كرد على الدعاية النازية المتعاطفة مع العرب، ولدت جامعة الدول العربية في 22 مارس 1945، بإيحاءات بريطانية، لتساعدها على تصفية النفوذ الفرنسي، ووقف الزحف الأمريكي. وقد عجزت الجامعة خلال 68 عاماً عن القيام بدورها لغياب آلية عمل فعالة لتطبيق قرارات القمم. كما عجزت عن مواجهة المخاطر الخارجية والبينية لغياب أطر حل المنازعات، وغياب أجهزة الردع العسكرية لتنفيذ معاهدة الدفاع المشترك. حيث شهدت أربع حروب، انهزمت في أولها 1948، واختبأت عن الثانية عام 1956، وتفرجت على الثالثة عام 1967، وتحاشت الرابعة عام 1973. والأهم أنها عجزت عن توحيد العرب أو جمعهم عبر برامج تنموية رغم توفر الرغبة والإمكانات.
ولسنا في وارد هدم الجامعة بذكر مثالبها، حتى نعيد بناءها في مكان آخر، فقد كفتنا عن ذلك الأمانة العامة للجامعة نفسها التي بدأت في دراسة مجموعة من المقترحات لنقل مقر الجامعة. كبناء مقر جديد على أطراف القاهرة، أو نقل مكاتبها لفندق منعزل. أما المقترح الذي لقي شك واستنكار، تحول لمعارضة شديدة من البعض، فهو أن تستضيف دولة خليجية اجتماعات الجامعة حتى يهدأ ميدان التحرير.
لقد كشفت معارضة النقل المؤقت للأمانة بذور أخرى أينعت بعد قمة الدوحة 26 مارس 2013، وكشفت الغطاء عن همهمات لا صوت لها عن علاقة دول الخليج بالجامعة العربية في عصر الربيع العربي.
إن نجاح المبادرات الخليجية عبر الجامعة هو خير وسيلة لدحض مقولات محددة، كادت تتحول إلى ثوابت ومنها أن الإدارة الخليجية لعمل الجامعة العربية في عصر الربيع العربي جعلها «مطية لتمرير الإملاءات الأمريكية والغربية لحماية الكيان الصهيوني». فيما نظرت جهات موتورة أخرى إلى منح مقعد سوريا في القمة للائتلاف الوطني السوري «كعملية استحواذ دفعت الخليجيين نظيرها إنشاء صندوق بمليار دولار أمريكي لدعم القدس، وانهمار الأموال على ثوار سوريا، وسد العجز في ميزانية القاهرة، وتونس». وأن هذا «القصف المالي هو للتمهيد للهجوم الخليجي الشامل لتنفيذ الجزء الثاني من اتفاقية «سايكس بيكو» لتفتيت العالم العربي».
قد لا نعلم مسوغات من يلقي كلماته كالنفايات على الشارع العربي، متجنباً كشف تواضع قدرته على توصيف مدخلات الضعف في النظام العربي القائم ونقده نقداً صحياً. لكننا نعلم أهم ما يؤهل دول مجلس التعاون لقيادة العمل العربي المشترك في المرحلة الراهنة سواء نقلت الأمانة العامة من مكانها أم لا، ومنها:
- إن الكويت ستستضيف القمة العربية المقبلة كما استضافتها الدوحة ومن قبلهما الرياض، كما استضافت العواصم الخليجية القمم التنموية الاقتصادية، واستضافت فعاليات عدة لا لرفاهية فنادقها وطيب أجوائها، بل لأن دول الخليج أكثر تأثيراً على الأوضاع في الربيع العربي من بقية أعضاء الجامعة الآخرين. كما إن لديها في سرعة وقوة القرار ما يشبه مجلس الأمن حيث زجت بقوات «درع الجزيرة» لسد الثقوب ومنع تسرب من حاول إغراق السفينة البحرينية.
- تسعى دول الخليج بمبادراتها للخروج بالجامعة من أتون عاصفة سياسية هوجاء، يصاحب عويلها عواء ذئاب إقليمية ودولية، تحاول التقاط الضحية القصية من العرب. كما إن كبر حجم دول الخليج ككتلة متجانسة القرار في الجامعة لم يجعلها ترفض أوتماطل في تنفيذ قرارات الجامعة منذ أن أصبحت جزءاُ من ذلك الهيكل، فرحبت بتدخل الجامعة لمنع وصول النفط إلى إسرائيل، ووضعت نفطها لخدمة القضايا العربية ولم تطبع مع الصهاينة.
