كثيرة هي البيانات التي تصدر عن المنظمات السياسية والحقوقية وجميعها تعتمد عبارات فضفاضة بعيدة عن الواقع ودعوات غير قابلة للتطبيق حتى لو استلم من أصدرها الحكم في العالم بأسره. من ذلك على سبيل المثال الدعوة إلى «النضال الذي لا يعرف الكلل في سبيل عالم خالٍ من استغلال الإنسان للإنسان.. وخالٍ من التمييز والاضطهاد مهما كان شكله وعنوانه» و»النضال من أجل الديمقراطية والسلام والعدالة الاجتماعية». هذه العبارات ومثلها كثير كلام عام يعرف قائله إنه قليل القيمة وغير قابل للتحقق وأنه بعيد عن الواقع.
لتقريب الصورة لنتصور بيانات تحتوي العبارات التالية: «نعمل من أجل ظروف أفضل وحياة أكثر استقراراً» و»نعمل من أجل تحسين الأجور وظروف العمل.. أو لمجلس نيابي بصلاحيات أوسع أو لتوظيف المواطنين في وظائف تتناسب ومؤهلاتهم وقدراتهم أو لتوسيع دائرة الحريات» وغير هذه من عبارات لا يختلف اثنان على أنها قابلة للتطبيق وواقعية. فليس مستحيلاً تحقيق أي من هذه المطالب ولكن المستحيل هو الوصول إلى مرحلة لا يستغل فيها الإنسان إنساناً، والسبب ببساطة هو أن هذا الأمر وإن كان حلماً مشروعاً إلا أنه غير ممكن التحقق لأمور تتعلق بطبيعة البشر، وإلا ما وجدنا رجل دين يتجاوز فيرتشي أو يسرق أو يجيز لنفسه ما لا يجيزه الشرع له أو لغيره. والأمر نفسه فيما يتعلق بإيجاد مجتمع خالٍ من التمييز والاضطهاد مهما كان شكله وعنوانه.. ذلك أن إيجاد مجتمع مثالي ملائكي يظل خارجاً عن إرادة البشر.
ما يتم تضمينه تلك البيانات يدخل في باب المتاجرة بأحلام البسطاء؛ لأن معتمدي تلك البيانات لا يملكون تحقيق تلك العناوين الكبيرة، ولو أتيحت لهم الفرصة ذات مرة لتسلطوا ولبرروا لتسلطهم ولم يتركوا قرآناً ولا سنة إلا ووظفوهما لإقناع البسطاء بأخطائهم.. ولاتخذوا من الجملة الشهيرة «لكل مجتهد نصيب» عنواناً لعدم تمكنهم من تجاوز الطبيعة البشرية.
نحن إذاً أمام حالة من المبادئ الجميلة نظرياً، لكن غير القابلة للتحقق على أرض الواقع، يتم بها توسيع مساحة أحلام البسطاء من الناس ليظلوا باستمرار أداة طيعة يستفيد منها مروجو تلك المبادئ الذين يعلمون علم اليقين أن ما يرفعونه من شعارات لا ترجمة له على أرض الواقع، فكلما ضاقت العناوين غرق الباحثون فيها والعكس صحيح، وما يتم طرحه عبر تلك البيانات يندرج تحت العناوين غير المفصلة التي «لا مريال» للناس فيها (يدرك الباحثون أن عنوان بحث مثل «ديمقراطية» لا يمكن إلا أن يتوه المرء فيه لأنه واسع، بينما لو كان العنوان «الديمقراطية في البحرين» لكان أقرب إلى التحقق، لكن الأقرب منه والأكثر عملياً إن كان عنوان البحث «الديمقراطية في البحرين في السنوات العشر الأخيرة».. وهكذا، كلما اتسع العنوان وزادت كلماته وتفصل كلما اقترب من الواقع وكانت نتائجه ممكنة.. والعكس صحيح).
ما تتضمنه بيانات تلك المنظمات السياسية والحقوقية من عناوين لا يمكن أن تتحقق، والمؤلم أن مصدريها يعلمون جيداً أنها غير ممكنة التحقق ومع ذلك يعتمدونها.
