هذا سؤال لو وجهته لكثير من البحرينيين اليوم قد تواجه بعدة ردود فعل لا تضمن معها سلامتك!
هناك من سينظر في وجهك «شذراً» ولو كان «الود وده» لاعتصر رقبتك وخنقك، فسؤالك إما يهدف لـ»السخرية» منه، أو لأنك تعيش في «عالم آخر»، باعتبار أن الإجابة البحرينية الشهيرة في هذا الشأن لا تحتاج لسؤال حتى تقال.
بعضهم قد تصل به الدرجة إلى أن «يهفك كف»، وكأنك شتمته! توصل لها الدرجة؟! معقولة؟! والله جربوها ويمكن بعدها نعرف.
لكن إجابة الكثيرين لن تخرج عن القول بأن هذا «الراتب» يتحول إلى «كائن خرافي» مع بدء الأيام الأولى من الشهر، ينقرض، يتبخر ولا يبقى منه شيء، وباقي الشهر يلجأ بعض الناس لـ»شخط» بطاقات الائتمان حتى «تئن» هي بدورها، أو يلجأ إلى «السلف»، والمحظوظون من سيوافق «راعي البرادة» الهندي «راجو» بأن يبيعهم الحاجيات ويضعها في دفتر «الحساب» حتى موعد نزول الراتب الشهر القادم.
هل أبالغ هنا؟! هل أقول شيئاً يخالف الواقع؟!
ربما تكون مبالغة لدى شريحة هي لا تدري أصلاً إن كان في هذا البلد أناس يعانون في معيشتهم، لدى شريحة لا تنتظر نزول الراتب في الحساب بـ»لهفة» حتى تسارع إلى طابور «الصراف الآلي» لسحب ما تبقى منه بعد أن «تقدع» البنوك أولاً على الراتب بخصم قرض هنا وسلفة هناك.
في الحياة قد تصادف نوعيات كثيرة من البشر، فقراء بسطاء، وأغنياء فاحشي الغنى، وفي الشريحة الكثيرة تجد الغالبية لا تدرك على الإطلاق معاناة الناس «إلي على قد حالهم»، شريحة أمامهم «تضيع» ماري أنطوانيت التي قالت بكل «سذاجة» للشعب الفرنسي: ليس عندكم خبز، طيب كلوا بسكويت!
لكن سنستثني هنا جزءاً صغيراً منهم، إذ لو خليت خربت طبعاً، هناك من يحس بالناس ويقدم العون والمعونة، لكن حل المشكلة ليست بمساعدات ومعونات، بل في فهم أسباب ظاهرة «تبخر» الراتب السريع لدى كثير من الناس.
لست أحل شفرة لغز، إذ جميع الناس يعرفون لماذا لا تكفي رواتبهم!
هناك معادلة حياتية تقول: على قدر دخلك سوف تصرف، لكنني لا أراها تمثل قاعدة غير كونها توصيفاً لطبيعة الإنسان الذي يمد رجله على قدر لحافه، باستثناء من يريد أن يمد رجله أطول! الفكرة بأن ظروف الحياة تستوجب مصاريف، وفي بلدنا نرى ارتفاع الأسعار الجنوني مع ازدياد متطلبات الحياة.
حينما نحسب متوسط دخل الفرد اليوم في البحرين، لن نجد أرقاماً واقعية على الإطلاق، بل الأرقام غير قابلة للتصديق، إذ في الحسبة تحتسب رواتب مثلاً رؤساء الهيئات شبه الحكومية، هذه الهيئات التي قد يصل راتب رئيس تنفيذي لمجموع راتب ثلاثة وزراء أو مجموع رواتب 50 موظفاً يستلمون 300 دينار لو سلمنا بأن هذا هو الحد الأدنى، يحتسب المعدل بجمع رواتب العاملين في الهيئات والوزراء والنواب والشوريين مع المراسل البسيط ومع السائق ومع الموظف على الدرجة الاعتيادية المتدنية وغيرهم ثم يقسم المبلغ على عددهم فنجد بعدها رقماً «محترماً» معه بالتأكيد يستغرب أي شخص «نائم في العسل» من «تذمر» الناس حينما يقولون «الراتب لا يكفي»!
لن أجيب أنا على السؤال المطروح أعلاه، ولن أشخص حالة الناس بدلاً عنهم، لذا طرحت السؤال في حسابي على «تويتر» و»الفيسبوك»، فجاءت بعض ردود الفعل كالآتي:
أول رد فعل كان تأكيداً للحالة التي شرحناها أعلاه، أعني حينما تسأل مواطناً السؤال ويأتيك منه رد ساخر، الوضع أوصل الناس للتندر على الحال بدلاً عن «التحلطم»، واضح تماماً أن الناس تعبت. عموماً تقول المواطنة التي ردت: أخوي فيصل الراتب حده مكفي، الحمد لله 3 آلاف دينار وعلاوات ومكافآت وترقيات، ويالله من فضلك، ترى مو ناقصنا أي شيء، الله يخلي الحكومة بس.
رد آخر يحاول تشخيص المشكلة ويقدم لها حلاً «مات الناس» وهم يرددونه، يقول: من الطبيعي أن تكون الإجابة بـ»لا» والسبب يعود لزيادة ارتفاع الأسعار وقلة الرواتب التي تحتاج للتعديل في القطاعين وللمتقاعدين.
ردود سريعة تكشف درجة «غضب» الناس من أوضاع رواتبها، أولهم يقول: أكيد لا، والسبب يعور القلب. والثاني يقول: اللي يكفيه راتبه مو بحريني. والثالث يقول: لا، 250 ديناراً!!
أما آخر الردود قبل إرسال هذا المقال كان: الله كريم!
والله الأخ جابها على الجرح، بالتالي يا مواطن يا من تعاني من «التبخر السريع» للراتب والذي مازلت تنتظر أن يتم تحسين راتبك سواء من الدولة أو النواب أو غيرهم، لا نملك أن نقول لك إلا «الله كريم»!