لا نعلم إلى متى سينتهي طابور الانتظار في أروقة وزارة الإسكان، فالطلبات في ازدياد شديد والمشاريع الإسكانية المتقطعة تتحرك بصورة غير موازية للكم الهائل من تلك الطلبات.
ليست هذه وحدها مصيبة الإسكان؛ فالملف الإسكاني بات معقداً للغاية، حيث إن المشكلة تجر خلفها عربة مثقلة بالمشاكل الأخرى، وكل مشكلة أكبر من أختها، ومازال التلميع في الوزارة مستمراً مع الأسف الشديد.
50 ألف طلب إسكاني أو يزيد، هنالك من ينتظر أن يأتيه مناد ينادي من الإسكان لأكثر من عشرين عاماً، لكن وحي الإسكان يبدو نائماً، وهنالك آلية مشوهة وفاشلة تدعى”المناطقية”، توزع فيها الوحدات السكنية حسب المنطقة وليس حسب الأقدمية، وهذه من شرور مهازل وزارة الإسكان، فالذنب الوحيد الذي يجنيه قاطن المنامة أو مدينة عيسى مثلاً، أنه يقطن في منطقة ليس بها أراضٍ لبنــاء مشاريع إسكانيـــة عليهــــا، بينما هنالك من أصحاب بعض المناطق من حصل على منزل العمر بكل بساطة ويسر، رغم أن طلبه حديث جداً مقارنة بأصحاب الطلبات العتيقة المعتقة.
اليوم هنالك حديث عن تغيير هذه الآلية والاعتماد في توزيع الوحدات السكنية على الأقدمية، لكن ليس هنالك ما يثبت هذا الأمر، وحتى لو ثبت بالدليل القاطع، نتساءل مرة أخرى؛ ما هو ذنب من لم يحصل على وحدة سكنية بعد انتظار ممل تجاوز عمره الـ 20 عاماً؟
هذه فضائح إسكانية، بل هذه خروقات لا يمكن السكوت عليها. أما بالنسبة للمسؤولين المعتقين في وزارة الإسكان فعليهم أن يعلنوا فشلهم الذريع في إدارة هذا الملف الوطني، فيعتذروا للشعب عن الأضرار النفسية والاجتماعية والمادية البليغة التي تسببوا بها للمنتظرين، ومن ثم يستقيلوا استقالة جماعية، هذا أقل ما يمكن فعله.
جاءني قبل أشهر مواطن بحريني يدعى غازي شارحاً لي ظرفه الصعب، وكيف هي معاناته مع أفراد أسرته، حينها اقترح علي أن أذهب معه شخصياً إلى وزارة الإسكان لمعرفة صحة ما يدعيه، فأعددت العدة وذهبت معه لأكثر من مرة لمراقبة ما يمكن أن يطرأ على وضعه في وزارة الإسكان، وفي كل مرة يدخل مكتب ذلك المسؤول فيعطيه التطمينات ويطلب منه الصبر، كما صبر أولو العزم من الرسل، وفي كل مرة يكرر المسؤول ذات الأسطوانة المشروخة لأنه لا يملك الجرأة في أن يكون واضحاً مع المواطنين.
قدم غازي طلبه في العام 1994، وها هو اليوم مازال ينتظر أن يأذن الله له ولأفراد أسرته بالفرج، أما وزارة الإسكان فإنها لن يحركها مقال أو حتى صحيفة كاملة، ليس هذا فحسب؛ بل لن تسأل من هو غازي، والأيام بيننا!!.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}