هل نضحك أم نبكي فالخبر الذي تصدر صفحات الحوادث في صحفنا المحلية الأسبوع الماضي، حكمت المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة بتغريم آسيوي ديناراً واحداً بتهمة سرقة 3 كنارات سقطت على الأرض من شجرة في مزرعة في باربار، وجاء الحكم بعد أن قضى المتهم 22 يوماً في الحبس الاحتياطي،على ذمة هذه القضية، بعد أن رفض صاحب المزرعة التنازل عن الدعوى رغم تأكيد المتهم أنه التقط الكنارات من الأرض لأنه جائع ولا يمتلك في جيبه ديناراً.
النكتة المبكية أن صاحب المزرعة كان شاهد المسكين يلتقط الكنارات الساقطة على الأرض وقد اقتسمها هو وزميله « ريال طيب وقلبه على صديقه الجائع وكأنه يقتسم معه صحن مندي»، وبعد مطاردتهما لم يستطع صاحب المزرعة أن يمسك بـ«اللصين» الهاربين، لكن محفظة أحدهما سقطت من جيبه من خفتها كان بها هويته وهي التي دلت على شخصيته لترشد الشرطة لتقبض عليه وتحيله للنيابة.
أمام النيابة اتضح أنه قد حضر للبحرين منذ 25 يوماً قضاها كلها في البحر، والمسكين لم يتسلم راتبه من «المعزب» الذي أحضره وبذلك لا يستطيع شراء وجبة من ماكدونالدز يحارب بها الجوع ولا أدري ماهو دور «المعزب» في هذه الحالة، هل هو «كرف» العمال وتسريحهم في الشارع يبحثون عن لقمة العيش؟ هل هذا ضمن عقود العمل عندنا؟
أنا هنا أتساءل عن صاحب المزرعة الذي نصب الفخ للرجل الجائع وانتظره إلى أن التقط الكنارات ثم انقض عليه كالصقر على فريسته، وأنا واثق من تمثيلية صاحب المزرعة التي خلصت إلى أن البحرينيين أثرت بهم الأحداث الأخيرة، وأصبحوا مختلفين عما عرف عنهم سابقاً من التسامح، وإطعام الفقير والترحيب بالغريب و»الفزعة» التي تربينا عليها.
أنا لا ألوم صاحب المزرعة لكنه الزمن الرديءالذي بدا يطفو على السطح في نفوس الكثير من أهل الديرة، وأصر على المطالبة بسجن هذا الجائع، لكن الآخرين وين كانت ضمائرهم، وهل الحكم تم بناء على إحضار«خضارة» من السوق المركزي وسوق جدحفص ليثمنوا الكنارات، ويضعون أسعارهم في مغلفات مقفلة لاختيار الأقل سعراً والحكم به.
إنها لقضية تؤكد «أن شر البلية مايضحك» وهل قرار سجنه 22 يوماً كما قال الزميل عبدالمنعم إبراهيم في عاموده بصحيفة «أخبار الخليج» في عدد السبت الماضي «إنه قرار إنساني ليتم توفير 3 وجبات مضمونة للرجل مع الإقامة في مكان نظيف وبعيداً عن المطاردة، أم أنه علينا أن نعتذر له على أنها غلطة وسامحنا فيها وعليك أنت وأصدقاؤك الثقة أن أهل البحرين طيبون ويرحبون بك للعمل في برهم وبحرهم ولك كل التقدير والاحترام» وإلا ما رأي إخواننا في وزارة حقوق الإنسان، وما القرار الذي سيتخذ ضد الطيور التي تأكل كل يوم عشرات الكنارات وماذا سيكون الحكم على الكلاب التي تجوب المزارع لتقضي على الأخضر واليابس من الكنار وغيره، هل صاحب المزرعة يقبض عليها ويحرر محاضر ضدهم.
