“تم تغيير اسمي من جيهان المشعان إلى جهان مشعاني زادة”، في إشارة لأسماء وألقاب الإيرانيين، كتبت هذه العبارة، وبلهجة سكان دير الزور، الناشطة والمحامية السورية الديرية الساخرة، جيهان المشعان على صفحتها على “الفيسبوك”، وكما فعلت غيرها شخصيات مختلفة من المعارضة، ومثل كافة أبناء الشعب السوري طالبت مشعان السلطات السورية باتخاذ موقف واضح وشفاف، حيال تصريحات المسؤول الإيراني مهدي طائب التي قال فيها “إن سوريا هي المحافظة الـ35 من محافظات إيران، وتعد ذات أهمية استراتيجية تفوق خوزستان “الأحواز العربية المحتلة” على حد زعمه.
في نفس السياق، رفع متظاهرون من سكان منطقة الزبداني بريف دمشق لافتات ورسومات ساخرة كتب عليها “المحافظة 35 تريد إسقاط نجاد”. تصريحات طائب، استفزت مكونات الشعب السوري ودفعتهم إلى الاستنفار، في حالة غير مسبوقة، على مدار السنتين الماضيتين من عمر الثورة في بلادهم.
لكن لماذا تحدث قائد مركز “عمار الاستراتيجي” مهدي طائب بهذا القدر الكبير من الشفافية؟! ولماذا جاءت تصريحاته تحديداً في هذه الفترة؟
يبدو أن هناك إضافة للضغوط الدولية على إيران، فيما يتعلق بدعمها لنظام بشار الأسد، يوجد قدر كبير آخر من الضغوط الداخلية على النظام، وذلك بسبب أن إيران قامت بضخ 15.8 مليار دولار في البنوك السورية منذ بداية الثورة حتى يومنا هذا. وقد كشفت الخارجية البريطانية في الصيف الماضي أن “إيران سلمت لنظام بشار 5.8 مليار دولار كمساعدات مالية لإدارة الأزمة”، كما ذكرت الصحافة الإيرانية في تسريبات لها أن “إيران نقلت 10 مليارات دولار من بنوكها إلى المصارف السورية بغية الحفاظ على التوازن المالي في هذا البلد الذي يشهد ثورة عارمة بصفته حليف استراتيجي”.
من جهة أخرى، ترى طهران وعبر ضباطها المتواجدين في سوريا، أن دور الأسد قد انتهى والأمل ببقائه في سدة الحكم يتضاءل رويداً رويداً، في المقابل، هناك تقدم ملحوظ على المستوى العسكري للثوار، حيث بعث الثوار برسالة واضحة لطهران مؤخراً تمثلت في جثمان العميد حسن شاطري المعروف بحسام خوش نويس الذي قتل في حلب، ولكن تم التعتيم على الخبر، وأعلنت السفارة الإيرانية في بيروت أنه قتل، واختلفت الروايات بشأن مقتله في سوريا أو في لبنان، وهوية قاتليه، وكالعادة اتهمت إيران إسرائيل باغتياله، فيما ذكرت مصادر من المعارضة السورية أنه قتل بنيران المعارضة في كمين بسوريا.
ولكن يبدو أن طهران رغم المناورات الإعلامية تلقت الرسالة كما هي، وبما أن طهران ترى أن النظام السوري على مشارف الموت، بدأت الخلافات الداخلية تدب بين التيارات السياسية الإيرانية، حول مصير الأموال الإيرانية في سوريا، وكان الحد الأدنى منها، ما هو مصير آخر 10 مليارات دولار من أموال إيران المتواجدة في بنوك سوريا، بعيد الإطاحة بنظام الأسد؟ هذا ما جعل بيت المرشد خامنئي يتخذ موقفاً صريحاً ويعلن جهاراً أن سوريا محافظة إيرانية ذات أهمية استراتيجية لإيران تفوق أهميتها الأحواز، وما على الدولة الإيرانية إلا أن تستمر بدعم بشار حتى آخر نفس، ليس من أجل 10 مليارات دولار، وإنما هناك أمراً آخر ذات أهمية حيوية لطهران، قدره المادي، قد يعادل الأحواز. وكلف بهذا الأمر الرجل المناسب، وهو مهدي طائب رئيس قسم الأمن سابقاً في بيت المرشد علي خامنئي، والمنسق بين كافة الأجهزة الأمنية الإيرانية مع إدارة بيت المرشد، من خلال تصريحاته، لكي يرد على ما يتردد هنا أو هناك في الأروقة السياسية وحتى الأروقة الأمنية الإيرانية، وذلك نيابة عن المرشد خامنئي، والتزام الجميع بالصمت التام، وهذا ما شهدناه خلال فترة ما بعد تصريحات مهدي طائب، حيث لم تتحدث أية جهة رسمية إيرانية، وتعلق على تصريحات رئيس مركز “عمار” الاستراتيجي، سواء بالتأييد أو بالنفي.
