رغم ما حملته الأيام القليلة الماضية من أحداث دامية راح ضحيتها أحد المواطنين الشبان وشهيد من رجال الأمن، وشهدت أيضاً قنبلة ناسفة محلية الصنع على جسر الملك فهد تم تفكيكها، فهي تعكس المحاولات اليائسة لزعزعة الأمن والاستقرار، وتحويل الدولة البحرينية إلى دولة فاشلة من أجل فتح المجال أمام مزيد من التدخلات الأجنبية لتحقيق أجندة الجماعات الراديكالية.
ما ميّز أحداث هذا العام أنها أعطت مؤشراً حقيقياً على تراجع قوة الجماعات الراديكالية وضعف شعبيتها، وتراجع التأييد الشعبي من قبل الجماهير. فلو عدنا بالذاكرة إلى نحو قبل عام كنا سنرى عشرات الآلاف يلبون دعوة عيسى قاسم للخروج في مسيرة أو تظاهرة عامة. ولكن ما حدث يوم الجمعة الماضية كان مغايراً لذلك تماماً، حيث خرج في مسيرة عامة تلبية لدعوة عيسى قاسم للاحتفاء بذكرى 14 فبراير عدد ضئيل يتراوح بين 8500 ـ 9000 شخص فقط.
عيسى قاسم لم يتمكن من حشد 10 آلاف شخص، وبالتالي يحق لنا التساؤل عن حقيقية الجماهير التي يتحدث باسمها؟ وعن حقيقة ما تمثله الجمعيات السياسية الست الراديكالية عندما تتحدث باسم الجماهير؟
لو كان العدد الذي خرج في مسيرة عيسى قاسم والوفاق لا يتجاوز 10 آلاف فإن تمثيلهم للمواطنين البحرينيين لن يتجاوز 1.7%، بالمقابل فإن البرلمان الحالي بتشكيلته التي يرفضها عيسى قاسم نفسه والوفاق التي انسحبت من البرلمان عام 2011 يمثل 52% من الإرادة الشعبية بعد الانتخابات التكميلية التي أجريت في سبتمبر 2011. ومن دعم المشروع الإصلاحي من خلال المشاركة بالاستفتاء على ميثاق العمل الوطني في فبراير 2001 كانوا يمثلون 88.4% من الشعب آنذاك. فعن أي تمثيل باسم الشعب يتحدث عيسى قاسم والوفاق؟
لن ندخل كثيراً في تفاصيل التمثيل ولعبة الأرقام، فما يهمنا انعكاسات 14 فبراير الذي بات وهماً، فالمدارس استمرت في عملها باستثناء من قطع الطريق على طلبتها ومدرسيها، وحركة البنوك والمعاملات الحكومية استمرت، وموظفو القطاعين العام والخاص واصلوا عملهم دون اكتراث بدعوات الإضراب اليائسة. فمر ذلك اليوم بشكل طبيعي باستثناء الأعمال الإرهابية التي وقعت في العديد من المناطق جراء عملية التحريض التي جرت قبلها بأيام.
فماذا كانت نتيجة 14 فبراير 2013؟
طبعاً مزيد من الفشل وخسارة الجماهير وتأييدهم لأي مطالب سياسية تقوم على الإقصاء ونفي الآخر. وحتى مع تطور أحداث هذا اليوم كان لافتاً عدم الاهتمام الدولي بالأحداث المحلية باستثناء تصريح السفير الأمريكي الذي حاول أن يكون فيه حيادياً، وشدد على ضرورة مواصلة استكمال الحوار الوطني. ولا يمكن تحليل ما حدث في هذا اليوم غير ذلك، ومن كان ينتظر تصاعد الإرهاب والمواجهات الأمنية ليتخذ موقفاً آخر في سياق مواصلة الحوار طبعاً واهم.