أتاح المشروع الإصلاحي قبل عشر سنوات للمجتمع البحريني تشكيل «أحزاب سياسية» والعمل السياسي بكل ما هو متاح لأي حزب في أي دولة من دول العالم الديمقراطي.
فانتهزت المجموعات التي كانت تعمل على «التحرير» وتعمل في المنافي وتعمل على قلب الأنظمة، انتهزت هذه الفرصة وقبلت بالعمل السياسي العلني والمشروع لأول مرة في تاريخها وبذات شخوصها ضمن الإطار الدستوري وهذه واحدة من معضلاتها.
وكذلك انتهزت مجموعات أخرى كانت جاهزة وتمتلك هيكلية تنظمية وذات نشاط خيري هذه الفرصة ووظفت هيكليتها التنظيمية لتأسيس أحزاب سياسية.
وكذلك ظهرت بعض المجموعات الأخرى الجديدة على العمل السياسي بشكل تام فلا تملك لا هيكلية تنظيمية ولا تملك قاعدة شعبية لكنها استفادت من البيئة السياسية المفتوحة والتي تتيح تشكيل الأحزاب بسهولة ويسر فأسست جمعيات سياسية صغيرة ومحدودة الأثر، وذلك ليس عيباً أو نقصاً إنما هذه نتيجة طبيعية لحداثة التجربة.
فتشكلت لنا جمعيات سياسية مرخصة لها حق العمل السياسي العلني والمشروع يصل عددها إلى 20 حزباً سياسياً يعمل ضمن الإطار الدستوري، لنكون نحن الدولة الخليجية الوحيدة التي يتمتع أفرادها بهذا الحق الدستوري.
ولم تنجح السنوات العشر التي مرت في إعادة تشكيل الأحزاب القديمة وفق المستجدات لتتأقلم مع هذا الوضع الذي يعني وجود تعددية سياسية، تعددية في وجهات النظر حول كيفية إدارة الدولة، وتعددية في مفهوم وكيفية التعاطي مع الالتزامات الدستورية.
بل إن أحزاباً شهدت مجموعاتها صراعات في المنافي نقلت ذات الصراعات ولم تنجح في تذويبها رغم أن عناوينها المرفوعة واحدة، فانقسمت حزبياً كما انقسمت كحركات تحريرية.
ما حدث في الدوار كان انتهازية واختطافاً غير مشروع للقرار وإقصاء لأي منظور أو رؤية لأي حزب سياسي وأي منظور أو رؤية مخالفة لحزب الولي الفقيه الذي قاد الحراك بائتلافه الشيرازي والوفائي والولائي.
أصبحت «رؤية الدوار» لشكل وطبيعة النظام السياسي هي الرؤية «الوطنية» وهي التي تمثل «الديمقراطية» وهي «العدل» وهي «الحق» وهي «الشرف، وما عداها هو فاسد وغير ديمقراطي ولا يملك رؤية أصلاً.
وحين فشلت محاولة إسقاط الدولة ومؤسساتها الرسمية والمدنية بما في ذلك إسقاط بقية القوى السياسية وإقصاؤها، ألزمت جماعة الدوار من قبل المجتمع الدولي بالجلوس للحوار مع بقية الأحزاب من أجل التوافق الوطني على شكل النظام السياسي.
الحوار هو المرة الأولى التي تتواجه فيها القوى السياسية الممثلة بجماعة الولي الفقيه مع بقية القوى السياسية البحرينية التي تشكل كل منها في ظرف مختلف عن الآخر.
وحين اختلفت هذه القوى السياسية مع بعضها بعضاً وجلست للتحاور مع بعضها بعضاً، ادعى حزب الولي الفقيه وأتباعه «الليبراليون» أنهم يحتكرون العناوين السياسية وأن ماركتها مسجلة باسمهم، وادعت أن لها وحدها حق توزيع سنداتها وصكوكها، وهي بمجرد هذا الادعاء خرقت وأذابت حقيقة عنوان الديمقراطية التي تتبناها.
فبالرغم من أن «الوطنية» عنوان «المعارضة» عنوان «الشرف» عنوان «الديمقراطية» عنوان «التقدمية»، ولا تتحول إلى واقع إلا حين تمتحن، إلا أننا اكتشفنا أنه لا التقدمية حافظت على تقدميتها، ولا الوطنية حافظت على سيادة وطنها، ولا القبول بالآخر كان نهجاً لمدعي الديمقراطية، فماذا بقي من عناوين وأقمصة لعثمان لم تذبها شمس المواقف وامتحانات المصداقية.
