الأحداث التي عاشتها البحرين في السنتين الأخيرتين، ولاتزال مستمرة، بسبب تعنت البعض وقلة خبرته السياسية وافتقاده للنظرة الواقعية وضيق أفقه، هذه الأحداث أثرت في سلوكيات أهل البحرين، سواء كانوا مواطنين ومقيمين، تأثيراً كبيراً إلى الحد الذي صار مطلوباً من الواحد منا أن يلتمس العذر للآخر، إن أخطأ أو تجاوز حده أو «طلع عن طوره»، فمثل هذه الأحداث تشكل ضغطاً نفسياً رهيباً على الإنسان - الذي خلق ضعيفاً - ويظهر في شكل سلوكيات سالبة.
عندما تتوقف عند إشارات المرور «الإشارات الضوئية»، التفت حولك ولاحظ الحركات العصبية، التي تصدر من سائقي المركبات الأخرى، وستدرك مقدار تأثير الأحداث على الناس أجمعين. هذا ينتف شاربه، ذاك سارح، ثالث «امبقق» عيونه، وقد عض على شفته السفلى، رابع يضرب بيده على «السكان» بطريقة تكشف عن مقدار عصبيته، خامس وسادس وسابع يتلفتون يميناً وشمالاً، من دون أن يركزوا على شيء محدد، وجميعهم يضعون أيديهم على «الهرن»، بمجرد أن تتغير الإشارة من حمراء إلى صفراء، ويا ويل من تخونه قدراته، فلا يتحرك في التو واللحظة أو لم يتمكن بعد من الإفلات من حالة «السرحان» التي دخل فيها.
المثال السابق عن سلوكيات سلبية، نراها في الشارع، لكن الضغوطات النفسية التي صار يعاني منها الناس في البحرين لا تقتصر على ذلك، ففي البيوت ما هو أشد وأنكى، بل إن الحال وصل في بعضها إلى الحد الذي صار فيه الزوج لا يتحمل زوجته، والزوجة لا تتحمل زوجها، وصار فيه جميع أفراد الأسرة «منرفزين» من دون أن يجدوا تفسيراً واضحاً لحالتهم تلك. صار كل واحد «مخنوق» من الآخر، وصار كل واحد ينتظر الفرصة ليظهر ما في داخله من غضب، فيصرخ أو لعله يتجاوز حدوده، ويصفع من أمامه ويكسر ما حوله من أثاث و»مواعين».
هذه الحركات العصبية والسلوكيات غير الطبيعية في مجتمع البحرين الهادئ والمعروف بإيقاعه البطيء لا تفسير لها سوى ما صار يعانيه الناس جميعاً، بسبب الأحداث التي تعيشها البلاد، والتي هي نتيجة تلك القفزة التي نفذها البعض في الهواء.
للأسف وصلت أحوال الناس في البحرين اليوم إلى هذا المستوى غير المقبول، وللأسف أيضاً أن المتوقع أن تزداد سوءاً، لنصل بعد قليل إلى التعبير عن ذلك بطرق أخرى، قد تفضي إلى الموت – كما هو في بعض البلدان التي عانت من مشكلات كبيرة أو حروب أهلية – فيقتل أحدنا الآخر لأتفه الأسباب.
لست في حاجة إلى الاستفسار من الأطباء النفسيين عن الزيادة في أعداد من صاروا يخضعون لعلاج نفسي، ففي مثل هذه الأحوال يكون الجميع مرشحاً للانضمام إلى قائمة المرضى النفسيين، إلا من رحم. لكني أطلب من الأطباء النفسيين أن يتدخلوا فيكشفوا عما يمكن أن يكشفوا عنه من أحوال الناس بسبب تلك الأحداث، التي لا بد من وضع حد لها، حيث استمرارها يعني ارتفاع حصيلة المتضررين نفسياً، والكل يعلم أن الشفاء من أمراض النفس أكثر صعوبة بعشرات المرات من الشفاء من أمراض الجسد، دون أن يعني هذا أن الأحداث التي نعيشها اليوم لا تأثير لها على أجسادنا، فعندما تسوء الأحوال النفسية يتضرر الجسد ولو من باب التداعي.
