حين قرر السير عكس تراتبية التطور الحضاري، واجه صديقي يعقوب الشطي مأزقاً صعباً، فقد اشترى شياهاً وأقام مضاربه 35 كم شمال «المطلاع» نابذاً منطقة الجابرية الحضرية ذات المائة مطعم وصالون ومشغل خياطة. حيرته الأولى كانت مع «أم المدافع»، وهو اسم المكان الذي أقام فيه، فأين المدافع؟ والثانية في التعامل مع ثعلب ماكر، أما الثالثة فكيف يذبح للضيف خروفاً؟ وأما الرابعة ولأن لكل مسمى من اسمه نصيب فحين أحاطت به سيارات الشرطة العسكرية ذات نهار وطلبت الشرطة إخلاء «أم المدافع» التي ستكون جزءاً من أرض تمرين ينفذه الجيش الكويتي مع قوات درع الجزيرة المشتركة ضمن فعاليات تمرين «درع الجزيرة 9» مشتملاً على رماية بالذخيرة الحية في الفترة من 1 إلى 28 فبراير 2013، فسبحان من أتى بهذه المدافع فجأة وهو يسأل عنها منذ أعوام!
لتطييب خاطر «أبا خليل» شرحت له جدوى الرحيل، إكراماً للتعاون العسكري الخليجي غير الملحوظ من قبله، ومن قبل المواطن الخليجي بصفة عامة. بل إنني أزعم أن ذلك التعاون هو أوضح أشكال التعاون بيننا، وأكثرها نفعاً للمجلس كمنظمة أمن إقليمية.
فمن ضمن ما أنجز أن هناك اتفاقية الدفاع المشترك «المنامة 2000»، والاستراتيجية الدفاعية «الكويت 2009». ومشروع الاتصالات المؤمنة «مسقـــط 1995» حيث شغل المشروع 2000. وتم تشغيل المرحلة الأولى من منظومة حزام التعاون بربط مراكز العمليات الجوية في 2001. واعتمد النظام الموحد لمد الحماية التأمينية للعسكريين الخليجيين في 2010. والاستفادة من العسكريين المتقاعدين في 2011. لكن أكثر ما يشاهده المواطن في البر والبحر والجو الخليجي هو التمارين لقوات درع الجزيرة المشتركة. وهي القوة التي أقر قيامها بالمنامة في 1982. وتطورت في 2006 لقوات مشتركة. وفي 2009 تم تعزيز درع الجزيرة بقوة تدخل سريع. كما أقر تشكيل قيادة مشتركة في 2012.
باغتني صديقي بسؤال موجع، وهو كيف ستقاتل قوات درع الجزيرة المشتركة بتناغم، وهي ليست فقط قوات برية وبحرية وجوية بل ومن 6 دول مختلفة. وفيها 20 نوعاً من الطائرات، و20 نوعاً من ناقلات الجند، بعضها من الغرب، وبعضها صناعة يوغوسلافية وروسية. كما إن هناك أنواع مختلفة من القطع البحرية، والكثير من المدافع والصواريخ الفرنسية والصينية والأمريكية، وفي كل معدة جهاز اتصال له موجة خاصة به؟!
لقد حاولت أن أقنعه أن في تنوع الأسلحة إثراء للجهد العسكري الخليجي، فلو توقف تصدير السلاح من الغرب لبقي لدينا سلاح من الشرق. والحقيقة هي أن القوات الخليجية قد خطت خطوات رائعة لخلق التكامل في الجهد القتالي، لكن تأخر صدور العقيدة القتالية الخليجية «Military Doctrine» يبقى أمراً غير مبرر في الوقت الذي صدرت فيه الاستراتيجية الدفاعية، وهي التي تحتاجها دول لها أدوار كبرى، وكذلك المنظمات الإقليمية مثل المجلس. وهي أعلى من ا?ستراتيجية العسكرية التي تتطرق إلى تفاصيل أدق ولازالت غير موجودة .
إن التعاون العسكري الخليجي بحاجة للعمل بسرعة لإنجاز العقيدة القتالية. وحتى لا تختلط المفاهيم نقول إن العقيدة القتالية دستور محدد يستخدمه القادة أثناء إدارتهم للمعارك، ويتضمن مذهباً قتالياً يشمل مبادئ وأساليب وتكتيكات يتم اتباعها لتدمير العدو. وتعد مواد المذهب القتالي قواعد حاسمة تصف كيفية الأداء تنظيماً وتدريباً وتسليحاً وإعداداً وقتالاً. وهي مُلزمة، لكن المواقف القتالية المختلفة هي الحكم الأساسي لاتباع أي من قواعد العقيدة. لذلك يجب أن تكون متنوعة بالقدر الذي يتيح لها أستيعاب المواقف المختلفة. ومحتويات العقيدة القتالية المطلوبة تعتمد على معرفة أنماط النزاعات التي قد تفرض علينا، ثم تعريف التهديدات والمهام الدفاعية والوسائل لوقفها، وتحديد التنظيم العسكري الذي نحتاجه بناء على ما نملك من سلاح. أو باختصار شديد هو «كيف تقاتل القوات بناء على ما تملك من سلاح؟».
