن واحد فقط من المجتمع، وهي رؤية قائمة على الإقصاء والتمييز.
لنرجع قليلاً إلى المحاولة الأولى للحوار إبان الأزمة الأخيرة، وموقف ودور عيسى قاسم فيها، ففي تمام الساعة الواحدة من صباح يوم السبت الموافق لـ 12 مارس 2011 تمت الموافقة على عرض المذكرة الأولية للحوار الوطني على عيسى قاسم والتي رفضها، ودفع الوفاق والجمعيات السياسية الراديكالية لرفضها لاحقاً كما وثقها البرفيسور بسيوني في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق كما جاء في الفقرة رقم (464) من التقرير نفسه.
وأكدت حينها لجنة تقصي الحقائق في الفقرة رقم (672) «أنه لو كانت مبادرة سمو ولي العهد لإجراء حوار وطني آنذاك قد قبلت، كان سيفتح ذلك الباب لإدخال إصلاحات سياسية ودستورية في البحرين».
وعليه فإن النتيجة الطبيعية أن قرار المشاركة أو المقاطعة أو حتى الانسحاب والمواصلة ليس بيد الجمعيات السياسية الست الراديكالية، وإنما لدى المؤسسة الدينية الشيعية برئاسة عيسى قاسم. وليس غريباً أن يبدي انزعاجه مما حدث في اليوم الأول للحوار.
الاختبار الصعب الآن، هو الجمعيات الست التي دائماً ما يكون موقف عيسى قاسم من جهة وموقف واشنطن من محددات قرارها السياسي، الأول بسبب نفوذه الهائل على هذه الجمعيات رغم تباينها بين ثيوقراطية وليبرالية، والثانية بسبب ما تمثله من ثقل دولي يكون مؤشراً مهماً على إمكانية وفرص الدعم الدولي لقرارات الجمعيات الست الراديكالية.
المشهد الدولي مختلف تماماً الآن، ويختلف كذلك عن ذلك المشهد الذي كان سائداً في صيف 2011 عندما أطلق حوار التوافق الوطني للمرة الأولى. عواصم كثيرة أيدت ذلك الحوار، ولكنها لم تكن بذات الزخم الذي يؤيد الدولة البحرينية حالياً لاستكمال الحوار، ومعالجة تداعيات الأزمة داخلياً.
19 دولة في العالم أعلنت دعمها وتأييدها لدعوة جلالة الملك استكمال الحوار، ومن المهم عرضها هنا لمعرفة الاتجاهات الدولية بشأن الحوار الجاري، تشمل الدول المؤيدة: بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وألمانيا، وإسبانيا، وروسيا، والصين، والسعودية، والإمارات، وسلطنة عمان، وتايلند، وتركيا، والفلبين، والصين، ومصر، والمغرب، وقطر، والكويت، والأردن.
باختصار جميع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والتي تمتلك حق الفيتو دعمت البحرين في استكمال حوارها الوطني. بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة كبيرة من المنظمات الدولية دعمت الموقف نفسه، ومنها الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي.
من الواضح أن قراءة واشنطن للوضع السياسي في البحرين ترى أنه غير مواتٍ لمزيد من الأجندة السياسية كما حدث قبل نحو عامين، وبالتالي لابد من الحوار، وهي مسألة مازالت الجمعيات الست في مأزق للتعامل معها. كما إن واشنطن تدرك نفوذ عيسى قاسم على هذه الجمعيات، وليس متوقعاً أن تغير موقفها سريعاً، ولذلك، فإن الجمعيات الست المشاركة في الحوار بين مطرقة عيسى قاسم وسندان واشنطن، وجمهورها هو الضائع والخاسر طبعاً.
قبل وبعد الجلسة الأولى من الحوار كانت التصريحات متفاوتة، فهناك من يؤكد حرص الجمعيات الست على مواصلة الحوار وجديتها فيه، وبالمقابل هناك من أعلن أن الجمعيات بصدد تقييم مواقفها للنظر في جدوى استكمال الحضور والمواصلة فيه.
والسؤال هنا، هل ستخضع الجمعيات الست الراديكالية لإرادة عيسى قاسم مرة أخرى فيما يتعلق باستكمال الحوار الوطني؟
عيسى قاسم قال في خطبة الجمعة الأخيرة الموافق لـ 8 فبراير الجاري بمسجد الإمام الصادق أن «الحوار مع السلطة بشروطها ووفق إرادتها حوار نتائجه محسومة لمصلحة السلطة». وبذلك أكد موقفه المتحفظ تجاه الحوار الوطني، فرؤيته تقوم على الإقصاء ونفي الآخر، إذ ينبغي أن يكون بين الحكومة والجمعيات الست الراديكالية فقط، وهو ما أشار إليه عندما قال في الخطبة نفسها: «لو كان هناك حوار حقيقي جاد، فإنما طرفاه هو السلطة وهذا الشارع العريض الذي لا يمكن أن يهمل، والتمثيل عنه لا يكون إلا بإرادته».
والنتيجة هنا أن الحوار بالنسبة إلى قاسم لا يمكن أن يكون إلا بمشاركة الطرفين «الحكومة والجمعيات الست الراديكالية»، وهذا ما يفسر سبب انزعاجه الشديد من الأجواء الإيجابية التي سادت الحوار في اليوم الأول منه، وممارسته للضغوط على الوفاق والجمعيات السياسية التابعة لها لعدم الاستمرار في الحوار.
أيضاً تجاهل عيسى قاسم الإرادة الشعبية عندما استنكر تمثيل 8 أعضاء يمثلون السلطة التشريعية رغم أنهم ممثلون للإرادة الشعبية سواءً عبر صناديق الاقتراع أو عبر التعيين المقر دستورياً، و8 أعضاء آخرين يمثلون ائتلاف الجمعيات السياسية وهي جمعيات لا تقل مكانة عن الجمعيات الست الراديكالية، فهو لا يعنيه تماماً تمثيل مختلف مكونات المجتمع بقدر اهتمامه بتمثيل مكوّن واحد فقط من المجتمع، وهي رؤية قائمة على الإقصاء والتمييز.
لنرجع قليلاً إلى المحاولة الأولى للحوار إبان الأزمة الأخيرة، وموقف ودور عيسى قاسم فيها، ففي تمام الساعة الواحدة من صباح يوم السبت الموافق لـ 12 مارس 2011 تمت الموافقة على عرض المذكرة الأولية للحوار الوطني على عيسى قاسم والتي رفضها، ودفع الوفاق والجمعيات السياسية الراديكالية لرفضها لاحقاً كما وثقها البرفيسور بسيوني في تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق كما جاء في الفقرة رقم (464) من التقرير نفسه.
وأكدت حينها لجنة تقصي الحقائق في الفقرة رقم (672) «أنه لو كانت مبادرة سمو ولي العهد لإجراء حوار وطني آنذاك قد قبلت، كان سيفتح ذلك الباب لإدخال إصلاحات سياسية ودستورية في البحرين».
وعليه فإن النتيجة الطبيعية أن قرار المشاركة أو المقاطعة أو حتى الانسحاب والمواصلة ليس بيد الجمعيات السياسية الست الراديكالية، وإنما لدى المؤسسة الدينية الشيعية برئاسة عيسى قاسم. وليس غريباً أن يبدي انزعاجه مما حدث في اليوم الأول للحوار.
الاختبار الصعب الآن، هو الجمعيات الست التي دائماً ما يكون موقف عيسى قاسم من جهة وموقف واشنطن من محددات قرارها السياسي، الأول بسبب نفوذه الهائل على هذه الجمعيات رغم تباينها بين ثيوقراطية وليبرالية، والثانية بسبب ما تمثله من ثقل دولي يكون مؤشراً مهماً على إمكانية وفرص الدعم الدولي لقرارات الجمعيات الست الراديكالية.
المشهد الدولي مختلف تماماً الآن، ويختلف كذلك عن ذلك المشهد الذي كان سائداً في صيف 2011 عندما أطلق حوار التوافق الوطني للمرة الأولى. عواصم كثيرة أيدت ذلك الحوار، ولكنها لم تكن بذات الزخم الذي يؤيد الدولة البحرينية حالياً لاستكمال الحوار، ومعالجة تداعيات الأزمة داخلياً.
19 دولة في العالم أعلنت دعمها وتأييدها لدعوة جلالة الملك استكمال الحوار، ومن المهم عرضها هنا لمعرفة الاتجاهات الدولية بشأن الحوار الجاري، تشمل الدول المؤيدة: بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتحدة، وألمانيا، وإسبانيا، وروسيا، والصين، والسعودية، والإمارات، وسلطنة عمان، وتايلند، وتركيا، والفلبين، والصين، ومصر، والمغرب، وقطر، والكويت، والأردن.
باختصار جميع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن والتي تمتلك حق الفيتو دعمت البحرين في استكمال حوارها الوطني. بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعة كبيرة من المنظمات الدولية دعمت الموقف نفسه، ومنها الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي.
من الواضح أن قراءة واشنطن للوضع السياسي في البحرين ترى أنه غير مواتٍ لمزيد من الأجندة السياسية كما حدث قبل نحو عامين، وبالتالي لابد من الحوار، وهي مسألة مازالت الجمعيات الست في مأزق للتعامل معها. كما إن واشنطن تدرك نفوذ عيسى قاسم على هذه الجمعيات، وليس متوقعاً أن تغير موقفها سريعاً، ولذلك، فإن الجمعيات الست المشاركة في الحوار بين مطرقة عيسى قاسم وسندان واشنطن، وجمهورها هو الضائع والخاسر طبعاً.