- تأتي مصلحة الشعب العربي كمحرك أول للقرارات الخليجية التي حسمت بها الأمور في اليمن وليبيا والبحرين، متوقعين أن تظهر واشنطن ميلاً أكثر لطروحات الخليجيين لنصرة الشعب السوري .
- بما أن الهدف الأسمى للعرب هو الوحدة، فلا أحد يعرف ذلك الطريق أكثر من الخليجيين، ففي رصيدهم وحدة السعودية في الثلاثينيات، ووحدة الإمارات في السبعينيات، ودعمهم لتحقيق الوحدة اليمنية في التسعينيات، ثم الوحدة الخليجية المقبلة لتكون بداية الاندماج العربي الحقيقي على غرار الاتحاد الأوروبي.
في يوم الجمعة الماضي كنت على موعد مع إذاعة مغاربية، وقد عبق جو الحوار بريبة من الدور الخليجي في الجامعة العربية بعد قمة الدوحة، وكانت المحاور التي سمعتها من إعلاميين عرب كبار مرتبة فوق طاولة من المغالطات عنوانها الرئيس «اختطاف الجامعة العربية وتحولها إلى أداة بيد دول الخليج بفضل عائدات النفط». لقد كان علي أن اركب الموجة المالية نفسها، فطرحت عليهم سؤال هدم الأرضية التي انطلقوا منها وهو: إن كانت هناك دولة أو دول عربية أرخصت أموالها للقضايا العربية كما فعلت دول الخليج؟ لم أجد جواباً مباشراً وواضحاً. وبالتالي أتى كل تحليل طرحوه مهزوزاً لضعف الأصل الذي بني عليه. ولا أعلم كيف قاومت إغراء الغضب، وأنا أتذكر أن نائب رئيس العراق خضير الخزاعي قد اقترح في قمة الدوحة نفسها نقل البرلمان العربي إلى بغداد ولم ينتقده أحد، بينما يبيعون دول الخليج في سوق التحامل في اليوم سبعين مرة مردداً الواحد منهم دون خجل مقولة: «لست حاقداً وإنما ناقداً». كما لا أعلم إن كان من الحصافة تبني شعار «لماذا يكرهوننا؟، ? Why Do They Hate Us» الذي رفعه الأمريكيون في موجة غضبهم جراء هجمات 11 سبتمبر 2000.
المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج
ولسنا في وارد هدم الجامعة بذكر مثالبها، حتى نعيد بناءها في مكان آخر، فقد كفتنا عن ذلك الأمانة العامة للجامعة نفسها التي بدأت في دراسة مجموعة من المقترحات لنقل مقر الجامعة. كبناء مقر جديد على أطراف القاهرة، أو نقل مكاتبها لفندق منعزل. أما المقترح الذي لقي شك واستنكار، تحول لمعارضة شديدة من البعض، فهو أن تستضيف دولة خليجية اجتماعات الجامعة حتى يهدأ ميدان التحرير.
لقد كشفت معارضة النقل المؤقت للأمانة بذور أخرى أينعت بعد قمة الدوحة 26 مارس 2013، وكشفت الغطاء عن همهمات لا صوت لها عن علاقة دول الخليج بالجامعة العربية في عصر الربيع العربي.
إن نجاح المبادرات الخليجية عبر الجامعة هو خير وسيلة لدحض مقولات محددة، كادت تتحول إلى ثوابت ومنها أن الإدارة الخليجية لعمل الجامعة العربية في عصر الربيع العربي جعلها «مطية لتمرير الإملاءات الأمريكية والغربية لحماية الكيان الصهيوني». فيما نظرت جهات موتورة أخرى إلى منح مقعد سوريا في القمة للائتلاف الوطني السوري «كعملية استحواذ دفعت الخليجيين نظيرها إنشاء صندوق بمليار دولار أمريكي لدعم القدس، وانهمار الأموال على ثوار سوريا، وسد العجز في ميزانية القاهرة، وتونس». وأن هذا «القصف المالي هو للتمهيد للهجوم الخليجي الشامل لتنفيذ الجزء الثاني من اتفاقية «سايكس بيكو» لتفتيت العالم العربي».
