«تعيش بلادنا اليوم أزمة عميقة متعددة الأوجه والأبعاد، لذا من المهم إطلاق المبادرات والدعوة إلى التهدئة والحوار الجدي لتجنيب البلاد مخاطر الانحدار إلى الاحتمالات السيئة والصراع الطائفي. من المهم دعوة الأطراف العنيدة إلى تغليب مصلحة الشعب والوطن العليا على المصالح الذاتية والأنانية. لابد من تصحيح المسار ووضع البلد على السكة السليمة. لابد من الوصول سريعاً إلى حالة الاستقرار والأمان وتحقيق الاستقرار المنشود».
ما سبق ليس تصريحات للجمعيات السياسية «المعارضة» في البحرين عن الأوضاع في بلادنا، ولكنها للحزب الشيوعي العراقي عن الأوضاع في العراق ورؤيته لخروج بلادهم من الأزمة التي صاروا فيها، لكن البحريني قارئ هذه التصريحات ربما لم يكن ليعرف أنها للحزب الشيوعي العراقي لو لم تتوفر هذه المعلومة هنا، فمن دونها كان سيعتقد أنها لجمعية الوفاق الإسلامية ومن معها من جمعيات، ما يثير تساؤلاً مشروعاً عن سر التشابه بين الرؤيتين رغم تباعد الخطين وتناقضهما.
اللافت في التصريحات السابقة -لو لم يتم بيان مصدرها- أن قارئها السوري ربما اعتقد أنها لحزب سوري، ولعل التونسي اعتقد أنها لحزب تونسي، والحال نفسه مع القارئ الليبي والمصري والسوداني وغيرهم من العرب، ما يؤكد أن المشكلة التي نعيشها في البحرين ليست فريدة وأنها مماثلة للمشكلة التي تعيشها الدول العربية الأخرى وأنها ناتجة عن التغيرات التي يشهدها العالم اليوم ضمن ما يسميه البعض الربيع العربي، ويراه البعض الآخر نتاجاً لمخطط استعماري يراد منه إعادة تقسيم الوطن العربي وتجزيئه بغية السيطرة عليه وعلى ثرواته، وأنه يندرج تحت ما سمي بمشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير.
ما ينبغي أن ندركه هو أن ما يجري في كل البلدان العربية يعبر عن حالة واحدة وأنه ليس بالضرورة ناتجاً عن الظلم والفساد، لكنه بالضرورة يكشف عن المراد من وضعها في حالة من الخلخلة تسهل على من يقف وراءها تحقيق أهدافه في فترة قياسية. ذلك أنه لا يمكن أن تحدث كل هذه «الثورات» في البلدان العربية فجأة وفي آن واحد، على الأقل لاختلاف الظروف والبيئات، وليس صحيحاً أبداً قول البعض إن ما حدث في تونس ثم في مصر سيحدث تلقائياً في البلدان العربية الأخرى حسب «نظرية الدومينو».
ما حدث ويحدث يأتي في سياق مخطط جهنمي تم اعتماده في سنوات سابقة وتم تهيئة الأرضية المناسبة له بما يؤدي إلى التغيير المنشود ويتيح للقوى المختبئة وراء ذلك المخطط تحقيق أهدافها بكل يسر وسهولة.
سيقول البعض إن هذا الكلام يندرج تحت الاعتقاد بنظرية المؤامرة، وإن هذه هي عقدة العرب منذ سنين طويلة، فأقول بالتأكيد إنها مؤامرة تم الإعداد لها جيداً ويتم اليوم إخراجها بطريقة مذهلة تجعل المرء يرفض حتى القول إنها مؤامرة تستهدف الوطن العربي برمته، وإلا ما سر هذا الذي يحدث في مختلف البلاد العربية إلى درجة أن المتلقي لا يجد فرقاً في بيانين يصدران عن جهتين متناقضتين في كل شيء ومن بلدين مختلفين؟ ألم نعتقد قبل قليل أن البيان الذي اقتطفت جزءاً منه صادر عن جمعية الوفاق «الإسلامية» قبل أن يتبين لنا أنه صادر عن حزب شيوعي عراقي؟
للأسف الشديد فإن «الراش» صاد البحرين كما صاد غيرها؛ وإلا ما تفسير أننا كلما اقتربنا من حل للمشكلات المحدودة والصغيرة فيما بيننا وجدنا أنفسنا في لحظة بعيدين عنه لنبدأ من جديد من المربع الأول؟
لا تفسير لما يحدث لشعب عاقل له تاريخه ومواقفه ومبادئه وظل طويلاً فاعلاً ومساهماً رائعاً في الفعل الحضاري سوى أن جهة ما تريد تعطيله وإعاقته للسيطرة على مقدرات وطنه.
