ما نفهمه من قراءة المشهد أن الدولة تظن أن هناك «خيراً» يمكن أن يأتي من وراء أناس سعوا لاختطاف البلد وإسقاط «النظام» الذي نصبوا لرموزه المشانق وهتفوا بترحيله وحتى قتل من يمثله والمدافعين عنه.
هذا الظن يدفع لسؤال المعنيين عن مسوغاته، يدفع لسؤالهم عما إذا كانوا قد سجلوا موقفاً علنياً واحداً اعترف فيه هؤلاء بمسؤوليتهم تجاه ما حصل في البحرين، بالتالي يمكن التعويل على مراجعة الحسابات والعودة للعمل من أجل هذا الوطن وكافة تلاوين شعبه.
الدولة اعترفت من جانبها بـ»أخطاء» حصلت في معالجتها لتداعيات عملية الانقلاب. الدولة أقامت حواراً للتوافق الوطني، ثم جاءت بلجنة دولية محايدة معترف بها على مستوى الأمم المتحدة والقوى العالمية لترصد ما حدث وتبين الأخطاء المرتكبة من كل الأطراف، سواء مفتعلي «الفعل» أو المتمثلين بـ»رد الفعل»، وقبلت الدولة على الفور ما جاء في التقرير ووضعته موضع التنفيذ وبدأت تنفذ توصياته.
في المقابل، لم يسجل موقف واحد أو تصريح واحد تنتقد فيه المعارضة الراديكالية نفسها فيه، أو أقلها تحمل بعضاً من جماهيرها مسؤولية تصرفات خاطئة سلكت منحى الإرهاب والعنف. حتى هذه اللحظة لا يوجد أ ي تحمل للمسؤولية، ولا يوجد أي اعتراف بخطأ واحد أقلها ارتكب من قبل هذه الجمعيات التي قدمت نفسها على أنها جمعيات «معصومة» عن الخطأ والزلل، وأنها هي «الصح» وكل من يخالفها «الباطل» يتمثل به من قمة رأسه لأخمص قدميه.
المعادلة تقول بأن الدولة هي التي تعرضت للاختطاف، شرعية النظام هي التي استهدفت، وكافة الشعب -حتى من انساقوا خلف داعي الانقلاب والمحشدين له- هم المتضررون في معيشتهم وفي أمنهم، ورغم ذلك فإن المبادرات التي تمت والإجراءات ودعوات المصالحة والتعايش صدرت من الطرف «المتضرر» في أساس القضية!
القبول بما خلص له تقرير بسيوني من قبل الدولة يعني التسليم بما جاء فيه من انتقاد لأداء بعض أجهزة الدولة وتأييداً لأخطاء إدارية سواء فردية أو جماعية وإعلان نية لتصحيح القصور.
التقرير اعترفت به الدولة كما هو، بينما الطرف المقابل الذي مازال يقود التحريض والتأزيم أخذ من التقرير ما يفيده وغيب ما يدينه، بل زاد على ذلك بابتكار حوادث ووقائع ليست موجودة أساساً في التقرير، وذلك لتسليمه بأن السواد الأعظم من الناس لن يقرأ تقريراً يفوق الخمسمائة صفحة ليتأكد من صحة معلومة ترد هنا أو هناك، بالتالي مجرد إلصاق جملة «ذكر تقرير بسيوني» يمنح الحديث والادعاء صفة «الحقيقة الصرفة».
للأسف، هناك من مازال يتعامل مع المشهد الحالي بطريقة تبين منح «صك البراءة» لمن مازال يكابر ويمارس تحريضه ويسعى في الأرض إرهاباً، دون أن يعترف هذا الأخير بـ»خرق» واحد للقانون، دون أن يعترف بخطأ واحد ارتكبه.
لديكم جماعات تصف نفسها بـ»المعارضة»، وتدعي أنها مع العدالة والإنسانية وحماية حقوق الإنسان، لكنها تتعامل مع الوضع وكأنها جماعات منزلة من «السماء» لا يصدر عنها الخطأ، ولا ترتكب هي بقياداتها وجموعها وحتى مراهقيها أي «زلل»، فكيف بالتالي يستقيم الميزان، وكيف بالتالي يأمل كثيرون بالأخص في جانب الدولة أن تتلاقى الأطراف «المتضادة» في الأهداف والقناعات على أرضية واحدة؟!
لم تخطئ الدولة حينما اعترفت بوجود الأخطاء، بل هذه شجاعة تحسب، وموقف مطلوب عبر تحمل المسؤولية بهدف وقف النزيف في هذا الوطن، لكنها لم توفق حينما قدمت مبادرات عديدة لجهات مازالت ترفض مجرد الاعتراف بمسؤوليتها فيما حدث، ترفض حتى بيان الحقيقة بأنها هي من أشعلت شرارة الفوضى في البلد.