هناك سؤال آخر يطرح نفسه، ما هو الأمر المهم الذي تفوق أهميته الأحواز العربية المحتلة عند إيران، ويتجسد اليوم في نظام سوريا؟
ليس منذ عهد الجمهورية الإسلامية، بل منذ تأسيس الدولة الإيرانية الحديثة، تعمل طهران على الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، والإطلال عليه، وفي هذا السياق يبقى العراق، كمحطة ما بين الطريق لوصول إيران إلى المتوسط، وجارة أوروبا أي سوريا، في حال قبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي. هذا ما تبحث عنه طهران، حيث في حالة هيمنتها على الساحل السوري واللبناني، تستعد للهيمنة التامة على البحر المتوسط، حتى البحر الأحمر، وصولاً إلى المحيط الهندي ومدخل خليج عمان، والخليج العربي، وذلك بمشاركة كل من إسرائيل والدول الغربية. لذلك نرى ونلمس تواجد إيران في كل من اليمن وأريتيريا والسودان وحربها المفتوحة في لبنان وسوريا، وسعيها المتواصل لإيجاد موطئ قدم في سيناء، وكذلك دغدغتها مشاعر البعض من سكان المنطقة الشرقية في السعودية وأيضاً في البحرين.
وفي هذا السياق، نرى استخدام طهران لأي نوع من التكتيك لتنفيذ استراتيجيتها، باعتباره أمراً مباحاً، بمعنى آخر، استغلال الدين والطائفة والدعم تحت غطاء ومسمى طائفي، من أجل الوصول لهدف معين وواضح، وهو الوصول إلى السواحل العربية، ومن الطبيعي إن خسرت محطتها الرئيسة في الشام، سوف يتوقف مشروعها إلى أجل غير مسمى.
من هذا المنطلق، يجب علينا أن نشكر مهدي طائب، الذي كشف المستور في أروقة الأمن الإيرانية، وكذلك التشجيع على دعم قضية الأحواز عبر هذه التصريحات، حيث إنه لسنوات عدة، وكافة الأحزاب الأحوازية في المنفى، تتحدث عن مشروع إيران وأهدافها في المنطقة العربية، ولكن لا حياة لمن تنادي.
كشف طائب أزمة المشروع الإيراني وسقوطه في حال سقوط بشار، وهنا تكمن مقارنة سوريا مع الأحواز العربية المحتلة، التي تؤمن ما يقارب الـ80% من سائر الموارد المادية الإيرانية.
فنشكر طائب مرة أخرى بطيبته! حيث سيتسبب في استنفار قومي عروبي مناهض للتدخل الإيراني في جميع الأوطان العربية، ونقول له: “فكم أنت طيب يا طائب، حيث استنفرت الروح الوطنية والقومية لدى كافة الشعوب في البلدان العربية، وكذلك ألهمتنا ببشارة سقوط مشروع طهران التوسعي في أهم موطئ قدم لها، أي في الشام”.
{{ article.visit_count }}
في نفس السياق، رفع متظاهرون من سكان منطقة الزبداني بريف دمشق لافتات ورسومات ساخرة كتب عليها “المحافظة 35 تريد إسقاط نجاد”. تصريحات طائب، استفزت مكونات الشعب السوري ودفعتهم إلى الاستنفار، في حالة غير مسبوقة، على مدار السنتين الماضيتين من عمر الثورة في بلادهم.
لكن لماذا تحدث قائد مركز “عمار الاستراتيجي” مهدي طائب بهذا القدر الكبير من الشفافية؟! ولماذا جاءت تصريحاته تحديداً في هذه الفترة؟
يبدو أن هناك إضافة للضغوط الدولية على إيران، فيما يتعلق بدعمها لنظام بشار الأسد، يوجد قدر كبير آخر من الضغوط الداخلية على النظام، وذلك بسبب أن إيران قامت بضخ 15.8 مليار دولار في البنوك السورية منذ بداية الثورة حتى يومنا هذا. وقد كشفت الخارجية البريطانية في الصيف الماضي أن “إيران سلمت لنظام بشار 5.8 مليار دولار كمساعدات مالية لإدارة الأزمة”، كما ذكرت الصحافة الإيرانية في تسريبات لها أن “إيران نقلت 10 مليارات دولار من بنوكها إلى المصارف السورية بغية الحفاظ على التوازن المالي في هذا البلد الذي يشهد ثورة عارمة بصفته حليف استراتيجي”.
من جهة أخرى، ترى طهران وعبر ضباطها المتواجدين في سوريا، أن دور الأسد قد انتهى والأمل ببقائه في سدة الحكم يتضاءل رويداً رويداً، في المقابل، هناك تقدم ملحوظ على المستوى العسكري للثوار، حيث بعث الثوار برسالة واضحة لطهران مؤخراً تمثلت في جثمان العميد حسن شاطري المعروف بحسام خوش نويس الذي قتل في حلب، ولكن تم التعتيم على الخبر، وأعلنت السفارة الإيرانية في بيروت أنه قتل، واختلفت الروايات بشأن مقتله في سوريا أو في لبنان، وهوية قاتليه، وكالعادة اتهمت إيران إسرائيل باغتياله، فيما ذكرت مصادر من المعارضة السورية أنه قتل بنيران المعارضة في كمين بسوريا.
