في عصور مضت كان صراع القبائل العربية فيما بينها ينشط في الربيع، وكوفاء لتراث أجدادهم الحربي تزاحمت على جدول هذا الربيع مناورات عسكرية خليجية عدة. فقد نفّذت البحرية العمانية مناورتها «خنجر حاد»، في حين نفذت قوات سعودية مناورة «تبوك 3»، كما نفذت قوات بحرينية بمجموعة قتال تمرين تعبوي في منطقة النعيرية السعودية. إلا أن آلهة الحرب استيقظوا في 6 مايو الجاري في مياه الخليج العربي أيضاً، حيث تجري ومازالت مناورات «التمرين الدولي لكسح الألغام- IMCMEX-13» بمشاركة 41 بلداً تحت إشراف الأسطول الأمريكي الخامس، وستستمر حتى 30 مايو مما يجعلها أكبر مناورة يشهدها الخليج في تاريخه. لكن الجدير بالملاحظة هو بدء مناورات بحرية إيرانية بعد بداية المناورة الغربية بيوم واحد. فما جدوى كلتا المناورتين؟ وهل سنشعر بالأمن جراء تنفيذها!
- لا أعلم كيف يريدنا الأميرال جون. ميلر قائد الأسطول الأمريكي الخامس أن نشعر بالأمن وهو يخفي كل شيء عن المناورة؟ فكيف تفهم كتاباً وأنت لم تقرأ إلا صفحة الغلاف الأخيرة! فهناك تكتم إعلامي كبير حول المناورة، على عكس المناورة الإيرانية التي يرافقها ضجيج إعلامي كبير. فقد ذكر الأميرال عدد الدول المشاركة ولم يعلن أسماءها. لكننا نعرف أنها تنفذ من قبل قوات الواجب المشتركة «CTF152» مما يعني أن للقوات البحرية لدول مجلس التعاون دوراً فيها. فقد سبق أن قادت البحرين هذا التجمع البحري عام 2008م تبعتها الإمارات ثم الكويت.
- لقد تعودنا حين نقرأ عن وصول حاملة طائرات أمريكية قرب كوريا الجنوبية أن هناك أزمة في الأفق، أو تهديد جاد من بيونغ يانغ تجاه سيئول. فما الخطر الداهم الذي يلوح في أفق الخليج حتى نرى هذه الأرمادا الغربية! طالما يتفق الطرفان أن المناورة تمس أمن الخليج وهي تتم لفرض استقرار المنطقة لكن من نظرتين متناقضتين. حيث يقول قائد القوة البحرية في إيران الأدميرال حبيب الله سياري متسائلاً: هل من المقرر أن يزعزع أحد أمن المنطقة لإجراء مثل هذه المناورة؟ ويؤكد أن تواجد الدول الأجنبية هو الذي يزعزع الأمن. بينما يرى الأمريكان أن المناورة تهدف لفرض الأمن البحري في الخليج، فهي فرصة لتعزيز القدرات البحرية الدولية للحفاظ على حرية الإبحار في المياه الدولية. فهل صدقت إيران أنها جزء من دعايات التخويف «إيران فوبيا» التي يبثها الغرب! وإن كان غير صحيح فلماذا تقوم بهذه المناورات مادام لا خطر داهم في الأفق!
- لا نعلم متى اتفق الطرفان على أن تكون كلتا المناورتين تخصصية في زراعة الألغام وإزالتها، حيث يعقدها الفريق الغربي أمام المياه الإقليمية البحرينية، وتعقدها طهران في شرق مضيق هرمز في بحر عُمان، أم أن ذلك كان مصادفة غريبة!
- أعلنت مصادر غربية أنه سيتم خلال المناورة ولأول مرة تجربة 18 غواصة غير مأهولة «بدون أطقم بشرية» لكسح الألغام معظمها بريطاني الصنع. فيما أعلن الجانب الإيراني -في مصادفة غريبة أخرى- عن أنه سيتم في نفس الوقت تدشين كاسحة ألغام بحرية إيرانية الصنع.