من يعول على نتائج لأي حوار أو تفاوض أو حتى «اللعب السياسي» مع فئة لا تعترف بأخطائها وترى في نفسها العصمة المطلقة والآخرين هم المخطئون في كل شيء، فإن تعويله هذا إن أفضى لنتيجة إيجابية فسيكون ذلك بمثابة تحقق «المعجزة»، ويثبت بالتالي أنه بالفعل يمكن أن «يرى» البعض أشياء لا «يراها» البشر العاديون!
لست ممن يستميتون لاستنطاق «الوفاق» وأذيالها ومن يتخندق في نفس خندقهم الطائفي العنصري الانقلابي النفس، حتى يدينوا الإرهاب الذي هو صنيعتهم، أو ينكروا تبعيتهم للخارج ويلعنوا هذا الخارج، أو يعترفوا بأخطائهم ويتحملوا مسؤوليتهم، إذ شخصياً اقتنعت وغيري العشرات ومنذ زمن طويل بأنه من الاستحالة أن يعترف الإرهابي بإرهابه، ومن الاستحالة أن يعترف الطائفي بطائفيته، ومن الاستحالة أن يعترف السارق بالأخص سارق الوطن بسرقاته.
بالتالي لو تحمل كل طرف مسؤوليته، ولو اعترف كل طرف بأي خطأ صدر عنه، ولو ظل الجميع يقر بكل تقصير حصل حتى تقوم الساعة فلن تجدوا في المقابل منهم كلمة واحدة أو موقفاً واحداً يقرون فيه لا بإجرامهم تجاه هذا الوطن وأهله، بل بزلة واحدة من زلاتهم التي تهتز لها الجبال.
القول الشهير «الاعتراف بالذنب فضيلة»، يطبقه فقط من يمتلكون ضمائر حية تمكنهم من قول الحق على أنفسهم، لكن من هم على خلاف ذلك، من يرون الإرهاب والإجرام وقتل البشر ويهللون لذلك ويبيحونه ويبررون له، هؤلاء منطقهم يختلف، إذ بالنسبة لهم «الاعتراف بالذنب أكبر رذيلة»!
هم يطبقون معادلات «لكم دينكم ولي دين»، و»حسينيون ويزيديون» في السياسة والمذهب والتعامل مع الآخرين وكل شيء آخر، فأي «توافق وطني» نترقبه هنا؟!
هذا الظن يدفع لسؤال المعنيين عن مسوغاته، يدفع لسؤالهم عما إذا كانوا قد سجلوا موقفاً علنياً واحداً اعترف فيه هؤلاء بمسؤوليتهم تجاه ما حصل في البحرين، بالتالي يمكن التعويل على مراجعة الحسابات والعودة للعمل من أجل هذا الوطن وكافة تلاوين شعبه.
الدولة اعترفت من جانبها بـ»أخطاء» حصلت في معالجتها لتداعيات عملية الانقلاب. الدولة أقامت حواراً للتوافق الوطني، ثم جاءت بلجنة دولية محايدة معترف بها على مستوى الأمم المتحدة والقوى العالمية لترصد ما حدث وتبين الأخطاء المرتكبة من كل الأطراف، سواء مفتعلي «الفعل» أو المتمثلين بـ»رد الفعل»، وقبلت الدولة على الفور ما جاء في التقرير ووضعته موضع التنفيذ وبدأت تنفذ توصياته.
في المقابل، لم يسجل موقف واحد أو تصريح واحد تنتقد فيه المعارضة الراديكالية نفسها فيه، أو أقلها تحمل بعضاً من جماهيرها مسؤولية تصرفات خاطئة سلكت منحى الإرهاب والعنف. حتى هذه اللحظة لا يوجد أ ي تحمل للمسؤولية، ولا يوجد أي اعتراف بخطأ واحد أقلها ارتكب من قبل هذه الجمعيات التي قدمت نفسها على أنها جمعيات «معصومة» عن الخطأ والزلل، وأنها هي «الصح» وكل من يخالفها «الباطل» يتمثل به من قمة رأسه لأخمص قدميه.
المعادلة تقول بأن الدولة هي التي تعرضت للاختطاف، شرعية النظام هي التي استهدفت، وكافة الشعب -حتى من انساقوا خلف داعي الانقلاب والمحشدين له- هم المتضررون في معيشتهم وفي أمنهم، ورغم ذلك فإن المبادرات التي تمت والإجراءات ودعوات المصالحة والتعايش صدرت من الطرف «المتضرر» في أساس القضية!