فنحن حالياً لن نستطيع تبني العقيدة الغربية، وتنفيذ خطة «الصدمة والترويع» الأمريكية مثلاً لقلة الإمكانات. كما لا نستطيع اتباع الأيديولوجية القتالية الشرقية التي طبقها العراق، حين أغار علينا في الكويت، بتشكيلات الانسياق السريعة «Echelon Formations» التي مطلوب منها تحقيق الهدف دون النظر لحجم الخسائر. فنحن لا نستطيع ذلك لأن العقيدة القتالية التي تتبنى بعض دول الخليج مبادئها تحتم خروج الوحدة من القتال إذا فقدت 30% من قوتها.
إن العقيدة القتالية الخليجية المشتركة منظومة مفاهيم واجبة الإنجاز، ولعل من دواعي وضعها ونشرها قبل افتتاح مركز القيادة الخليجية الموحدة ما يلي:
- تغير وتيرة الوضع الجيوسياسي والعسكري حولنا بشكل متسارع.
- تطور طابع التهديدات الموجهة لأمن الخليج وارتباط الخارجي بالداخلي.
- ضرورة تحديد مهام القوات بناء على تسلحها.
- إن ما هو موجود من ترتيبات للعقيدة القتالية السائد حالياً في بعض دول المجلس غير قابل للحياة بمعزل عن فكر عسكري خليجي موحد، فهي لم تستجب لمتطلبات التحديات الأخيرة.
- إن إعلان صدور العقيدة القتالية الخليجية أمر مطلوب ولا محاذير حيال ذلك. بل يتم الإعلان عنها كما تم حيال الاستراتيجية، والقيادة المشتركة، وإبلاغ المواطن الخليجي بها، بل ودول الجوار حيث لا نحيك المؤامرات ضد أحد.
ولكوني مستشاره العسكري والصحراوي فقد شرحت لأبي خليل أن «أم المدافع» اسم أطلق على تلال شمال الكويت تجبر الماء خلال موسم الأمطار على الاندفاع بينها بشدة. والاسم معروف منذ الجاهلية. ويسجل تاريخ «أم المدافع» أنها شهدت أول اختراق حدودي عراقي للكويت، كما جاء في وثيقة مرسلة في11 مايو 1934 من الشيخ أحمد الجابر للمعتمد السياسي في الكويت الكولونيل دكسن. أما التعامل مع الثعلب فحسمناه بجرو صغير. كما لم يتردد «راع الحلال» في الاتصال بي رغم أنني الضيف لذبح الخروف الذي لم يعرف كيف يذبحه؟ لكني أمرته بالرحيل من مضاربه إكراما لإخواننا من جنود وضباط قوات درع الجزيرة، فرحل وهو يقول أهلاً وسهلاً بهم.
لتطييب خاطر «أبا خليل» شرحت له جدوى الرحيل، إكراماً للتعاون العسكري الخليجي غير الملحوظ من قبله، ومن قبل المواطن الخليجي بصفة عامة. بل إنني أزعم أن ذلك التعاون هو أوضح أشكال التعاون بيننا، وأكثرها نفعاً للمجلس كمنظمة أمن إقليمية.
فمن ضمن ما أنجز أن هناك اتفاقية الدفاع المشترك «المنامة 2000»، والاستراتيجية الدفاعية «الكويت 2009». ومشروع الاتصالات المؤمنة «مسقـــط 1995» حيث شغل المشروع 2000. وتم تشغيل المرحلة الأولى من منظومة حزام التعاون بربط مراكز العمليات الجوية في 2001. واعتمد النظام الموحد لمد الحماية التأمينية للعسكريين الخليجيين في 2010. والاستفادة من العسكريين المتقاعدين في 2011. لكن أكثر ما يشاهده المواطن في البر والبحر والجو الخليجي هو التمارين لقوات درع الجزيرة المشتركة. وهي القوة التي أقر قيامها بالمنامة في 1982. وتطورت في 2006 لقوات مشتركة. وفي 2009 تم تعزيز درع الجزيرة بقوة تدخل سريع. كما أقر تشكيل قيادة مشتركة في 2012.
باغتني صديقي بسؤال موجع، وهو كيف ستقاتل قوات درع الجزيرة المشتركة بتناغم، وهي ليست فقط قوات برية وبحرية وجوية بل ومن 6 دول مختلفة. وفيها 20 نوعاً من الطائرات، و20 نوعاً من ناقلات الجند، بعضها من الغرب، وبعضها صناعة يوغوسلافية وروسية. كما إن هناك أنواع مختلفة من القطع البحرية، والكثير من المدافع والصواريخ الفرنسية والصينية والأمريكية، وفي كل معدة جهاز اتصال له موجة خاصة به؟!