في السياق نفسه تندرج عناوين مثل إسقاط النظام ورحيل العائلة المالكة ونزع الجنسية وغيرها من عناوين لا ارتباط لها بالواقع، فهي بضاعة مغشوشة تباع على البسطاء مع سبق الإصرار والترصد، وهم يشترونها لأنها تمس أوتاراً حساسة لديهم وتدغدغ مشاعرهم وتقدم لهم مزينة. فإذا أضيف إلى كل هذه الخلطة أقوال نسبت إلى شخصيات دينية ذات تأثير وأسندت بمقاربات بين قصص حدثت في التاريخ فإن مقالاً كهذا يدخل في باب «الاضطهاد الذي ينبغي أن يحارب»!
لتقريب الصورة لنتصور بيانات تحتوي العبارات التالية: «نعمل من أجل ظروف أفضل وحياة أكثر استقراراً» و»نعمل من أجل تحسين الأجور وظروف العمل.. أو لمجلس نيابي بصلاحيات أوسع أو لتوظيف المواطنين في وظائف تتناسب ومؤهلاتهم وقدراتهم أو لتوسيع دائرة الحريات» وغير هذه من عبارات لا يختلف اثنان على أنها قابلة للتطبيق وواقعية. فليس مستحيلاً تحقيق أي من هذه المطالب ولكن المستحيل هو الوصول إلى مرحلة لا يستغل فيها الإنسان إنساناً، والسبب ببساطة هو أن هذا الأمر وإن كان حلماً مشروعاً إلا أنه غير ممكن التحقق لأمور تتعلق بطبيعة البشر، وإلا ما وجدنا رجل دين يتجاوز فيرتشي أو يسرق أو يجيز لنفسه ما لا يجيزه الشرع له أو لغيره. والأمر نفسه فيما يتعلق بإيجاد مجتمع خالٍ من التمييز والاضطهاد مهما كان شكله وعنوانه.. ذلك أن إيجاد مجتمع مثالي ملائكي يظل خارجاً عن إرادة البشر.
ما يتم تضمينه تلك البيانات يدخل في باب المتاجرة بأحلام البسطاء؛ لأن معتمدي تلك البيانات لا يملكون تحقيق تلك العناوين الكبيرة، ولو أتيحت لهم الفرصة ذات مرة لتسلطوا ولبرروا لتسلطهم ولم يتركوا قرآناً ولا سنة إلا ووظفوهما لإقناع البسطاء بأخطائهم.. ولاتخذوا من الجملة الشهيرة «لكل مجتهد نصيب» عنواناً لعدم تمكنهم من تجاوز الطبيعة البشرية.
نحن إذاً أمام حالة من المبادئ الجميلة نظرياً، لكن غير القابلة للتحقق على أرض الواقع، يتم بها توسيع مساحة أحلام البسطاء من الناس ليظلوا باستمرار أداة طيعة يستفيد منها مروجو تلك المبادئ الذين يعلمون علم اليقين أن ما يرفعونه من شعارات لا ترجمة له على أرض الواقع، فكلما ضاقت العناوين غرق الباحثون فيها والعكس صحيح، وما يتم طرحه عبر تلك البيانات يندرج تحت العناوين غير المفصلة التي «لا مريال» للناس فيها (يدرك الباحثون أن عنوان بحث مثل «ديمقراطية» لا يمكن إلا أن يتوه المرء فيه لأنه واسع، بينما لو كان العنوان «الديمقراطية في البحرين» لكان أقرب إلى التحقق، لكن الأقرب منه والأكثر عملياً إن كان عنوان البحث «الديمقراطية في البحرين في السنوات العشر الأخيرة».. وهكذا، كلما اتسع العنوان وزادت كلماته وتفصل كلما اقترب من الواقع وكانت نتائجه ممكنة.. والعكس صحيح).
ما تتضمنه بيانات تلك المنظمات السياسية والحقوقية من عناوين لا يمكن أن تتحقق، والمؤلم أن مصدريها يعلمون جيداً أنها غير ممكنة التحقق ومع ذلك يعتمدونها.
في السياق نفسه تندرج عناوين مثل إسقاط النظام ورحيل العائلة المالكة ونزع الجنسية وغيرها من عناوين لا ارتباط لها بالواقع، فهي بضاعة مغشوشة تباع على البسطاء مع سبق الإصرار والترصد، وهم يشترونها لأنها تمس أوتاراً حساسة لديهم وتدغدغ مشاعرهم وتقدم لهم مزينة. فإذا أضيف إلى كل هذه الخلطة أقوال نسبت إلى شخصيات دينية ذات تأثير وأسندت بمقاربات بين قصص حدثت في التاريخ فإن مقالاً كهذا يدخل في باب «الاضطهاد الذي ينبغي أن يحارب»!