القبول بما خلص له تقرير بسيوني من قبل الدولة يعني التسليم بما جاء فيه من انتقاد لأداء بعض أجهزة الدولة وتأييداً لأخطاء إدارية سواء فردية أو جماعية وإعلان نية لتصحيح القصور.
التقرير اعترفت به الدولة كما هو، بينما الطرف المقابل الذي مازال يقود التحريض والتأزيم أخذ من التقرير ما يفيده وغيب ما يدينه، بل زاد على ذلك بابتكار حوادث ووقائع ليست موجودة أساساً في التقرير، وذلك لتسليمه بأن السواد الأعظم من الناس لن يقرأ تقريراً يفوق الخمسمائة صفحة ليتأكد من صحة معلومة ترد هنا أو هناك، بالتالي مجرد إلصاق جملة «ذكر تقرير بسيوني» يمنح الحديث والادعاء صفة «الحقيقة الصرفة».
للأسف، هناك من مازال يتعامل مع المشهد الحالي بطريقة تبين منح «صك البراءة» لمن مازال يكابر ويمارس تحريضه ويسعى في الأرض إرهاباً، دون أن يعترف هذا الأخير بـ»خرق» واحد للقانون، دون أن يعترف بخطأ واحد ارتكبه.
لديكم جماعات تصف نفسها بـ»المعارضة»، وتدعي أنها مع العدالة والإنسانية وحماية حقوق الإنسان، لكنها تتعامل مع الوضع وكأنها جماعات منزلة من «السماء» لا يصدر عنها الخطأ، ولا ترتكب هي بقياداتها وجموعها وحتى مراهقيها أي «زلل»، فكيف بالتالي يستقيم الميزان، وكيف بالتالي يأمل كثيرون بالأخص في جانب الدولة أن تتلاقى الأطراف «المتضادة» في الأهداف والقناعات على أرضية واحدة؟!
لم تخطئ الدولة حينما اعترفت بوجود الأخطاء، بل هذه شجاعة تحسب، وموقف مطلوب عبر تحمل المسؤولية بهدف وقف النزيف في هذا الوطن، لكنها لم توفق حينما قدمت مبادرات عديدة لجهات مازالت ترفض مجرد الاعتراف بمسؤوليتها فيما حدث، ترفض حتى بيان الحقيقة بأنها هي من أشعلت شرارة الفوضى في البلد.
من يعول على نتائج لأي حوار أو تفاوض أو حتى «اللعب السياسي» مع فئة لا تعترف بأخطائها وترى في نفسها العصمة المطلقة والآخرين هم المخطئون في كل شيء، فإن تعويله هذا إن أفضى لنتيجة إيجابية فسيكون ذلك بمثابة تحقق «المعجزة»، ويثبت بالتالي أنه بالفعل يمكن أن «يرى» البعض أشياء لا «يراها» البشر العاديون!
لست ممن يستميتون لاستنطاق «الوفاق» وأذيالها ومن يتخندق في نفس خندقهم الطائفي العنصري الانقلابي النفس، حتى يدينوا الإرهاب الذي هو صنيعتهم، أو ينكروا تبعيتهم للخارج ويلعنوا هذا الخارج، أو يعترفوا بأخطائهم ويتحملوا مسؤوليتهم، إذ شخصياً اقتنعت وغيري العشرات ومنذ زمن طويل بأنه من الاستحالة أن يعترف الإرهابي بإرهابه، ومن الاستحالة أن يعترف الطائفي بطائفيته، ومن الاستحالة أن يعترف السارق بالأخص سارق الوطن بسرقاته.
بالتالي لو تحمل كل طرف مسؤوليته، ولو اعترف كل طرف بأي خطأ صدر عنه، ولو ظل الجميع يقر بكل تقصير حصل حتى تقوم الساعة فلن تجدوا في المقابل منهم كلمة واحدة أو موقفاً واحداً يقرون فيه لا بإجرامهم تجاه هذا الوطن وأهله، بل بزلة واحدة من زلاتهم التي تهتز لها الجبال.
القول الشهير «الاعتراف بالذنب فضيلة»، يطبقه فقط من يمتلكون ضمائر حية تمكنهم من قول الحق على أنفسهم، لكن من هم على خلاف ذلك، من يرون الإرهاب والإجرام وقتل البشر ويهللون لذلك ويبيحونه ويبررون له، هؤلاء منطقهم يختلف، إذ بالنسبة لهم «الاعتراف بالذنب أكبر رذيلة»!
هم يطبقون معادلات «لكم دينكم ولي دين»، و»حسينيون ويزيديون» في السياسة والمذهب والتعامل مع الآخرين وكل شيء آخر، فأي «توافق وطني» نترقبه هنا؟!