ولكن يبدو أن طهران رغم المناورات الإعلامية تلقت الرسالة كما هي، وبما أن طهران ترى أن النظام السوري على مشارف الموت، بدأت الخلافات الداخلية تدب بين التيارات السياسية الإيرانية، حول مصير الأموال الإيرانية في سوريا، وكان الحد الأدنى منها، ما هو مصير آخر 10 مليارات دولار من أموال إيران المتواجدة في بنوك سوريا، بعيد الإطاحة بنظام الأسد؟ هذا ما جعل بيت المرشد خامنئي يتخذ موقفاً صريحاً ويعلن جهاراً أن سوريا محافظة إيرانية ذات أهمية استراتيجية لإيران تفوق أهميتها الأحواز، وما على الدولة الإيرانية إلا أن تستمر بدعم بشار حتى آخر نفس، ليس من أجل 10 مليارات دولار، وإنما هناك أمراً آخر ذات أهمية حيوية لطهران، قدره المادي، قد يعادل الأحواز. وكلف بهذا الأمر الرجل المناسب، وهو مهدي طائب رئيس قسم الأمن سابقاً في بيت المرشد علي خامنئي، والمنسق بين كافة الأجهزة الأمنية الإيرانية مع إدارة بيت المرشد، من خلال تصريحاته، لكي يرد على ما يتردد هنا أو هناك في الأروقة السياسية وحتى الأروقة الأمنية الإيرانية، وذلك نيابة عن المرشد خامنئي، والتزام الجميع بالصمت التام، وهذا ما شهدناه خلال فترة ما بعد تصريحات مهدي طائب، حيث لم تتحدث أية جهة رسمية إيرانية، وتعلق على تصريحات رئيس مركز “عمار” الاستراتيجي، سواء بالتأييد أو بالنفي.
هناك سؤال آخر يطرح نفسه، ما هو الأمر المهم الذي تفوق أهميته الأحواز العربية المحتلة عند إيران، ويتجسد اليوم في نظام سوريا؟
ليس منذ عهد الجمهورية الإسلامية، بل منذ تأسيس الدولة الإيرانية الحديثة، تعمل طهران على الوصول إلى البحر الأبيض المتوسط، والإطلال عليه، وفي هذا السياق يبقى العراق، كمحطة ما بين الطريق لوصول إيران إلى المتوسط، وجارة أوروبا أي سوريا، في حال قبول عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي. هذا ما تبحث عنه طهران، حيث في حالة هيمنتها على الساحل السوري واللبناني، تستعد للهيمنة التامة على البحر المتوسط، حتى البحر الأحمر، وصولاً إلى المحيط الهندي ومدخل خليج عمان، والخليج العربي، وذلك بمشاركة كل من إسرائيل والدول الغربية. لذلك نرى ونلمس تواجد إيران في كل من اليمن وأريتيريا والسودان وحربها المفتوحة في لبنان وسوريا، وسعيها المتواصل لإيجاد موطئ قدم في سيناء، وكذلك دغدغتها مشاعر البعض من سكان المنطقة الشرقية في السعودية وأيضاً في البحرين.
وفي هذا السياق، نرى استخدام طهران لأي نوع من التكتيك لتنفيذ استراتيجيتها، باعتباره أمراً مباحاً، بمعنى آخر، استغلال الدين والطائفة والدعم تحت غطاء ومسمى طائفي، من أجل الوصول لهدف معين وواضح، وهو الوصول إلى السواحل العربية، ومن الطبيعي إن خسرت محطتها الرئيسة في الشام، سوف يتوقف مشروعها إلى أجل غير مسمى.
من هذا المنطلق، يجب علينا أن نشكر مهدي طائب، الذي كشف المستور في أروقة الأمن الإيرانية، وكذلك التشجيع على دعم قضية الأحواز عبر هذه التصريحات، حيث إنه لسنوات عدة، وكافة الأحزاب الأحوازية في المنفى، تتحدث عن مشروع إيران وأهدافها في المنطقة العربية، ولكن لا حياة لمن تنادي.
كشف طائب أزمة المشروع الإيراني وسقوطه في حال سقوط بشار، وهنا تكمن مقارنة سوريا مع الأحواز العربية المحتلة، التي تؤمن ما يقارب الـ80% من سائر الموارد المادية الإيرانية.
فنشكر طائب مرة أخرى بطيبته! حيث سيتسبب في استنفار قومي عروبي مناهض للتدخل الإيراني في جميع الأوطان العربية، ونقول له: “فكم أنت طيب يا طائب، حيث استنفرت الروح الوطنية والقومية لدى كافة الشعوب في البلدان العربية، وكذلك ألهمتنا ببشارة سقوط مشروع طهران التوسعي في أهم موطئ قدم لها، أي في الشام”.