قيل إن مسؤولاً في دولة عربية تم تعيينه في منصبه الجديد، فانهالت عليه التهاني، وأصبح لا يعرف كيف يمشي في مكتبه من زحمة باقات الورود. كان المسؤول مسروراً كثيراً بهذه الورود والتهاني حتى لم يعد لديه مكان جديد لباقة ورد جديدة.
هذا المسؤول لم يكن على علاقة طيبة بصاحب المنصب السابق الذي صار مكانه، فما كان منه إلا أن قرر إنفاق مبلغ كبير من أجل تغيير كل أثاث وديكور المكتب الذي كان جديداً أيضاً.
هذا التغيير كلف الوزارة أو المؤسسة مبلغاً كبيراً، لكن لا أحد يستطيع أن يتكلم أو يقول للمسؤول إن هذا ليس صحيحاً، وإن أثاث المكتب كان جديداً.
لم يلبث الأمر إلا بضعة شهور، وتم نقل المسؤول إلى مكان آخر ووزارة أخرى أقل شأناً من وزارته، وترك الأثاث الجديد لمسؤول آخر.
هذه القصص تحدث في كل بلد وفي كل مكان، المسؤول دائماً ما يشعر أنه باقٍ إلى زمن بعيد، غير أن الحياة تتقلب كل يوم، اليوم هنا وغداً هناك، فمن يتفاخر بمنصبه كوزير أو أدنى فإنه قد يسمع خبر تغييره من التلفاز، ويذهب المنصب ويذهب من كان يلاحق الوزير من أجل المنصب.
بالأمس سمعت مقولة أعجبتني عن المناصب، فضرب أحدهم مثالاً واقعياً وقال: «كرسي المنصب يشبه كرسي الحلاق، يجلس كل شخص يأخذ وقته على الكرسي ويرحل، ويأتي غيره ويجلس، وهكذا دواليك».
كل إنسان منا هو في الحياة يحتاج إلى مثل كرسي الحلاق، كل شخص منا هو في مكانه إلى زمن معين، وبعدها يتركه لغيره، مهما كان الدور والمنصب صغيراً.
أمس أيضاً علق أحد الأخوة في موقع «الوطن» الإلكتروني على مقالة أمس وتناول نقطة ليست بعيدة عما ذكرنا، الأخ قال بما معناه؛ إن هناك شباباً كثيرين في البحرين محبطون، ويستحقون أن ينالوا مناصب يخدمون فيها بلدهم، إلا أن ذلك لا يحدث، والمناصب تذهب حسب تقديرات أخرى ربما غير الكفاءة والوطنية وحب البحرين.
جزء مما نحتاجه اليوم لننافس دول الجوار هو أن نعطي فرصاً للشباب المبدع الذي يستطيع أن يطور ويخدم وطنه بأمانة ونزاهة.
هذا ما تنتهجه دول مجاورة، تبتعث الشباب والشابات إلى الخارج، ويرجعون إلى مناصب تنتظرهم، لذلك نشاهد قفزات نوعية فارقة لدى دول الجوار.
أخشى أننا نفقد جهود أجيال من الشباب كانت تمني النفس بخدمة وطنها، لكنها أحبطت وجمدت.
لا أتمنى أبداً أن أسمع أخباراً عن شباب غادروا البحرين إلى دول الجوار بحثاً عن فرص أفضل للعمل، أو أن تلك الدول استقطبتهم، وبالتالي نفتقد قوة وطاقة وطنية كانت يجب أن تنهض بوطنها.
كرسي الحلاق كرسي متحرك، لكنه في كل الأحوال كرسي غير مريح، لكن البعض يعشقه ويتمنى ألا ينتهي الحلاق حتى يبقى جالساً، بينما القاعدة تقول إن هذا الكرسي لا يدوم عليه زبون.