فاجأت الدكتورة الشيخة مريم بنت حسن آل خليفة نائب رئيس المجلس الأعلى للمرأة الحضور بدعوتها لحوار شعبي مواز اختياري مفتوح لكافة مكونات المجتمع ليكون مخرجاً للوضع السياسي الراهن.
كان ذلك خلال فترة النقاش بعد محاضرة مهمة أقامها صرح الميثاق الوطني في مبادرة جاءت في وقتها. المتوقع من شخصية رسمية أن تكون الأطروحات متسقة في جمل إنشائية، وليس في شكل مبادرة أو دعوات صريحة كما طرحت هذه الشخصية الأكاديمية الرفيعة.
الحضور أصيب بصدمة، ودفعته هذه الدعوة للتفكير جدياً في الحاجة لحوار شعبي، وهو ما أطال فترة النقاش إلى قرابة الساعة ونصف الساعة وأشعلها إثارة.
هل فعلاً نحن بحاجة لحوار شعبي مواز اختياري؟
البحرين تمكنت من تجربة حلول وخيارات عديدة، ولكنها لم تتجه نحو هذا الخيار، الذي قد يبدو بسيطاً من حيث الشكل، ولكنه عميق من حيث النتائج والدلالات.
التجربة الأبرز بعد الأزمة الأخيرة كانت في حوار التوافق الوطني بنسختيه الأولى والثانية، ومثلت النسخة الأولى تجربة مختلفة كلياً عن أي تجربة سياسية شهدتها البحرين أو حتى دول مجلس التعاون الخليجي من قبل لدرجة ظهور قناعة لدى المشاركين في الحوار أن مثل هذه الممارسة كانت أكثر فائدة ونجاحاً من أي تجربة برلمانية، لأنها تمكنت من تحقيق ما عجز البرلمانيون عن تحقيقه طوال 9 سنوات.
ولكن رغم أن هذه التجربة تعتمد على التمثيل، وفيها أناب المواطنون والمقيمون ضمنياً المشاركين للتعبير عن مختلف الآراء السائدة في المجتمع، ومن ثم عرضهم على ممثلي الشعب في السلطة التشريعية. إلا أنها لم تسهم في إحداث نقاش عام ومراجعة عامة لدى مختلف مكونات المجتمع، بحيث يتجاوزون حالة الصدمة التي مر عليها الآن أكثر من عامين.
استكمال الحوار مازال مستمراً منذ 3 أشهر، وزخمه في تراجع لافت لدرجة أن البعض صار متيقناً ألا تظهر نتائج عن هذا الحوار بسبب مراوحة المشاركين. من هنا فإن خيار الحوار الشعبي الموازي الاختياري لا يعني إيقاف استكمال الحوار رسمياً، وإنما إثارة نقاش عام في المجتمع حول عدد من القضايا الراهنة والمعقدة، وأولها مراجعة مسار العمل السياسي في البلاد.
البحرينيون لم تتح لهم الفرصة للتعبير عن آرائهم بكل عفوية وهدوء بعيداً عن حالات الانفعال التي يقودها قادة الرأي العام البحريني. وأعتقد أن الفرصة مناسبة لإثارة مجموعة من القضايا، وإحداث حوار عام حولها عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وفي المجالس، ومنتديات مؤسسات المجتمع المدني لفترة مقبولة زمنياً، ومثل هذه الخطوة من شأنها أن تقلل من التوتر السائد بين مختلف المكونات، لتكون هناك خطوة أخرى لاحقاً.