لقد حاولت أن أقنعه أن في تنوع الأسلحة إثراء للجهد العسكري الخليجي، فلو توقف تصدير السلاح من الغرب لبقي لدينا سلاح من الشرق. والحقيقة هي أن القوات الخليجية قد خطت خطوات رائعة لخلق التكامل في الجهد القتالي، لكن تأخر صدور العقيدة القتالية الخليجية «Military Doctrine» يبقى أمراً غير مبرر في الوقت الذي صدرت فيه الاستراتيجية الدفاعية، وهي التي تحتاجها دول لها أدوار كبرى، وكذلك المنظمات الإقليمية مثل المجلس. وهي أعلى من ا?ستراتيجية العسكرية التي تتطرق إلى تفاصيل أدق ولازالت غير موجودة .
إن التعاون العسكري الخليجي بحاجة للعمل بسرعة لإنجاز العقيدة القتالية. وحتى لا تختلط المفاهيم نقول إن العقيدة القتالية دستور محدد يستخدمه القادة أثناء إدارتهم للمعارك، ويتضمن مذهباً قتالياً يشمل مبادئ وأساليب وتكتيكات يتم اتباعها لتدمير العدو. وتعد مواد المذهب القتالي قواعد حاسمة تصف كيفية الأداء تنظيماً وتدريباً وتسليحاً وإعداداً وقتالاً. وهي مُلزمة، لكن المواقف القتالية المختلفة هي الحكم الأساسي لاتباع أي من قواعد العقيدة. لذلك يجب أن تكون متنوعة بالقدر الذي يتيح لها أستيعاب المواقف المختلفة. ومحتويات العقيدة القتالية المطلوبة تعتمد على معرفة أنماط النزاعات التي قد تفرض علينا، ثم تعريف التهديدات والمهام الدفاعية والوسائل لوقفها، وتحديد التنظيم العسكري الذي نحتاجه بناء على ما نملك من سلاح. أو باختصار شديد هو «كيف تقاتل القوات بناء على ما تملك من سلاح؟».
فنحن حالياً لن نستطيع تبني العقيدة الغربية، وتنفيذ خطة «الصدمة والترويع» الأمريكية مثلاً لقلة الإمكانات. كما لا نستطيع اتباع الأيديولوجية القتالية الشرقية التي طبقها العراق، حين أغار علينا في الكويت، بتشكيلات الانسياق السريعة «Echelon Formations» التي مطلوب منها تحقيق الهدف دون النظر لحجم الخسائر. فنحن لا نستطيع ذلك لأن العقيدة القتالية التي تتبنى بعض دول الخليج مبادئها تحتم خروج الوحدة من القتال إذا فقدت 30% من قوتها.
إن العقيدة القتالية الخليجية المشتركة منظومة مفاهيم واجبة الإنجاز، ولعل من دواعي وضعها ونشرها قبل افتتاح مركز القيادة الخليجية الموحدة ما يلي:
- تغير وتيرة الوضع الجيوسياسي والعسكري حولنا بشكل متسارع.
- تطور طابع التهديدات الموجهة لأمن الخليج وارتباط الخارجي بالداخلي.
- ضرورة تحديد مهام القوات بناء على تسلحها.
- إن ما هو موجود من ترتيبات للعقيدة القتالية السائد حالياً في بعض دول المجلس غير قابل للحياة بمعزل عن فكر عسكري خليجي موحد، فهي لم تستجب لمتطلبات التحديات الأخيرة.
- إن إعلان صدور العقيدة القتالية الخليجية أمر مطلوب ولا محاذير حيال ذلك. بل يتم الإعلان عنها كما تم حيال الاستراتيجية، والقيادة المشتركة، وإبلاغ المواطن الخليجي بها، بل ودول الجوار حيث لا نحيك المؤامرات ضد أحد.
ولكوني مستشاره العسكري والصحراوي فقد شرحت لأبي خليل أن «أم المدافع» اسم أطلق على تلال شمال الكويت تجبر الماء خلال موسم الأمطار على الاندفاع بينها بشدة. والاسم معروف منذ الجاهلية. ويسجل تاريخ «أم المدافع» أنها شهدت أول اختراق حدودي عراقي للكويت، كما جاء في وثيقة مرسلة في11 مايو 1934 من الشيخ أحمد الجابر للمعتمد السياسي في الكويت الكولونيل دكسن. أما التعامل مع الثعلب فحسمناه بجرو صغير. كما لم يتردد «راع الحلال» في الاتصال بي رغم أنني الضيف لذبح الخروف الذي لم يعرف كيف يذبحه؟ لكني أمرته بالرحيل من مضاربه إكراما لإخواننا من جنود وضباط قوات درع الجزيرة، فرحل وهو يقول أهلاً وسهلاً بهم.