كثرت في الآونة الأخيرة الشائعات بين الناس، خصوصاً في الأمور المتعلقة بالشأن السياسي والوضع المعيشي في البحرين، والتي تتداول في المجتمع بغية نشر الأكاذيب وشق الصف وإضعاف عزائم الناس وإلهائهم بمواضيع غير صحيحة. وكثيراً ما تترك هذه الشائعات آثاراً نفسية لدى الناس تجعلهم يعيشون في قلق دائم وحيرة وخوف. المشكلة تكمن عندما يتم دعم هذه الشائعة من قبل بعض القادة ورجال الدين والصفوة من المثقفين الذين يساعدون في نشرها بين الناس لأهداف شخصية أو حزبية أو طائفية، وأحياناً يكونون هم من يطلقها بغية أن يتبناها كل من يريد أن يصطاد في الماء العكر. وللأسف هناك أيضاً كتاب وأصحاب أقلام تحسبها أقلاماً محايدة وموضوعية، لكنهم يحملون على عاتقهم نشر الأخبار بلا تثبت أو تيقن من صحتها، وهذا ما يجعل القراء في إحباط دائم وخوف وتوجس من المستقبل أو ما هو آتٍ من مجهول.
المجتمع البحريني أصبح لا يتحمل أية شائعة أو خبر تشرخ فيه حياته من جديد بعد المؤامرة الكبرى على البحرين، فالنفوس لم تهدأ بعد ولم تلتئم الجراح، ولم ولن تكف أيدي العابثين في البلاد عن اللعب في مصائر الناس، فالمجتمع البحريني بتباين أفراده معرض للشائعات بشكل يومي بهدف زعزعة النظام والسخط على الحكومة وإضعافها. مع أن من المفترض أن نكون أقل عرضة لهذه الشائعات أو نقلها كون مجتمعنا مجتمعاً مسلماً ينهج تعاليمه من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ).
فالتبين من الخبر قبل نشره، سواء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال التجمعات في المجالس، تجعلنا نتحكم في الرأي العام المحلي إزاء قضية ما أو مشكلة من المشاكل التي تمس المصالح العامة، فأصحاب الاختصاص هم من يجب أن نرجع إليهم في حالة سماعنا لخبر يقلقنا ولا نعلم مدى صحته، فهم أدرى بهذه القضية وملابساتها، فمن غير المعقول أن يفتي أهل الاقتصاد بعلم الاجتماع أو بالعلوم السياسية أو العكس. فكم خبر انتشر في الفترة الأخيرة من دون وعي من الناس لمحتوى الخبر وإدراك بأن الخبر المشاع لا يمت للحقيقة بصلة، فالله ميزنا بالعقل؛ أي بالتدبر وتمحص الأمور بعقلانية وروية حتى لا يحدث ما لم تحمد عقباه، فليس في نشر الخبر الكاذب أي سبق؛ بل هو سبق لفتح أبواب الشر على مجتمع لا يتحمل أي صدمات، فعواقب الإشاعات أبرزها التفكك في المجتمع الواحد.
قد يقول البعض؛ لا يوجد دخان من غير نار، وهذه مقولة صحيحة، إلا أن المعلومة التي دخلت بما يسمى أجهزة التقوية جعلت من الخبر البسيط يخرج بحجم الفيل، قد تكون ندرة المعلومات حول قضية ما تجعل من الشائعة تكبر، لكننا على الكفة الأخرى مجتمع واعٍ ومتعلم، فلا تنطلي عليه أي خبر كان وحتى وإن كان عبر مواقع الاتصال الاجتماعي أو من بعض الصور التي نعلم كيف يمكن تزييف الحقائق بكل يسر.
لابد من مكافحة الشائعات التي من شأنها نشر الشكوك لمن حولنا وكل ما نقوم به، والتي تجعل منا أدوات سهلة لترويجها، مطلوب من الجميع التكاتف للحد من نشر الشائعات وأن تتعاون كل من الجهات المختصة والمؤسسات الأهلية من خلال التوعية، ومحاربة كل من يقوم بنشر الأخبار المضللة، أما بالنسبة للحكومة؛ فعليها أيضاً تزويد الناس بالمعلومات الكافية وأن تحاول الرد على بعض الشائعات بشكل مباشر أو غير مباشر، أما مسؤولية الفرد؛ فعليه مسؤولية كبرى وهي التأكد من الخبر قبل نشره والتأكد من صحته، وأن يتعامل مع الخبر بكل وعي وإدراك بأننا نعيش أياماً حرجة قد تهدم إشاعة باطلة الثقة بمن حولنا.. فرفقاً بنا.