هذه دعوة للأطباء النفسيين ليمارسوا دورهم في بيان الأحوال وتوعية الناس وإرشادهم، إلى ما قد يعينهم على ألا يتحولوا سريعاً إلى مرضى نفسيين، تستدعي حالاتهم الخضوع للعلاج الطويل، فهذا دور وطني عليهم أن يقوموا به عبر مختلف وسائل الإعلام، وإن كان أسهلها وأكثرها تأثيراً في مثل هذه الأحوال الندوات التي تتيح لحاضريها الاستفسار عن أمور كثيرة لعل بعضها شخصي.
{{ article.visit_count }}
عندما تتوقف عند إشارات المرور «الإشارات الضوئية»، التفت حولك ولاحظ الحركات العصبية، التي تصدر من سائقي المركبات الأخرى، وستدرك مقدار تأثير الأحداث على الناس أجمعين. هذا ينتف شاربه، ذاك سارح، ثالث «امبقق» عيونه، وقد عض على شفته السفلى، رابع يضرب بيده على «السكان» بطريقة تكشف عن مقدار عصبيته، خامس وسادس وسابع يتلفتون يميناً وشمالاً، من دون أن يركزوا على شيء محدد، وجميعهم يضعون أيديهم على «الهرن»، بمجرد أن تتغير الإشارة من حمراء إلى صفراء، ويا ويل من تخونه قدراته، فلا يتحرك في التو واللحظة أو لم يتمكن بعد من الإفلات من حالة «السرحان» التي دخل فيها.
المثال السابق عن سلوكيات سلبية، نراها في الشارع، لكن الضغوطات النفسية التي صار يعاني منها الناس في البحرين لا تقتصر على ذلك، ففي البيوت ما هو أشد وأنكى، بل إن الحال وصل في بعضها إلى الحد الذي صار فيه الزوج لا يتحمل زوجته، والزوجة لا تتحمل زوجها، وصار فيه جميع أفراد الأسرة «منرفزين» من دون أن يجدوا تفسيراً واضحاً لحالتهم تلك. صار كل واحد «مخنوق» من الآخر، وصار كل واحد ينتظر الفرصة ليظهر ما في داخله من غضب، فيصرخ أو لعله يتجاوز حدوده، ويصفع من أمامه ويكسر ما حوله من أثاث و»مواعين».
هذه الحركات العصبية والسلوكيات غير الطبيعية في مجتمع البحرين الهادئ والمعروف بإيقاعه البطيء لا تفسير لها سوى ما صار يعانيه الناس جميعاً، بسبب الأحداث التي تعيشها البلاد، والتي هي نتيجة تلك القفزة التي نفذها البعض في الهواء.
للأسف وصلت أحوال الناس في البحرين اليوم إلى هذا المستوى غير المقبول، وللأسف أيضاً أن المتوقع أن تزداد سوءاً، لنصل بعد قليل إلى التعبير عن ذلك بطرق أخرى، قد تفضي إلى الموت – كما هو في بعض البلدان التي عانت من مشكلات كبيرة أو حروب أهلية – فيقتل أحدنا الآخر لأتفه الأسباب.
لست في حاجة إلى الاستفسار من الأطباء النفسيين عن الزيادة في أعداد من صاروا يخضعون لعلاج نفسي، ففي مثل هذه الأحوال يكون الجميع مرشحاً للانضمام إلى قائمة المرضى النفسيين، إلا من رحم. لكني أطلب من الأطباء النفسيين أن يتدخلوا فيكشفوا عما يمكن أن يكشفوا عنه من أحوال الناس بسبب تلك الأحداث، التي لا بد من وضع حد لها، حيث استمرارها يعني ارتفاع حصيلة المتضررين نفسياً، والكل يعلم أن الشفاء من أمراض النفس أكثر صعوبة بعشرات المرات من الشفاء من أمراض الجسد، دون أن يعني هذا أن الأحداث التي نعيشها اليوم لا تأثير لها على أجسادنا، فعندما تسوء الأحوال النفسية يتضرر الجسد ولو من باب التداعي.
هذه دعوة للأطباء النفسيين ليمارسوا دورهم في بيان الأحوال وتوعية الناس وإرشادهم، إلى ما قد يعينهم على ألا يتحولوا سريعاً إلى مرضى نفسيين، تستدعي حالاتهم الخضوع للعلاج الطويل، فهذا دور وطني عليهم أن يقوموا به عبر مختلف وسائل الإعلام، وإن كان أسهلها وأكثرها تأثيراً في مثل هذه الأحوال الندوات التي تتيح لحاضريها الاستفسار عن أمور كثيرة لعل بعضها شخصي.