أصبحنا «نتطنز» على أنفسنا لدرجة الغثيان، باتت معاناتنا لعبة يتداولها النواب عبر وسائل الإعلام، ووسيلة لاستعراض العضلات «الهشة» غير الموجودة أصلاً.
لا أشك أن النواب بحاجة للاستعانة بالبطل الكارتوني «بباي»، وتقليده في تناول سبانخ تحول «عصاقيله» إلى عضلات نامية متينة تقهر أقوى الأعداء ليغنم بالمحبوبة «زيتونة».
قصة زيادة الرواتب والشد والجدل مع وزير المالية «ممثل الحكومة» في هذا الجانب، جعل المشيشين في القهاوي يجدون لهم موضوعاً آخر للحديث إلى جانب دوري الأبطال، ومن يحسم التأهل من الدور نصف النهائي وطرفي المباراة النهائية في ملعب «ويمبلي» في لندن، وهل سيكون الدوري من نصيب الفرق الإسبانية «برشلونة وريال مدريد» أم الفرق الألمانية «بايرن ميونخ أو دورتموند».
هذه الأسئلة تحسمها المباريات المقبلة بكل تأكيد، وإن كان لكل محب لفريق حساباته وأمنياته، لكن مشكلتنا مع النواب بحاجة إلى حسبة أكثر تعقيداً، بعد أن خرجوا علينا في البداية ممسكين بالحبل ويشدونه بقوة، توقعنا أنهم يملكون عضلات متينة تجبر الحكومة على ألا تعلن الميزانية إلا والبحرينيون يتنعمون بزيادة الرواتب.
ذلك فقط كان يمكن أن يشعر المواطن المغلوب على أمره، أن أعضاء البرلمان «قول وفعل»، وأنها سابقة أولى يتذوق فيها طعم الزيادة موظفو الحكومة والخاص دون تفضيل أحدهما كما جرت العادة.
عند كل إعلان عن زيادة بالمعاش للعاملين بالقطاع الحكومي تأتي الفرحة، أما عيال «الخاص» فإنهم ليسوا بأولاد تسعة، حتى الواحد منهم إذا توجه إلى بنك يطلب قرضاً على سبيل المثال، أول سؤال يوجه إليه «وين تشتغل في الحكومة أم في القطاع الخاص؟»، وأصبح العمل في القطاع الخاص «جريمة يعاقب عليها القانون»، والموظف بهذا القطاع لا يجوز له الحصول على قرض وكأنه يعمل في الممنوعات مثلاً.
بالعودة للنواب الأفاضل نشعر في كثير من قضاياهم المطروحة، وعندما يصرون على عدم التنازل عنها، أنها ضجة إعلامية لشغل الصحف المحلية ليس إلا، وما تلبث أن تنتهي «الزوبعة» وتدرج طي النسيان، وما أكثرها من قضايا تفاعل معها المواطن وتحمس لها أكثر من اللازم وانتهت دون نتيجة.
أعتقد أن هذه القضية غير والنواب لن يتنازلوا عنها وأنهم «مافي أذنهم ماي»، مصممون على تحقيق ولو حلم واحد من أحلام المواطن البسيط التي تكدست في أدراجهم وعلاها غبار النسيان «من كثرها»، بعد أن تحدثوا عن القروض وفواتير الكهرباء والإسكان وارتفاع الأسعار وأصبحت «نار نار نار».
الكثير من قضايا المواطنين وكلها تبدأ بصراخ وعويل وتحد ولا تنازل عن حق المواطن ولا تفريط في مطالب الناس، وتنتهي بلا ثالثة وهي المهمة «لا يمكن أن نستمر في الموضوع بطارياتنا بحاجة إلى من يشحنها»، ولا يمكن لنا أن نعترض على الطلب وسنمرره كي تمشي الساعة ولا نعطل ميزانية الدولة ومشاريعها المخصصة أساساً للمواطن.
يعني الفشل في القرار تلو القرار، وهو ما دفع الناس أن يديروا ظهورهم لـ»هكذا ناس»، فالبداية والنهاية أصبحت ماركة مسجلة لكل ما يطرح، وكأنك أمام فيلم هندي «شوية أغاني وشوية آكشن وشوية رومانسية وشوية بكا وبعدها يكتشف العدو أنه يقاتل شقيقه، وأن من يقاتل للفوز بها هي باختصار شقيقته».
إن أردتم حلاً يرضي المواطن الذي دخلتم البرلمان باسمه ولتلبية مطالبه، عليكم الاتصال بوكيل أعمال مستر «بباي» عله يفيدكم ويستفاد من وجودكم.
الرشفة الأخيرة
لا أدري هل موظفو البلدية في دول مجلس التعاون «أحولت» عيونهم وتصرفوا بطريقة خاطئة هي ما جعلتهم بدلاً من أن يرموا القمامة في المكان المخصص لها بعيداً عن المواطنين وحفظاً لصحتهم وبيئتهم، تصرفوا بالطريقة الخاطئة وحملوا الزبالة إلى إذاعات «إف إم» وما أكثرها في الوطن العربي، ففيها ما يسمى بالأغاني ما ينفغ لترس مساحات كبيرة للدفان والزبالة، وأصبح المستمع العربي بدل أن يسمع ما يسر خاطره، عليه أن يتحمل «البلاوي» التي تسمى أغان، منها ما يشتم ويتفنن في الشتائم «يابنت الأيه سويتيها فيني وقصيتي علي وحبيتي غيري»، ومنها من يحط أي كلام على أي لحن وينعق «آنه أدور يم بيتكم ومشغل أغاني راشد الماجد ومحمد عبدو يمكن تطلعين وتطبين في غرامي».
يا رب ارحمنا من هكذا إعلام وهكذا طرب، وكفاية علينا مقدمي البرامج اللي على الهوا وكلهم دمهم ثقيل ويتصورون أنفسهم إسماعيل ياسين وماري منيب وكأن الإستوديوهات تحولت إلى قهاوي للسوالف والتعليق على بعضهم البعض، وكل شيء عندهم «حصرياً» وأنت يا مستمع «وين ما تطقها عوية».