الجماعات العابرة للحدود هي التحدي الأمني الجديد لدول مجلس التعاون، وبدأت قوتها تزداد وشبكاتها تتسع حين تحصل على دعم من قوى أجنبية وحين استفادت وبقوة من وسائل التواصل الاجتماعي.
بغض النظر عن تسميتها أو توجهها العقائدي إلا أن لتلك الجماعات دستورها وعقيدتها وأهدافها وأجندتها التي تتقاطع في كثير من الأحيان مع أمن واستقرار الدول وسيادتها.
وتخوض بعض هذه الجماعات حروباً معلنة ضد دول الخليج العربي كما هو حزب الله، وأحياناً العكس تخوض بعض دول الخليج حرباً مع تلك الجماعات كما هو الحال بين الإمارات وجماعات الإخوان المسلمين، في حين تقف دول مجلس التعاون عاجزة إلى الآن عن وضع استراتيجية شاملة لتحديد موقفها الموحد من هذه الجماعات من أجل الحفاظ على الأمن القومي.
وحين تضع البحرين قائمة لتصنيف الجماعات الإرهابية تكون ربما قد وضعت اللبنة الأولى لسد الثغرات القانونية لتحديد طبيعة تلك الجماعات وتحديد خطرها وتجريم الاتصال بها ووضع العقوبة على الجرم، وبهذا ستكون البحرين الدولة العربية الأولى التي تضع تصنيفاً للجماعات العابرة للحدود.
إنما الأمر أوسع من ذلك بكثير فملف المنظمات العابرة للحدود يعد من أهم الملفات التي تهدد الأمن القومي لدول مجلس التعاون ولم يعط الدراسة والأهمية الكافية، ولسنا نتكلم فقط عن المنظمات المسلحة كحزب الله أو القاعدة أو غيره بل نتكلم حتى عن المنظمات الدولية التي وقعنا معها بروتوكولات ومعاهدات ولم ننتبه بدرجة كافية للخط الفاصل بين حدودها وحدودنا السيادية بدقة، الأمر الذي كان يجب أن يعالج ويحدد بشكل موحد بين دول المجلس إن كنا سنتكلم عن اتحاد خليجي، حتى سمحنا لهذا التماهي بين الخطوط السيادية أن يعبث بأمننا ويفرض علينا واقعاً يهدد ليس أمن الدولة التي انضمت للاتفاقية فحسب، بل يؤثر هذا التهديد على بقية الدول التي أصبح مصيرها مشتركاً معنا، أي إننا استسلمنا لواقع سبقنا إعداداً وتخطيطاً حتى دخل لعقر دارنا وفرض علينا فرضاً.
اليوم الدول تحارب لا بالجيوش ولا بغزو بل عبر هذه المنظمات الحقوقي منها والمسلح منها والتجاري منها جميعها أصبحت هي القوى الفاعلة الجديدة اليوم.
ولقد شاهدنا كيف احتضن حزب الله فرعاً له في البحرين تدريباً وتمويلاً بل وقيادة مركزية موجودة في الضاحية الآن واحتضن نشاطها في لندن إعلامياً ولا يحتاج الأمر لجهد كبير ليرى البصمة اللبنانية واضحة للعيان في الحراك الميداني الإرهابي وفي الحراك الإعلامي، واستمر ذلك أكثر من عشر سنوات ولم نتحرك بحرينياً أو خليجياً لسد هذه الثغرة القانونية وسد هذا الغياب الاستراتيجي الذي يتطلب نظرة شمولية لدول مجلس التعاون لا يقف عند الاتفاقية الأمنية لتبادل المعلومات أو لتسليم المطلوبين، بل علينا أن ننظر للأمر بنظرة شمولية أوسع، السؤال الآن هو ماذا سنفعل تجاه هذه الجماعات العابرة للحدود السياسية، إنها حروب غزو جديد وتحتاج لاستعداد جديد.