حلقة برنامج كلمة أخيرة التي كانت مخصصة للميزانية بينت العديد من النواقص والقصور في الأداء الحكومي ستجر عليها عواقب وخيمة، وكان ممكناً تفاديها والتقليل من الخسائر المرتبة على هذا القصور وأهمها ضعف «الثقة» بأداء الحكومة.
ستحاسب الحكومة على الدين العام وعلى العجز وعلى سياستها الاقتصادية وعلى الكثير مما يبدو أخطاء وتجاوزات، وهي هنا «الحكومة» تتحمل هذه المحاسبة وضعف الثقة، لأنها ساهمت بشكل كبير في زعزعتها بغض النظر عن صحة أو سلامة موقفها السياسي.
أولى علامات القصور هي انعدام التواصل الحكومي مع الرأي العام مباشرة في أهم المهام التي تضطلع بها الحكومة، وهي وضع بنود الميزانية، إذ مازالت الحكومة تعمل منفردة وبصمت غير مبرر يهز الثقة في أدائها.
فالحكومة لا تستغل أياً من الأجهزة الإعلامية الرسمية والعامة لا تلفزيون ولا وسائل التواصل الاجتماعي حيث كثافة الحضور لمعظم شرائح المجتمع، لتصل إلى الرأي العام وتشرح موقفها وتبحث لها عن مؤيدين وأنصار للترويج عن سياستها «أياً كانت هذه السياسة».
مازال العديد من المسؤولين في الحكومة لا يولون أهمية للرأي العام أصلاً، ويكتفون بتواصلهم مع النواب والشورى «مرغمين» بنص الدستور، من خلال لجان المجلسين والجلسات العمومية، ليستغل النواب الجلسات العلنية لاستعراض بطولاتهم على خصم صامت!
وفي الوقت الذي تعج فيه الساحة الإعلامية ومجالس الناس واجتماعاتهم بالجدل ويتم فيها إلصاق التهم بالحكومة وأعضائها من كل حدب، يلتزم المسؤولون الصمت وكأنها هي الجهة الوحيدة المعنية بتحصيل وتوزيع موارد الدولة!!
ما عاد بالإمكان التحكم في وسائل الإعلام حتى الرسمية منها، وسقف التعبير لم يعد موجوداً أصلاً، وليس لأحد أن يشرح وجهة نظر الحكومة غير أعضائها، وليس لأحد أن يرد تلك السهام الموجهة لها غير مسؤوليها سواء كانوا الوزراء أو من ينوب عنهم.
قضية «الميزانية» هي العمود الفقري في العمل الديمقراطي والجدل العلني حيث يدار الاختلاف والخلاف في أي مجتمع على كيفية تحصيل واستثمار وتوزيع موارد الدولة في هذا المشروع، وذلك النقاش والجدل هو الرقابة المسبقة على أداء الحكومة، وعليها أن تقدم رؤيتها إلى الجمعية العمومية مباشرة أي للرأي العام، هذا النقاش العام ممكن أن يفتح لها آفاقاً جديدة ويجنبها الكثير من التعقيدات اللاحقة.
كما إن من واجبها أن ترد على استفسارات وتجيب على تساؤلات الرأي العام، فتوزيع واستثمار موارد الدولة وتحديد سياستها الاقتصادية ووضع دين عام على الدولة مسألة لا تخص الحكومة فحسب، بل ذلك شأن عام من حق الجميع أن يشارك به.
ولن يفسر أحد من المواطنين أن صمت الحكومة راجع إلى «أنها تريد أن تعمل بصمت وحكمة»!! إنما التفسير الذي يفرض نفسه أن لديها ما تخشاه وما تخفيه، وهي على إدراك تام بضعف حجتها ومنطقها، ولا يتحمل وزر هذا الاستنتاج غير مسؤولي الحكومة الذين يتجنبون التوجه للرأي العام.
ثانياً اتضح أن ربط الميزانية ببرنامج الحكومة أصبح مسألة حتمية، وترك هذه المسألة لاجتهادات النواب ومرونة الحكومة قصور كبير في تقييم احتياجاتها تقييماً فعلياً.
إن حتمية الربط هذه لا تكون عبر اجتماعات خاصة باللجنة المالية مع وزارات الدولة فحسب، بل تكون عبر إشراك السلطة التشريعية بغرفتيها بوضع سياسية الدولة الاقتصادية وتحديدها، من خلال التصويت على تقرير تقدمه اللجنة المالية حول برامج الوزارات الحكومية وزارة وزارة بالتفصيل ويصوت عليه، لا أن يصوت المجلس على برنامج حكومي عمومي فحسب، ثم بعد ذلك يتم ربط البرنامج الحكومي والذي توافقت عليه السلطتان بالميزانية كي تلبي احتياجات البرنامج.