قد لا نعلم مسوغات من يلقي كلماته كالنفايات على الشارع العربي، متجنباً كشف تواضع قدرته على توصيف مدخلات الضعف في النظام العربي القائم ونقده نقداً صحياً. لكننا نعلم أهم ما يؤهل دول مجلس التعاون لقيادة العمل العربي المشترك في المرحلة الراهنة سواء نقلت الأمانة العامة من مكانها أم لا، ومنها:
- إن الكويت ستستضيف القمة العربية المقبلة كما استضافتها الدوحة ومن قبلهما الرياض، كما استضافت العواصم الخليجية القمم التنموية الاقتصادية، واستضافت فعاليات عدة لا لرفاهية فنادقها وطيب أجوائها، بل لأن دول الخليج أكثر تأثيراً على الأوضاع في الربيع العربي من بقية أعضاء الجامعة الآخرين. كما إن لديها في سرعة وقوة القرار ما يشبه مجلس الأمن حيث زجت بقوات «درع الجزيرة» لسد الثقوب ومنع تسرب من حاول إغراق السفينة البحرينية.
- تسعى دول الخليج بمبادراتها للخروج بالجامعة من أتون عاصفة سياسية هوجاء، يصاحب عويلها عواء ذئاب إقليمية ودولية، تحاول التقاط الضحية القصية من العرب. كما إن كبر حجم دول الخليج ككتلة متجانسة القرار في الجامعة لم يجعلها ترفض أوتماطل في تنفيذ قرارات الجامعة منذ أن أصبحت جزءاُ من ذلك الهيكل، فرحبت بتدخل الجامعة لمنع وصول النفط إلى إسرائيل، ووضعت نفطها لخدمة القضايا العربية ولم تطبع مع الصهاينة.
- تأتي مصلحة الشعب العربي كمحرك أول للقرارات الخليجية التي حسمت بها الأمور في اليمن وليبيا والبحرين، متوقعين أن تظهر واشنطن ميلاً أكثر لطروحات الخليجيين لنصرة الشعب السوري .
- بما أن الهدف الأسمى للعرب هو الوحدة، فلا أحد يعرف ذلك الطريق أكثر من الخليجيين، ففي رصيدهم وحدة السعودية في الثلاثينيات، ووحدة الإمارات في السبعينيات، ودعمهم لتحقيق الوحدة اليمنية في التسعينيات، ثم الوحدة الخليجية المقبلة لتكون بداية الاندماج العربي الحقيقي على غرار الاتحاد الأوروبي.
في يوم الجمعة الماضي كنت على موعد مع إذاعة مغاربية، وقد عبق جو الحوار بريبة من الدور الخليجي في الجامعة العربية بعد قمة الدوحة، وكانت المحاور التي سمعتها من إعلاميين عرب كبار مرتبة فوق طاولة من المغالطات عنوانها الرئيس «اختطاف الجامعة العربية وتحولها إلى أداة بيد دول الخليج بفضل عائدات النفط». لقد كان علي أن اركب الموجة المالية نفسها، فطرحت عليهم سؤال هدم الأرضية التي انطلقوا منها وهو: إن كانت هناك دولة أو دول عربية أرخصت أموالها للقضايا العربية كما فعلت دول الخليج؟ لم أجد جواباً مباشراً وواضحاً. وبالتالي أتى كل تحليل طرحوه مهزوزاً لضعف الأصل الذي بني عليه. ولا أعلم كيف قاومت إغراء الغضب، وأنا أتذكر أن نائب رئيس العراق خضير الخزاعي قد اقترح في قمة الدوحة نفسها نقل البرلمان العربي إلى بغداد ولم ينتقده أحد، بينما يبيعون دول الخليج في سوق التحامل في اليوم سبعين مرة مردداً الواحد منهم دون خجل مقولة: «لست حاقداً وإنما ناقداً». كما لا أعلم إن كان من الحصافة تبني شعار «لماذا يكرهوننا؟، ? Why Do They Hate Us» الذي رفعه الأمريكيون في موجة غضبهم جراء هجمات 11 سبتمبر 2000.
المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج