تقرير بأسلوب «مختصر ومفيد» نشرته «الوطن» بالأمس يشخص المشهد الحالي لمجلس النواب في دور الانعقاد الثالث، في فصل تشريعي أكثر ما يقال عنه بأنه «أثقل» فصل مر على المواطنين سواء من ناحية ما صاحبه من أزمة سياسية «مفتعلة» أو أداء نيابي «مخيب» صدع رؤوس الناس بشعارات رنانة وبطولات إعلامية على الورق في تمهيد واضح لانتخابات 2014.
المتبقي من دور الانعقاد الحالي ثلاثة أيام فقط، إذ المفترض أن دور الانعقاد يفض في 14 مايو الجاري، بيد أن المادة الدستورية تنص على عدم جواز فض دور الانعقاد قبل إقرار الميزانية، وهذا ما يدفعنا لترقب ما سيحصل خلال الأيام الثلاثة هذه، إذ أجزم أن غالبية النواب لا يريدون تمديد جلسات البرلمان، الجماعة «محتاجين إجازة» بصراحة «تعبوا وايد»، أعني تعبوا من «حنة الناس وايد».
الموازنة العامة للدولة مضى على مناقشتها بهدف تمريرها أكثر من 201 يوم، وهي مازالت قيد «الاعتقال»، لكن طبعاً مآلها أن تمر إذ من الاستحالة أن تسير شؤون الدولة بدون ميزانية مقرة، والمتوقع أن يسقط في هذا السجال كل مقترح تقدم به النواب لرفع رواتب المواطنين أو المتقاعدين وحتى نسبة علاوة الغلاء إلا أن قبلوا بما هو معروض وهو أقل بكثير من الطموح.
وللنواب الذين سيلومون الدولة على ذلك كعادتهم، نقول لوموا أنفسكم أولاً، فالسلطة التشريعية دائماً (وهو وضع طبيعي) تواجه بعض مقترحاتها معوقات من السلطة التنفيذية، هي طبيعة العمل البرلماني، لكن اللوم يقع على من تقاعس عن أداء دوره في محاربة الفساد منذ عشر سنوات وترك تقارير ديوان الرقابة لـ «تغبر» على الرفوف واستخدموها لـ «الشو» على صفحات الجرائد، اللوم يقع على من «استهتر» في الأداة الدستورية المعنية بالاستجوابات وطرح الثقة، وقبل بأن تمر كثير من «البلاوي» دون محاسبة، بل اللوم يقع على من رأى قبل سنوات كيف قفز سعر برميل النفط لمستوى غير مسبوق وأمام ذلك لم يستغل الفرصة ليطالب بزيادة للرواتب أو تحسين وضع الناس.
بشأن ما يحصل اليوم بخصوص الميزانية واتهام النواب للدولة بأنها تقف ضد مقترحاتهم يصدق المثل القائل «خبز خبزتوه كلوه»، لكن الكارثة الحقيقية تكمن في أنكم -أي النواب- لستم «آكليه»، بل من يأكله وهو «خبز علاه العفن» هم الناس الذين ينتظرون الوعود وتحقيق الشعارات التي يحق لهم تسميتها شعارات زائفة وكاذبة.
النائب عادل المعاودة قال في إحدى الجلسات مخاطباً الوزراء: «ضعوا في بطونكم بطيخاً صيفياً فلا استجواب للوزراء هذا الدور»!
«شدعوة» يا شيخ عادل، الوزراء حطوا في بطونهم «مزارع بطيخ صيفي» منذ عشر سنوات حينما رأوا كيف أن أداة الاستجواب استخدمت بأسلوب طائفي، وكيف أنها مجرد أداة استخدمت لـ «ترويع» بعض الوزراء الذين كان واضحاً خوفهم من مجرد إيراد كلمة «استجواب» وهم اليوم تغلبوا على هذا الخوف –كما يبدو- وباتوا يدركون أنه مجرد كلام لا يقدم ولا يؤخر.
كل بلاوي تقارير الرقابة المالية ولا استجواب واحد في ثلاثة أدوار في الفصل التشريعي الثالث، مجرد تلويحات وكلام مأخوذ خيره.
«عموماً الوزراء حاطين في بطونهم بطيخ صيفي، والنواب أنفسهم حاطين في بطونهم بطيخ صيفي» وكل ما يفعله بعضهم من امتعاض وإعلان استياء هو فقط لامتصاص غضب الناس عليهم، هذا الغضب الذي لو ضمن غالبية النواب اختفاءه لتعاملوا مع البشر الذين انتخبوهم وكأنهم أرخص وأقل قيمة من «البطيخ الصيفي» نفسه.
نقدرك يا شيخ عادل المعاودة لكنك أيضاً مسؤول مع بقية النواب عن وضع البطيخ الصيفي في بطن الوزراء، وفي «تلبيس المواطن في الحيط» على حد وصف إخواننا المصريين.