أكثر جملة استوقفتني منذ فترة، وتحديداً من بعد انقلاب 2011 كانت جملة «مازلنا نستوعب الصدمة.. وبعدها راح......»!!
أطلق هذه الجملة مسؤول في الدولة، ولم أعد أفهم حتى الساعة هل تم استيعاب الصدمة، أم أن الدولة برمتها مازالت تترنح وتتخبط من بعد الأزمة؟
شعورنا كمواطنين، أن الدولة لم تستوعب الصدمة بعد، مازالت تضحي بالوضع الداخلي الأمني والاقتصادي والاجتماعي من أجل الخارج، أو من أجل أن يرفع السفير الأمريكي عنا تقارير لا تجعل الرئيس أوباما يذكرنا في خطاباته بسوء، كل ذلك يلقي بظلاله على الوضع الداخلي تماماً، شعور الناس أن الدولة في حالة تراجع، أو انكفاء مؤلم لنا جميعاً.
قال الأمريكان «يجب الإفراج عن الأطباء، وتم الإفراج عنهم رغم ملف القضية»، غداً سوف ترونهم يمارسون أدوارهم السابقة ذاتها، هذه هي الدولة. أن نبقى ننتظر الإرهاب يضربنا كلما استضافت البحرين فعاليات عالمية هذا أمر يصيب الناس بحالة استياء كبيرة، كلها لضعف العمل الاستخباراتي والقانوني، والإجرائي ضد الجماعات الإرهابية، هؤلاء يبيعون أهلهم ببضع دنانير..!
الدولة تعلم بالإرهابيين، وتعلم بأماكن تواجدهم، لكنها تتركهم إلى أن يبدأ تحركهم لضرب البلد والمجتمع، بمعنى نحن كدولة ومجتمع ننتظر أن يقع الإرهاب ومن بعده نبدأ بالتفكير ماذا نفعل؟ هذا خطأ كبير، واستهانة بأمن الوطن والمواطن.
منذ زمن قال لي أحد القانونيين إن «هناك مجموعة من الإرهابيين يطلق سراحهم برغم أنهم قد يكونون هم الفاعلين، وذلك بسبب ضعف الإجراءات القانونية في عملية القبض أو الأدلة والإثباتات»، هذا أيضاً مؤسف ومحبط في دولة تتعرض للإرهاب منذ الثمانينيات.
الدولة حتى الساعة لم تستوعب الصدمة، ولا أعرف متى ستستوعبها، ومتى تتخذون إجراءات استباقية لحفظ أمن المجتمع من أي إرهابي ومن أي دين وملة ومذهب؟ متى تعرف الدولة أن الأمن هو ركيزة كل شيء، الحياة الاجتماعية، الاقتصاد، الاستثمار، التجارة، ونثريات السياحة «دولة تتحدث عن السياحة حتى الساعة لا تعرف كيف تستثمر أكثر شعب ينفق على السياحة في العالم وهو الشعب السعودي العزيز»؟.
رعاع الجمعية الولائية تجركم إلى مرحلة الدولة الفاشلة، وأول خطوات الدولة الفاشلة هو أن يهتز الاقتصاد، ويبدأ يترنح، من ثم ينهار، وفي حال انهار الاقتصاد، يتداعى كل شيء مثل حجر الدومينو، فهل تعرفون ما تفعلون حين تتركون الإرهاب يكبر؟ فلماذا تترك الدولة المجال لرعاع الجمعية الولائية وأتباعهم، ومن يشرعن للإرهاب خلفهم من كهنة، أن يدمروا اقتصاد البلد، ويجعلوا المستثمرين يهربون، أو لا يختارون البحرين كوجهة مفضلة من ناحية البنى التحتية؟
حفظ الأمن مسؤوليتكم، حين اهتزت لندن من الإرهاب خرج رئيس وزرائها يلعن حقوق الإنسان وأي شيء يقف في وجه حفظ الأمن في لندن، لأنه يعرف قيمة تكلفة استمرار الإرهاب لأسبوع مثلاً على اقتصاد لندن.
ونحن نسكت عن الإرهاب لثلاثة أعوام، ويقول لك «جالسين نستوعب الصدمة.. الظاهر تحتاجون صدمة بتيلر كبير حتى تستوعبوا أن هناك صدمة أصلاً»..! إلا العبث بأمن الوطن وترك الإرهاب يتحرك ويضرب، وعدم وضع استراتيجية لضربه في عقر داره، لابد من تقليم أضافر كل يد إرهابية وقطع أصابعها، من دون ذلك لن يستقر وضع البلد.
من يحسب أن توصيات «حوار الطرشان» ستنهي الإرهاب هو لا يقرأ المشهد البحريني بشكل صحيح، ويكذب على نفسه.
كما رأيتم أمس، عاد الإرهاب والتسييس إلى المدارس، وهذا ما كنا نقوله منذ أزمان ولا أحد يعتبر، وزارة التربية والجامعة ومعهد البحرين والجامعات الطبية، هي أكبر بوابات الانقلاب، وزارة الصحة، ووزارة الصناعة والتجارة، ووزارة العمل، ووزارة البلديات، والكهرباء والماء، كل هذه الأبواب مفتوحة للانقلاب، فكيف لا ينقلبون..؟ الدولة التي لم تستوعب ماذا فعلت هي بنفسها «من فعل يدها» لن تستوعب صدمات، الصدمة أنتم أوجدتم أرضيتها في كل مفاصل الدولة، فكيف يأتيكم شعور أن هناك صدمة أصلاً؟
تذكرني أحداث البحرين، بقصة ذلك السجين الذي يمني النفس بالخروج من السجن سريعاً، فجاء إليه السجان وقاله له: هذه مجموعة خيوط وحبال عليك أن تصنع منها حبلاً متيناً وقوياً، وإذا فعلت أخرجناك من السجن بسرعة. فأخذ السجين يحيك الحبل بقوة ومتانه وإتقان ليل لنهار وما إن انتهى جاء إليه السجان وقال له أحسنت!
الآن نخرجك من السجن، فخرج السجين من السجن بفرحة كبير، لكن إلى ساحة المشنقة ليعلق بالحبل الذي حاكه بيده..!!
رذاذ
- كلمة مسلم من بين أكثر عشر كلمات تم تداولها على موقع «تويتر» بأمريكا بعد الحادث الإرهابي في مدينة بوسطن، وهذا يدل على أنه مازال هناك من يوجه الاتهام قبل ظهور التحقيقات حتى في الدول المتقدمة.
إلى السفير الأمريكي، عليك أن تقف موقفاً واحداً من كل حوادث الإرهاب حول العالم بما فيها البحرين، لا ينبغي أن يصبح الإرهاب ملعوناً، في أمريكا، ومحموداً، أو مسكوتاً عنه في البحرين، على الأقل اجعلوا الناس تحترمكم فقط من خلال تصريح يدين الإرهاب بشكل واضح وصريح ويدين من يقف خلفه. على الأقل كما فعل السفير البريطاني الذي استحوذ على احترام الناس لأنه قال كلاماً واقعياً ليس إلا.
- حكاية احترام مجلس النواب أضحت على المحك، فقد ورد خبر أمس أن المجلس رفع جلسته عشر دقائق احتجاجاً على عدم حضور وزيرة الثقافة ووزير الخارجية..! 10 دقائق احتجاج، والله ما أتمنى أحداً من مجالس النواب حول العالم يسمع عنكم، لأنه مضحك جداً.
هذا يعني أن لكل وزير 5 دقائق، وهذا يدل أن قيمة حضور الوزراء للمجلس هي 5 دقائق لكل وزير بحقيبة، ودقيقتان ونصف للوزير بدون حقيبة، وخمس ثوانٍ للوكيل..! سؤال الخمور يغيب الوزيرة عن المجلس.. خبري ما عندكم حرج من ترخيص الخمر، «ليش يتغيب المسؤول عن المجلس مادري»؟ لو كان بيدي لأجبرت كل وزير بحقيبة أو من غيرها لحضور المجلس من أجل احترام إرادة الملك في الحياة النيابية، واحترام أهل البحرين، قبل احترام النواب، لكن الدولة تمارس أموراً تجعل لدى من يضربون البحرين في الخاصرة مادة دسمة تؤكد ضعف المجلس كما يقولون دوماً..!