وذلك بحاجة إلى معالجة إما دستورية أو ضمن اللائحة الداخلية تسد هذا النقص والقصور الذي ترك مسألة ربط الميزانية ببرامج الحكومة باجتهادات نيابية وبمرونة حكومية قد تتحقق وقد لا تتحقق.
وحتى تكون هناك رقابة مسبقة على أداء الحكومة بل وتكون مسؤولية رسم سياسة الدولة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مسؤولية مشتركة بين السلطتين.... «نتمنى من السلطة التشريعية والائتلاف التقدم بهذه الرؤية وصياغتها صياغة قانونية كي تقر من خلال حوار التوافق الوطني».
حينها تحدد -دستورياً- الرقابة السياسية اللاحقة على أداء الوزراء وأداء الحكومة بشكل عام، فأحاسب الوزير بناء على برنامج شاركت أنا في إقراره، ووافقت على موازنته، بناء على أهداف وبرامج محددة كان للسلطة المنتخبة دور فيها، ففي ذلك تخفيف عبء حتى على الحكومة حين يأتي وقت الحساب اللاحق والرقابة اللاحقة، وهنا تتحقق فعلياً الإرادة الشعبية في إدارة موارد الدولة لا أن أقسم المقاعد الحكومية بين الجمعيات السياسية والأحزاب الدينية وأضع «كوتا» لكل شيخ دين كي يوزع الكعكة على «ربعه»!!
ما يجري الآن هو انفراد تام للحكومة بوضع سياسة الدولة الاقتصادية وتحديد برامج الحكومة بمعزل عن الرأي العام، وبمعزل عن السلطة التشريعية، فالميزانية تقدم بمعزل عن برنامج الحكومة، وبرنامج الحكومة يقدم بعموميات.
لهذا اليوم تساءل الحكومة وحدها دون غيرها، عن العجز وعن الدين العام وعن تأخر إنجاز المشاريع والبرامج.
فإن زايد النواب وإن استغلوا الفصل التشريعي الأخير كما نتوقع، لاستعراض بطولاتهم على الحكومة لأغراض انتخابية.. فلا تلوم الحكومة إلا نفسها.
ستحاسب الحكومة على الدين العام وعلى العجز وعلى سياستها الاقتصادية وعلى الكثير مما يبدو أخطاء وتجاوزات، وهي هنا «الحكومة» تتحمل هذه المحاسبة وضعف الثقة، لأنها ساهمت بشكل كبير في زعزعتها بغض النظر عن صحة أو سلامة موقفها السياسي.
أولى علامات القصور هي انعدام التواصل الحكومي مع الرأي العام مباشرة في أهم المهام التي تضطلع بها الحكومة، وهي وضع بنود الميزانية، إذ مازالت الحكومة تعمل منفردة وبصمت غير مبرر يهز الثقة في أدائها.
فالحكومة لا تستغل أياً من الأجهزة الإعلامية الرسمية والعامة لا تلفزيون ولا وسائل التواصل الاجتماعي حيث كثافة الحضور لمعظم شرائح المجتمع، لتصل إلى الرأي العام وتشرح موقفها وتبحث لها عن مؤيدين وأنصار للترويج عن سياستها «أياً كانت هذه السياسة».
مازال العديد من المسؤولين في الحكومة لا يولون أهمية للرأي العام أصلاً، ويكتفون بتواصلهم مع النواب والشورى «مرغمين» بنص الدستور، من خلال لجان المجلسين والجلسات العمومية، ليستغل النواب الجلسات العلنية لاستعراض بطولاتهم على خصم صامت!
وفي الوقت الذي تعج فيه الساحة الإعلامية ومجالس الناس واجتماعاتهم بالجدل ويتم فيها إلصاق التهم بالحكومة وأعضائها من كل حدب، يلتزم المسؤولون الصمت وكأنها هي الجهة الوحيدة المعنية بتحصيل وتوزيع موارد الدولة!!
ما عاد بالإمكان التحكم في وسائل الإعلام حتى الرسمية منها، وسقف التعبير لم يعد موجوداً أصلاً، وليس لأحد أن يشرح وجهة نظر الحكومة غير أعضائها، وليس لأحد أن يرد تلك السهام الموجهة لها غير مسؤوليها سواء كانوا الوزراء أو من ينوب عنهم.