الزميل أنور عبدالرحمن يتحدث «عن أن الخبر أصابه بأقصى حالات الألم» نعم إنها لصدمة لمن اعتاد من أهل البحرين المحبة والتسامح، وأقول لمن حكم على الرجل بغرامة دينار إن كيلو الكنار بدينار فإذا كان الرجل أكل 3 كنارات كم بقي له من الكنارات ليستردها.
أظن من حقه أن يرفع قضية رد اعتبار لما تبقى له من الكنار.
القضية التي خلصت من هذا الحكم قد تكون أخطر مما قرأناه في الصحف فهي التي جردت الإنسان البحريني من قناع أظهر الكثير من ملامحه وبدت أكثر وضوحاً من ذي قبل لتأتي الثلاث كنارات لتكشف هذا الوجه الحقيقي لأهل البحرين اليوم بعد معاناة طويلة مع الأزمة التي لا ندري كيف الخلاص منها بعد أن قسمت الجسد إلى نصفين، فليس بالمستغرب أن يتعارك غداً بحريني مع جاره البحريني وهو ينتظر دوره في الخباز على خبز بمائة فلس أو صديق وصديقه عند القصاب على كيلو لحم أو أن يجرجر الوالد أبناءه لخلاف على مسلسل تليفزيوني أو أن يطلق زوجته أم عياله على حفل استقبال بالغت في مصاريفه ونسيت أن تعزم أهله.
إذا هل هو بداية انهيار جدار العائلة البحرينية المتسامحة الطيبة التي قد بدا جانب الشر يتغلب على الجانب الطيب والسوي في شخصيتها، أتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئاً ومتسرعاً في حكمي على قضية الثلاث كنارات وأن تكون بداية النهاية لجانب الشر في الشخصية البحرينية التي تربت على الفزعة والمحبة.
الرشفة الأخيرة
الصديق الشاعر علي الشرقاوي تفاعل مع الحادثة والرجل المسكين الذي أهينت كرامته وأنشد يقول:
وشصار في أقسى زمن وشصار
يوعان يأكل حبتين كنار
تجي النيابة تحبسه
عشرين يوم في ذل
ويطلعه حكم المحكمة
بغرامة هي دينار
العار في طول العمر
للي أحبسه
واللي احكمه
ومن غرمه
العار مايقرب أبد
للي أكل له كنار
النكتة المبكية أن صاحب المزرعة كان شاهد المسكين يلتقط الكنارات الساقطة على الأرض وقد اقتسمها هو وزميله « ريال طيب وقلبه على صديقه الجائع وكأنه يقتسم معه صحن مندي»، وبعد مطاردتهما لم يستطع صاحب المزرعة أن يمسك بـ«اللصين» الهاربين، لكن محفظة أحدهما سقطت من جيبه من خفتها كان بها هويته وهي التي دلت على شخصيته لترشد الشرطة لتقبض عليه وتحيله للنيابة.
أمام النيابة اتضح أنه قد حضر للبحرين منذ 25 يوماً قضاها كلها في البحر، والمسكين لم يتسلم راتبه من «المعزب» الذي أحضره وبذلك لا يستطيع شراء وجبة من ماكدونالدز يحارب بها الجوع ولا أدري ماهو دور «المعزب» في هذه الحالة، هل هو «كرف» العمال وتسريحهم في الشارع يبحثون عن لقمة العيش؟ هل هذا ضمن عقود العمل عندنا؟
أنا هنا أتساءل عن صاحب المزرعة الذي نصب الفخ للرجل الجائع وانتظره إلى أن التقط الكنارات ثم انقض عليه كالصقر على فريسته، وأنا واثق من تمثيلية صاحب المزرعة التي خلصت إلى أن البحرينيين أثرت بهم الأحداث الأخيرة، وأصبحوا مختلفين عما عرف عنهم سابقاً من التسامح، وإطعام الفقير والترحيب بالغريب و»الفزعة» التي تربينا عليها.