{{ article.visit_count }}
ما سبق ليس تصريحات للجمعيات السياسية «المعارضة» في البحرين عن الأوضاع في بلادنا، ولكنها للحزب الشيوعي العراقي عن الأوضاع في العراق ورؤيته لخروج بلادهم من الأزمة التي صاروا فيها، لكن البحريني قارئ هذه التصريحات ربما لم يكن ليعرف أنها للحزب الشيوعي العراقي لو لم تتوفر هذه المعلومة هنا، فمن دونها كان سيعتقد أنها لجمعية الوفاق الإسلامية ومن معها من جمعيات، ما يثير تساؤلاً مشروعاً عن سر التشابه بين الرؤيتين رغم تباعد الخطين وتناقضهما.
اللافت في التصريحات السابقة -لو لم يتم بيان مصدرها- أن قارئها السوري ربما اعتقد أنها لحزب سوري، ولعل التونسي اعتقد أنها لحزب تونسي، والحال نفسه مع القارئ الليبي والمصري والسوداني وغيرهم من العرب، ما يؤكد أن المشكلة التي نعيشها في البحرين ليست فريدة وأنها مماثلة للمشكلة التي تعيشها الدول العربية الأخرى وأنها ناتجة عن التغيرات التي يشهدها العالم اليوم ضمن ما يسميه البعض الربيع العربي، ويراه البعض الآخر نتاجاً لمخطط استعماري يراد منه إعادة تقسيم الوطن العربي وتجزيئه بغية السيطرة عليه وعلى ثرواته، وأنه يندرج تحت ما سمي بمشروع الشرق الأوسط الجديد أو الكبير.
ما ينبغي أن ندركه هو أن ما يجري في كل البلدان العربية يعبر عن حالة واحدة وأنه ليس بالضرورة ناتجاً عن الظلم والفساد، لكنه بالضرورة يكشف عن المراد من وضعها في حالة من الخلخلة تسهل على من يقف وراءها تحقيق أهدافه في فترة قياسية. ذلك أنه لا يمكن أن تحدث كل هذه «الثورات» في البلدان العربية فجأة وفي آن واحد، على الأقل لاختلاف الظروف والبيئات، وليس صحيحاً أبداً قول البعض إن ما حدث في تونس ثم في مصر سيحدث تلقائياً في البلدان العربية الأخرى حسب «نظرية الدومينو».
ما حدث ويحدث يأتي في سياق مخطط جهنمي تم اعتماده في سنوات سابقة وتم تهيئة الأرضية المناسبة له بما يؤدي إلى التغيير المنشود ويتيح للقوى المختبئة وراء ذلك المخطط تحقيق أهدافها بكل يسر وسهولة.
سيقول البعض إن هذا الكلام يندرج تحت الاعتقاد بنظرية المؤامرة، وإن هذه هي عقدة العرب منذ سنين طويلة، فأقول بالتأكيد إنها مؤامرة تم الإعداد لها جيداً ويتم اليوم إخراجها بطريقة مذهلة تجعل المرء يرفض حتى القول إنها مؤامرة تستهدف الوطن العربي برمته، وإلا ما سر هذا الذي يحدث في مختلف البلاد العربية إلى درجة أن المتلقي لا يجد فرقاً في بيانين يصدران عن جهتين متناقضتين في كل شيء ومن بلدين مختلفين؟ ألم نعتقد قبل قليل أن البيان الذي اقتطفت جزءاً منه صادر عن جمعية الوفاق «الإسلامية» قبل أن يتبين لنا أنه صادر عن حزب شيوعي عراقي؟
للأسف الشديد فإن «الراش» صاد البحرين كما صاد غيرها؛ وإلا ما تفسير أننا كلما اقتربنا من حل للمشكلات المحدودة والصغيرة فيما بيننا وجدنا أنفسنا في لحظة بعيدين عنه لنبدأ من جديد من المربع الأول؟
لا تفسير لما يحدث لشعب عاقل له تاريخه ومواقفه ومبادئه وظل طويلاً فاعلاً ومساهماً رائعاً في الفعل الحضاري سوى أن جهة ما تريد تعطيله وإعاقته للسيطرة على مقدرات وطنه.