الجمعيات أو الـ20 حزباً من الناشطين الآن كلها دون استثناء في مدرسة الديمقراطية لم تتعدّ مرحلة الحضانة ومن يريد البحرين أن تكون دولة ديمقراطية مدنية عليه أن يبدأ بمساعدة هذه الأحزاب لأن تتحول إلى أحزاب سياسية مدنية تخرج من عباءة التحرير وتتخلى عن إرث الصراع السياسي القديم المبني على هدم ما هو موجود و»الثورة» على ما هو قائم وتعترف بوجود تعددية سياسية كما هي موجودة التعددية الاجتماعية.
ومثلما تعلمت المجموعات البشرية المتنوعة والمتعددة الأعراق والأصول والمذاهب والأديان أن تتعايش «اجتماعياً» في البحرين لقرون وعقود طويلة وحقب زمنية تعاقبت عليها بسلام وأمان وباحترام وبأخلاق رفيعة وبعزة وبكرامة، على الأحزاب السياسية أن تتعلم كيف تتعايش وتتقبل وجود اختلافاتها السياسية دون التقليل والاستهانة بالآخرين.
الجمعيات الخمس استخدمت كل وسائل الالتفاف على خمسة عشر حزباً سياسياً موجوداً ويمثلون مكونات عديدة في المجتمع، لم تعترف بهم وأقصتهم وحاولت المستحيل أن تجبرهم على الانسحاب من الحوار لتجلس هي وحدها وتضع شكل ونظام الدولة السياسي الذي يناسبها.
هي المرة الأولى التي تجلس فيها الأحزاب السياسية بعد عشر سنوات من عملها السياسي العلني والشرعي مع بعضها بعضاً، وما لم يعترف الكل بالكل، فلن تتمكن أي قوى سياسية ممثلة بأي حزب سياسي أن تفرض رؤيتها على الآخرين عبر الالتفاف عليهم وتسقيطهم وإقصائهم، لن تتمكن أن تفرض أي قوى سياسية ممثلة بأي حزب سياسي أن تفرض على الأحزاب الأخرى أي شكل من أشكال النظم السياسية عبر الاستعانة بأي دعم خارجي، أمريكياً كان أو إيرانياً أو دولياً.
لن تستطيع أن تفرض أي قوى سياسية ممثلة بأي حزب سياسي أي رؤية لأي نظام سياسي عبر الإرهاب والعنف والابتزاز البدني واللفظي والخروج عن الآداب واللباقة.
مثلما تعلم أباؤكم أن يحترموا الآخرين ويحفظوا مكانتهم الاجتماعية، على الأحزاب السياسية أن تتعلم منهم قبول واحترام مكانة الآخرين السياسية.
فانتهزت المجموعات التي كانت تعمل على «التحرير» وتعمل في المنافي وتعمل على قلب الأنظمة، انتهزت هذه الفرصة وقبلت بالعمل السياسي العلني والمشروع لأول مرة في تاريخها وبذات شخوصها ضمن الإطار الدستوري وهذه واحدة من معضلاتها.
وكذلك انتهزت مجموعات أخرى كانت جاهزة وتمتلك هيكلية تنظمية وذات نشاط خيري هذه الفرصة ووظفت هيكليتها التنظيمية لتأسيس أحزاب سياسية.
وكذلك ظهرت بعض المجموعات الأخرى الجديدة على العمل السياسي بشكل تام فلا تملك لا هيكلية تنظيمية ولا تملك قاعدة شعبية لكنها استفادت من البيئة السياسية المفتوحة والتي تتيح تشكيل الأحزاب بسهولة ويسر فأسست جمعيات سياسية صغيرة ومحدودة الأثر، وذلك ليس عيباً أو نقصاً إنما هذه نتيجة طبيعية لحداثة التجربة.
فتشكلت لنا جمعيات سياسية مرخصة لها حق العمل السياسي العلني والمشروع يصل عددها إلى 20 حزباً سياسياً يعمل ضمن الإطار الدستوري، لنكون نحن الدولة الخليجية الوحيدة التي يتمتع أفرادها بهذا الحق الدستوري.
ولم تنجح السنوات العشر التي مرت في إعادة تشكيل الأحزاب القديمة وفق المستجدات لتتأقلم مع هذا الوضع الذي يعني وجود تعددية سياسية، تعددية في وجهات النظر حول كيفية إدارة الدولة، وتعددية في مفهوم وكيفية التعاطي مع الالتزامات الدستورية.
بل إن أحزاباً شهدت مجموعاتها صراعات في المنافي نقلت ذات الصراعات ولم تنجح في تذويبها رغم أن عناوينها المرفوعة واحدة، فانقسمت حزبياً كما انقسمت كحركات تحريرية.
ما حدث في الدوار كان انتهازية واختطافاً غير مشروع للقرار وإقصاء لأي منظور أو رؤية لأي حزب سياسي وأي منظور أو رؤية مخالفة لحزب الولي الفقيه الذي قاد الحراك بائتلافه الشيرازي والوفائي والولائي.
أصبحت «رؤية الدوار» لشكل وطبيعة النظام السياسي هي الرؤية «الوطنية» وهي التي تمثل «الديمقراطية» وهي «العدل» وهي «الحق» وهي «الشرف، وما عداها هو فاسد وغير ديمقراطي ولا يملك رؤية أصلاً.
وحين فشلت محاولة إسقاط الدولة ومؤسساتها الرسمية والمدنية بما في ذلك إسقاط بقية القوى السياسية وإقصاؤها، ألزمت جماعة الدوار من قبل المجتمع الدولي بالجلوس للحوار مع بقية الأحزاب من أجل التوافق الوطني على شكل النظام السياسي.
الحوار هو المرة الأولى التي تتواجه فيها القوى السياسية الممثلة بجماعة الولي الفقيه مع بقية القوى السياسية البحرينية التي تشكل كل منها في ظرف مختلف عن الآخر.
وحين اختلفت هذه القوى السياسية مع بعضها بعضاً وجلست للتحاور مع بعضها بعضاً، ادعى حزب الولي الفقيه وأتباعه «الليبراليون» أنهم يحتكرون العناوين السياسية وأن ماركتها مسجلة باسمهم، وادعت أن لها وحدها حق توزيع سنداتها وصكوكها، وهي بمجرد هذا الادعاء خرقت وأذابت حقيقة عنوان الديمقراطية التي تتبناها.
فبالرغم من أن «الوطنية» عنوان «المعارضة» عنوان «الشرف» عنوان «الديمقراطية» عنوان «التقدمية»، ولا تتحول إلى واقع إلا حين تمتحن، إلا أننا اكتشفنا أنه لا التقدمية حافظت على تقدميتها، ولا الوطنية حافظت على سيادة وطنها، ولا القبول بالآخر كان نهجاً لمدعي الديمقراطية، فماذا بقي من عناوين وأقمصة لعثمان لم تذبها شمس المواقف وامتحانات المصداقية.
الجمعيات أو الـ20 حزباً من الناشطين الآن كلها دون استثناء في مدرسة الديمقراطية لم تتعدّ مرحلة الحضانة ومن يريد البحرين أن تكون دولة ديمقراطية مدنية عليه أن يبدأ بمساعدة هذه الأحزاب لأن تتحول إلى أحزاب سياسية مدنية تخرج من عباءة التحرير وتتخلى عن إرث الصراع السياسي القديم المبني على هدم ما هو موجود و»الثورة» على ما هو قائم وتعترف بوجود تعددية سياسية كما هي موجودة التعددية الاجتماعية.
ومثلما تعلمت المجموعات البشرية المتنوعة والمتعددة الأعراق والأصول والمذاهب والأديان أن تتعايش «اجتماعياً» في البحرين لقرون وعقود طويلة وحقب زمنية تعاقبت عليها بسلام وأمان وباحترام وبأخلاق رفيعة وبعزة وبكرامة، على الأحزاب السياسية أن تتعلم كيف تتعايش وتتقبل وجود اختلافاتها السياسية دون التقليل والاستهانة بالآخرين.
الجمعيات الخمس استخدمت كل وسائل الالتفاف على خمسة عشر حزباً سياسياً موجوداً ويمثلون مكونات عديدة في المجتمع، لم تعترف بهم وأقصتهم وحاولت المستحيل أن تجبرهم على الانسحاب من الحوار لتجلس هي وحدها وتضع شكل ونظام الدولة السياسي الذي يناسبها.
هي المرة الأولى التي تجلس فيها الأحزاب السياسية بعد عشر سنوات من عملها السياسي العلني والشرعي مع بعضها بعضاً، وما لم يعترف الكل بالكل، فلن تتمكن أي قوى سياسية ممثلة بأي حزب سياسي أن تفرض رؤيتها على الآخرين عبر الالتفاف عليهم وتسقيطهم وإقصائهم، لن تتمكن أن تفرض أي قوى سياسية ممثلة بأي حزب سياسي أن تفرض على الأحزاب الأخرى أي شكل من أشكال النظم السياسية عبر الاستعانة بأي دعم خارجي، أمريكياً كان أو إيرانياً أو دولياً.
لن تستطيع أن تفرض أي قوى سياسية ممثلة بأي حزب سياسي أي رؤية لأي نظام سياسي عبر الإرهاب والعنف والابتزاز البدني واللفظي والخروج عن الآداب واللباقة.
مثلما تعلم أباؤكم أن يحترموا الآخرين ويحفظوا مكانتهم الاجتماعية، على الأحزاب السياسية أن تتعلم منهم قبول واحترام مكانة الآخرين السياسية.