أنا لا ألوم صاحب المزرعة لكنه الزمن الرديءالذي بدا يطفو على السطح في نفوس الكثير من أهل الديرة، وأصر على المطالبة بسجن هذا الجائع، لكن الآخرين وين كانت ضمائرهم، وهل الحكم تم بناء على إحضار«خضارة» من السوق المركزي وسوق جدحفص ليثمنوا الكنارات، ويضعون أسعارهم في مغلفات مقفلة لاختيار الأقل سعراً والحكم به.
إنها لقضية تؤكد «أن شر البلية مايضحك» وهل قرار سجنه 22 يوماً كما قال الزميل عبدالمنعم إبراهيم في عاموده بصحيفة «أخبار الخليج» في عدد السبت الماضي «إنه قرار إنساني ليتم توفير 3 وجبات مضمونة للرجل مع الإقامة في مكان نظيف وبعيداً عن المطاردة، أم أنه علينا أن نعتذر له على أنها غلطة وسامحنا فيها وعليك أنت وأصدقاؤك الثقة أن أهل البحرين طيبون ويرحبون بك للعمل في برهم وبحرهم ولك كل التقدير والاحترام» وإلا ما رأي إخواننا في وزارة حقوق الإنسان، وما القرار الذي سيتخذ ضد الطيور التي تأكل كل يوم عشرات الكنارات وماذا سيكون الحكم على الكلاب التي تجوب المزارع لتقضي على الأخضر واليابس من الكنار وغيره، هل صاحب المزرعة يقبض عليها ويحرر محاضر ضدهم.
الزميل أنور عبدالرحمن يتحدث «عن أن الخبر أصابه بأقصى حالات الألم» نعم إنها لصدمة لمن اعتاد من أهل البحرين المحبة والتسامح، وأقول لمن حكم على الرجل بغرامة دينار إن كيلو الكنار بدينار فإذا كان الرجل أكل 3 كنارات كم بقي له من الكنارات ليستردها.
أظن من حقه أن يرفع قضية رد اعتبار لما تبقى له من الكنار.
القضية التي خلصت من هذا الحكم قد تكون أخطر مما قرأناه في الصحف فهي التي جردت الإنسان البحريني من قناع أظهر الكثير من ملامحه وبدت أكثر وضوحاً من ذي قبل لتأتي الثلاث كنارات لتكشف هذا الوجه الحقيقي لأهل البحرين اليوم بعد معاناة طويلة مع الأزمة التي لا ندري كيف الخلاص منها بعد أن قسمت الجسد إلى نصفين، فليس بالمستغرب أن يتعارك غداً بحريني مع جاره البحريني وهو ينتظر دوره في الخباز على خبز بمائة فلس أو صديق وصديقه عند القصاب على كيلو لحم أو أن يجرجر الوالد أبناءه لخلاف على مسلسل تليفزيوني أو أن يطلق زوجته أم عياله على حفل استقبال بالغت في مصاريفه ونسيت أن تعزم أهله.
إذا هل هو بداية انهيار جدار العائلة البحرينية المتسامحة الطيبة التي قد بدا جانب الشر يتغلب على الجانب الطيب والسوي في شخصيتها، أتمنى من كل قلبي أن أكون مخطئاً ومتسرعاً في حكمي على قضية الثلاث كنارات وأن تكون بداية النهاية لجانب الشر في الشخصية البحرينية التي تربت على الفزعة والمحبة.
الرشفة الأخيرة
الصديق الشاعر علي الشرقاوي تفاعل مع الحادثة والرجل المسكين الذي أهينت كرامته وأنشد يقول:
وشصار في أقسى زمن وشصار
يوعان يأكل حبتين كنار
تجي النيابة تحبسه
عشرين يوم في ذل
ويطلعه حكم المحكمة
بغرامة هي دينار
العار في طول العمر
للي أحبسه
واللي احكمه
ومن غرمه
العار مايقرب أبد
للي أكل له كنار