لقد أصبحت دول الخليج -سواء بهذه المناورة أم بغيرها- عدواً لطهران بأثر رجعي. حتى إنه من الصعوبة الإمساك برأس التعاون المناوئ لإيران لأنه تميز بالكثافة، والحركية، وتسارع الأحداث. لكن المؤكد أن الغرب زاد من حنق طهران علينا، فيما يقوم هو بالمناورة لأسباب منها:
- حرب المناورات عامل ردع، واستعراض للقوة وهي ورقة ضمن ما في يد الغرب من أوراق لتفكيك طموح طهران النووي.
- المناورة رسالة لطهران بأنها ليست اللاعب القوي عسكرياً القادر على الدخول والخروج في الأزمات الإقليمية كما تشاء.
- المناورة تصريح غربي مبطن لإيران مضمونه «إذا كانت هناك 41 دولة مستعدة للمجيء إلى هنا والمشاركة في التدريب فتخيلوا مدى فعالية رد الفعل العالمي تجاه الألغام إذا وضع أحد ألغاماً في المياه».
- تظهر المناورة قلق غربي من ردود فعل إيرانية على سقوط محتمل للنظام في سوريا، كما إنها رسائل تحذير لمن سيخوض الانتخابات الرئاسية في طهران الشهر القادم.
- المناورة رسالة بتعهد 41 دولة لطمأنة الدول الخليجية مفادها أن مناطق النفط ستبقى آمنة رغم غليان الجوار الإقليمي، وذلك هو الجانب المضيء الوحيد بالمناورة.
بقي أن نشير إلى أن المناورة الإيرانية لم تكن موجودة على الجدول المعلن لمناورات الجيش الإيراني، ويبدو أن الهدف منها رصد التحركات بالمنطقة، ومراقبة ما يجري عن قرب. كما إنها استعراض للقوة الإيرانية. وقد أتت المناورة الغربية كهدية نزلت على نظام الملالي من السماء. فقد كان على الغرب أن يكون أكثر حصافة ويؤجل المناورة لما بعد الانتخابات حتى لا تكون كسباً في رصيد نظام طهران، ويدعم هذا التحليل تصريح الأدميرال سياري الذي قال: «تركت التحركات البحرية الإيرانية أصداء جيدة حيث تعرف الشعب على قدرات القوة البحرية لإيران».
إن المناورات التي تنفذها دول مجلس التعاون تتم لتحقيق هدف تدريبي واضح، فقد اعتدنا أن نبعث رسائلنا عبر الدبلوماسية لا المناورات. أما مأساوية اللحظة الراهنة فتكمن في أننا نسلك طريق تدهور درامي في العلاقات الإقليمية جراء ارتفاع وتيرة المناورات الغربية والإيرانية على حد سواء. حيث يغمرنا شعور بالسفه يدعو إلى الندم حين نجد أننا ننقاد لمنحى تعبوي جراء مأزق جديد يسمى حرب المناورات.
- لا أعلم كيف يريدنا الأميرال جون. ميلر قائد الأسطول الأمريكي الخامس أن نشعر بالأمن وهو يخفي كل شيء عن المناورة؟ فكيف تفهم كتاباً وأنت لم تقرأ إلا صفحة الغلاف الأخيرة! فهناك تكتم إعلامي كبير حول المناورة، على عكس المناورة الإيرانية التي يرافقها ضجيج إعلامي كبير. فقد ذكر الأميرال عدد الدول المشاركة ولم يعلن أسماءها. لكننا نعرف أنها تنفذ من قبل قوات الواجب المشتركة «CTF152» مما يعني أن للقوات البحرية لدول مجلس التعاون دوراً فيها. فقد سبق أن قادت البحرين هذا التجمع البحري عام 2008م تبعتها الإمارات ثم الكويت.
