المهر عطية من الله للمرأة، وهو حقها تتصرف فيه كما شاءت، وكيفما شاءت، قال تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة)، والنحلة هي العطية، والأصل في المهر التعجيل، أي أنه يدفع للمرأة كاملاً قبل الدخول، لكن لا مانع من تأخيره أو بعضه لما بعد الزواج، ويكون ديناً في ذمة الزوج، يجب الوفاء به في الحياة، أو عند تقيده بأحد الأجلين الطلاق أو الوفاة.
لكن المغالاة الشديدة في مؤخر الصداق يعتبره البعض وسيلة أمان لحماية المرأة من تساهل بعض الأزواج في موضوع الطلاق، فالزوج الذي يترتب على تطليقه لزوجته مبالغ كبيرة يفكر ألف مرة قبل يطلق، فهل هذه نظرية صحيحة أم أن الواقع يثبت عكسها؟
الذي أقوله ولا أتردد فيه أن أكثر الحالات التي مرت بي أن مؤخر الصداق تحول إلى مصدر من مصادر الشقاء في الحياة الزوجية، وأصبح بعض الرجال يتفننون في تعذيب المرأة نفسياً ومعنوياً، حتى إنها ترى النجوم في رابعة النهار، وتأتي مكرهة غير مختارة، وتقول بملء الفم: «أتنازل عن كل شيء بس طلقني»، وبالتالي هذا ما يفسر لنا أن المهور العالية سواء أكان مقدماً أم مؤخراً ينزع البركة من هذا الزواج، يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام: «أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة»، ثم أمر آخر ألا وهو تساهل الناس في سداد مؤخر الصداق بعد وفاة الزوج، فعند قسمة التركة لا تعطى المرأة حقها، فالواجب أن يدفع للمرأة قبل قسمة التركة لأنه دين والدين لابد من دفعه قبل كل شيء، والعبارة الجارية على ألسنة الناس أن «مؤخر الصداق حبر على ورق» غير صحيحة، فإما أن يكون مشكلة في الحياة أو دين بعد الممات.