عيسى قاسم يوم الجمعة الماضي أكد رفضه إدانة العنف، بل ودعا إلى الاستمرار في العنف لأنه أداة من أدوات التعبير «السلمي»، وقبل ذلك رفضت الجمعيات الست التوقيع على بيان قدم من ائتلاف الجمعيات السياسية خلال حوار التوافق الوطني، ومازال العنف والإرهاب مستمراً طبعاً.
الجماعات الراديكالية استطاعت قبل نحو سنتين تسويق ممارساتها ومواقفها الراديكالية بأنها تعبير سلمي، وحاولت بنجاح جزئي تسويق جهودها لإسقاط النظام على أنها «ثورة سلمية»، ولكن هذا التسويق لم يجدِ نفعاً بعد أبريل 2011، حيث انتهت نتائج التسويق في صيف ذلك العام.
لنأخذ مظهراً من مظاهر انتهاء فكرة «سلمية مطالبات الجماعات الراديكالية»، فالتصريحات والمواقف الدولية خلال مارس وفبراير 2011 كانت تؤكد سلمية الحراك الشعبي في البحرين، ولكنها الآن مثلاً لا ترى هذه النظرة تماماً، فما يجري في الشوارع هو عنف سياسي وإرهاب مرفوض بشكل تام مهما كانت مبرراته، والموقف الدولي يرى أيضاً أن هناك إصلاحات تحققت على أرض الواقع، ولكن هناك حاجة لإصلاحات أكبر.
تطور هذا الاتجاه في المواقف الدولية تجاه البحرين ليصل خلال اليومين الماضيين إلى تطور جديد عندما طالب وزير الدولة البريطاني أليستر بيرت في حوار مع صحيفة «الحياة» اللندنية الجماعات الراديكالية بـ «الانفصال الكلي عن أولئك الذين يملؤون الشوارع بالعنف».
نتوقع خلال الفترة المقبلة أن تتطور المواقف الدولية ضد الجماعات الراديكالية في البحرين، ويكون الاتجاه قائماً على ضرورة الانفصال بين هذه الجماعات تحديداً من جهة، ومن يقوم بالإرهاب والعنف السياسي.
من الناحية النظرية فإن هذا الانفصال ممكن، ولكنه متعذر تماماً من الناحية الواقعية، فالجمعيات السياسية التي تمثل الخط الراديكالي لا يمكن أن تنفصل عن جماهيرها، لأن الأخيرة هي التي تكسبها النفوذ والقوة السياسية، وبدونها لا نفوذ ولا قوة سياسية.
نفس الفكرة تنطبق على فكرة انفصال الجمعيات السياسية الراديكالية عن المؤسسة الدينية الشيعية التي تمثل خط ولاية الفقيه، نظرياً من الممكن تحقيق الانفصال، ولكن عملياً مستحيل.
ولكن هناك مخرجاً يمكن من خلاله تحقيق الانفصال بين الجمعيات السياسية الراديكالية عن الجمهور العنيف، وهو بلاشك محدود، وذلك عندما يتم تصنيف الإرهاب الجاري في البحرين بأنه إرهاب دولي يجب محاربته، ويتزامن ذلك بمحاربة واجتثاث تيار ولاية الفقيه من البلاد باعتباره فكراً إقصائياً متطرفاً راديكالياً ينبغي محاربته كما هو الحال بالنسبة لمحاربة واجتثاث فكر القاعدة.