اليوم امتحان صعب لأعضاء مجلس النواب بطرح موازنة الدولة للعامين 2013-2014 للتصويت. ما يميز هذه الموازنة أنها تعد ضخمة مقارنة بسابقاتها، وأنها تعطلت كثيراً بسبب المماحكات التي تمت بين أعضاء السلطة التشريعية من جهة والحكومة من جهة أخرى. أما بالنسبة للشعب فإنها الموازنة التي وعدهم فيها النواب بزيادة جيدة لرواتب موظفي القطاع العام، ولكن يبدو أن المفاوضات النيابية - الحكومية لم تسفر عن توافق بشأن هذا الموضوع، الأمر الذي سبب استياءً شعبياً عارماً. اللافت في قضية الموازنة أنها كانت قائمة على الوعود النيابية؛ فالحكومة لم تقدم وعوداً بشأن زيادة الرواتب، خصوصاً أن آخر زيادة أقرّت للقطاع العام كانت في العام 2011، أي قبل سنتين من الآن، ولكن فجأة صار اللوم كله بشأن عدم تمرير الزيادة سببه الحكومة التي صار سائداً أنها قدمت «وعوداً» ثم تراجعت عنها، في حين أن الحقيقة تشير إلى أن النواب هم الذين قدموا مثل هذه الوعود، ولم يكونوا أهلاً لهذه المسؤولية فرموا اللوم على الحكومة بهدف تبرير مواقفهم، وأنهم مع التأييد الشعبي الواسع لزيادة الرواتب. في ما يتعلق بزيادة الرواتب، فإن الطرفين الحكومة والنواب فشلا في إقناع المواطنين بصعوبة الزيادة، ولم يقدموا تبريرات منطقية وأرقاماً دقيقة، وحتى تفسيرات لرفض بعض الحلول التي طرحت هنا وهناك. وبالتالي من الطبيعي أن يسود الاستياء العام تجاه تعاطي الحكومة والنواب مع قضية زيادة الرواتب. من المنطقي والمقبول جداً أن ترفض أي زيادة عامة في الرواتب، ولكن ليس منطقياً ومرفوض جداً ألا يكون هناك تبرير مقنع لعدم إقرار الزيادة. نتفهم جيداً الأزمة المالية التي يمر بها الاقتصاد البحريني، وهي أزمة تداعياتها مستمرة، وستظهر ملامحها بمرور الوقت بعد أن ضربت العديد من الشركات، لأننا لسنا ضمن تداعيات الأزمة المالية العالمية، وإنما لدينا أزمة سياسية تفاقم من الوضع الاقتصادي، وتخلق بيئة طاردة للاستثمارات الأجنبية في الدولة. وعدم إقرار الموازنة اليوم يفتح المجال أمام سيناريوهات عديدة، منها خلق أزمة سياسية بين النواب والحكومة في وقت ليست الدولة فيه بحاجة إلى أزمات أخرى بعد التي عصفت بها على مر العامين الماضيين. لذلك من واجب الحكومة بيان كافة التفاصيل للرأي العام وللنواب سبب الإصرار على رفض الزيادة العامة في الرواتب، خاصة وأن لديها مشروعاً طموحاً لإعادة هندسة الدعم الحكومي من الممكن أن تكون عوائده ونتائجه أكبر بكثير من زيادة لن تتجاوز 50 ديناراً للسواد الأعظم من المواطنين. ومن واجب النواب الكشف عن سبب إصرارهم زيادة الرواتب في ظل الأزمة الاقتصادية الراهنة، وبيان موقفهم بوضوح تجاه مشروع إعادة هندسة الدعم. فإذا كانت زيادة الرواتب ستخلق مشكلة سياسية، وستفاقم من الأزمة الاقتصادية الآن ومستقبلاً فإننا لسنا بحاجة إليها طبعاً.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90