في كلمته التي ألقاها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في افتتاح القمة الرابعة والعشرين للقادة العرب التي عقدت في الدوحة يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين قال «إنه في الوقت الذي تبذل فيه دول مجلس التعاون جهوداً كبيرة لتطوير علاقاتها بالجمهورية الإسلامية الإيرانية على أسس الالتـزام بمبادئ حسن الجوار، واحتـرام سيادة ووحدة أراضي كل دولة من دول المنطقة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية نجد أن تهديداتها المتكررة للملاحة الدولية في مضيق هرمز، واستمرار احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، وتدخلها في الشؤون الداخلية لدولنا، ودعمها للخلايا الإرهابية، بما يمثل إخلالاً وانتهاكاً غيـر مقبول بتلك المبادئ ويخلق حالة من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة».
ما تفضل به جلالة الملك ليس ادعاءات كما تردد إيران و»المعارضة»، التي تعتبر كل حقيقة تأتي بها السلطة في البحرين بعيدة عن الواقع، فحسب المنطق لا يمكن لأي دولة أن توجه مثل هذه الاتهامات لدولة أخرى هكذا اعتباطاً ومن دون وجود أدلة وحقائق، وليس منطقاً القول إن «البحرين تريد بتوجيه هذه الاتهامات لإيران إبعاد الأنظار عن مشكلاتها في الداخل»، لأنه كلام بعيد عن المنطق حيث إن الأنظار إن ابتعدت عن مشكلة ما في مكان ما يومين، عادت إليها في اليوم الثالث.
بالمنطق لا يمكن لقيادة البحرين أن تتهم إيران بكل هذه الاتهامات لو لم تكن تمتلك الدليل وما يثبت اتهاماتها، فإيران على مرمى حجر من البحرين، ووضعها في خانة المعادي ليس في صالح دول مجلس التعاون، التي تربطها بها علاقات تاريخية ومصالح تجارية. لا مصلحة للبحرين في معاداة إيران، ولكن أيضاً لا يمكن للبحرين التغاضي عن أفعال إيران وأقوالها.
إيران لم تقدّر جهود دول التعاون الكبيرة لتطوير العلاقات معها وضربت مبادئ حسن الجوار واحترام سيادة ووحدة أراضي كل دولة من دول المنطقة عرض الحائط، ولم تتردد في توجيه التهديدات تلو التهديدات بإغلاق مضيق هرمز الحيوي، ولاتزال مستمرة في احتلالها للجزر الإماراتية الثلاث، كما لا تتردد في التدخل في شؤون دول المنطقة الداخلية، والبحرين هي المثال الأبرز هنا، كما إن ما رشح من معلومات عن القبض على خلية تعمل لصالح إيران في السعودية مثال صارخ على هذا «الادعاء». هل يعقل أن يكون كل هذا ادعاءات وافتراءات على إيران؟
إن ما تقوم به إيران يمثل كما قال جلالة الملك في كلمته أمام القمة «إخلالاً وانتهاكاً غيـر مقبول بتلك المبادئ ويخلق حالة من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة».
المتابعون لتطورات الأحداث في البحرين يبصمون بالعشرة على أن لإيران دوراً فيها، وأنها هي من تدير «المعارضة»، وإن كان ما توصله إليها من توجيهات يكون على شكل نصح ورأي، وما الدعم الإعلامي المهول عبر العديد من الفضائيات وعلى رأسها الفضائية السوسة «فضائية العالم الإيرانية» إلا مثال فاضح لتدخلات إيران في أمور لا علاقة لها بها، وما الادعاءات التي تصدر عن مسؤولين إيرانيين أو أفراد مقربين من القيادة في إيران بين الحين والحين فيما يخص البحرين والقول إنها «مال مو» إلا مثال آخر على تدخلها في شؤون المنطقة ودورها في تحريك الأحداث فيها.
كل ما سلف لا يمكن أن يكون ادعاءات، لأنها حقائق يراها فاقدو البصر، فالادعاءات هي ما تقوله إيران وما تروج له بإصرار لافت.
كثيرون يندهشون من تصرفات إيران ومواقفها وسعيها لمعاداة دول التعاون، ذلك أن تطوير علاقتها بدول هذه المنظومة الخليجية فيه مكاسب عظيمة لها وفيه مخارج للكثير من المشكلات التي تعاني منها في الداخل والتي تتفاقم بسبب الموقف الدولي منها.