قضية «الميزانية» هي العمود الفقري في العمل الديمقراطي والجدل العلني حيث يدار الاختلاف والخلاف في أي مجتمع على كيفية تحصيل واستثمار وتوزيع موارد الدولة في هذا المشروع، وذلك النقاش والجدل هو الرقابة المسبقة على أداء الحكومة، وعليها أن تقدم رؤيتها إلى الجمعية العمومية مباشرة أي للرأي العام، هذا النقاش العام ممكن أن يفتح لها آفاقاً جديدة ويجنبها الكثير من التعقيدات اللاحقة.
كما إن من واجبها أن ترد على استفسارات وتجيب على تساؤلات الرأي العام، فتوزيع واستثمار موارد الدولة وتحديد سياستها الاقتصادية ووضع دين عام على الدولة مسألة لا تخص الحكومة فحسب، بل ذلك شأن عام من حق الجميع أن يشارك به.
ولن يفسر أحد من المواطنين أن صمت الحكومة راجع إلى «أنها تريد أن تعمل بصمت وحكمة»!! إنما التفسير الذي يفرض نفسه أن لديها ما تخشاه وما تخفيه، وهي على إدراك تام بضعف حجتها ومنطقها، ولا يتحمل وزر هذا الاستنتاج غير مسؤولي الحكومة الذين يتجنبون التوجه للرأي العام.
ثانياً اتضح أن ربط الميزانية ببرنامج الحكومة أصبح مسألة حتمية، وترك هذه المسألة لاجتهادات النواب ومرونة الحكومة قصور كبير في تقييم احتياجاتها تقييماً فعلياً.
إن حتمية الربط هذه لا تكون عبر اجتماعات خاصة باللجنة المالية مع وزارات الدولة فحسب، بل تكون عبر إشراك السلطة التشريعية بغرفتيها بوضع سياسية الدولة الاقتصادية وتحديدها، من خلال التصويت على تقرير تقدمه اللجنة المالية حول برامج الوزارات الحكومية وزارة وزارة بالتفصيل ويصوت عليه، لا أن يصوت المجلس على برنامج حكومي عمومي فحسب، ثم بعد ذلك يتم ربط البرنامج الحكومي والذي توافقت عليه السلطتان بالميزانية كي تلبي احتياجات البرنامج.
وذلك بحاجة إلى معالجة إما دستورية أو ضمن اللائحة الداخلية تسد هذا النقص والقصور الذي ترك مسألة ربط الميزانية ببرامج الحكومة باجتهادات نيابية وبمرونة حكومية قد تتحقق وقد لا تتحقق.
وحتى تكون هناك رقابة مسبقة على أداء الحكومة بل وتكون مسؤولية رسم سياسة الدولة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مسؤولية مشتركة بين السلطتين.... «نتمنى من السلطة التشريعية والائتلاف التقدم بهذه الرؤية وصياغتها صياغة قانونية كي تقر من خلال حوار التوافق الوطني».
حينها تحدد -دستورياً- الرقابة السياسية اللاحقة على أداء الوزراء وأداء الحكومة بشكل عام، فأحاسب الوزير بناء على برنامج شاركت أنا في إقراره، ووافقت على موازنته، بناء على أهداف وبرامج محددة كان للسلطة المنتخبة دور فيها، ففي ذلك تخفيف عبء حتى على الحكومة حين يأتي وقت الحساب اللاحق والرقابة اللاحقة، وهنا تتحقق فعلياً الإرادة الشعبية في إدارة موارد الدولة لا أن أقسم المقاعد الحكومية بين الجمعيات السياسية والأحزاب الدينية وأضع «كوتا» لكل شيخ دين كي يوزع الكعكة على «ربعه»!!
ما يجري الآن هو انفراد تام للحكومة بوضع سياسة الدولة الاقتصادية وتحديد برامج الحكومة بمعزل عن الرأي العام، وبمعزل عن السلطة التشريعية، فالميزانية تقدم بمعزل عن برنامج الحكومة، وبرنامج الحكومة يقدم بعموميات.
لهذا اليوم تساءل الحكومة وحدها دون غيرها، عن العجز وعن الدين العام وعن تأخر إنجاز المشاريع والبرامج.
فإن زايد النواب وإن استغلوا الفصل التشريعي الأخير كما نتوقع، لاستعراض بطولاتهم على الحكومة لأغراض انتخابية.. فلا تلوم الحكومة إلا نفسها.