- لقد تعودنا حين نقرأ عن وصول حاملة طائرات أمريكية قرب كوريا الجنوبية أن هناك أزمة في الأفق، أو تهديد جاد من بيونغ يانغ تجاه سيئول. فما الخطر الداهم الذي يلوح في أفق الخليج حتى نرى هذه الأرمادا الغربية! طالما يتفق الطرفان أن المناورة تمس أمن الخليج وهي تتم لفرض استقرار المنطقة لكن من نظرتين متناقضتين. حيث يقول قائد القوة البحرية في إيران الأدميرال حبيب الله سياري متسائلاً: هل من المقرر أن يزعزع أحد أمن المنطقة لإجراء مثل هذه المناورة؟ ويؤكد أن تواجد الدول الأجنبية هو الذي يزعزع الأمن. بينما يرى الأمريكان أن المناورة تهدف لفرض الأمن البحري في الخليج، فهي فرصة لتعزيز القدرات البحرية الدولية للحفاظ على حرية الإبحار في المياه الدولية. فهل صدقت إيران أنها جزء من دعايات التخويف «إيران فوبيا» التي يبثها الغرب! وإن كان غير صحيح فلماذا تقوم بهذه المناورات مادام لا خطر داهم في الأفق!
- لا نعلم متى اتفق الطرفان على أن تكون كلتا المناورتين تخصصية في زراعة الألغام وإزالتها، حيث يعقدها الفريق الغربي أمام المياه الإقليمية البحرينية، وتعقدها طهران في شرق مضيق هرمز في بحر عُمان، أم أن ذلك كان مصادفة غريبة!
- أعلنت مصادر غربية أنه سيتم خلال المناورة ولأول مرة تجربة 18 غواصة غير مأهولة «بدون أطقم بشرية» لكسح الألغام معظمها بريطاني الصنع. فيما أعلن الجانب الإيراني -في مصادفة غريبة أخرى- عن أنه سيتم في نفس الوقت تدشين كاسحة ألغام بحرية إيرانية الصنع.
لقد أصبحت دول الخليج -سواء بهذه المناورة أم بغيرها- عدواً لطهران بأثر رجعي. حتى إنه من الصعوبة الإمساك برأس التعاون المناوئ لإيران لأنه تميز بالكثافة، والحركية، وتسارع الأحداث. لكن المؤكد أن الغرب زاد من حنق طهران علينا، فيما يقوم هو بالمناورة لأسباب منها:
- حرب المناورات عامل ردع، واستعراض للقوة وهي ورقة ضمن ما في يد الغرب من أوراق لتفكيك طموح طهران النووي.
- المناورة رسالة لطهران بأنها ليست اللاعب القوي عسكرياً القادر على الدخول والخروج في الأزمات الإقليمية كما تشاء.
- المناورة تصريح غربي مبطن لإيران مضمونه «إذا كانت هناك 41 دولة مستعدة للمجيء إلى هنا والمشاركة في التدريب فتخيلوا مدى فعالية رد الفعل العالمي تجاه الألغام إذا وضع أحد ألغاماً في المياه».
- تظهر المناورة قلق غربي من ردود فعل إيرانية على سقوط محتمل للنظام في سوريا، كما إنها رسائل تحذير لمن سيخوض الانتخابات الرئاسية في طهران الشهر القادم.
- المناورة رسالة بتعهد 41 دولة لطمأنة الدول الخليجية مفادها أن مناطق النفط ستبقى آمنة رغم غليان الجوار الإقليمي، وذلك هو الجانب المضيء الوحيد بالمناورة.
بقي أن نشير إلى أن المناورة الإيرانية لم تكن موجودة على الجدول المعلن لمناورات الجيش الإيراني، ويبدو أن الهدف منها رصد التحركات بالمنطقة، ومراقبة ما يجري عن قرب. كما إنها استعراض للقوة الإيرانية. وقد أتت المناورة الغربية كهدية نزلت على نظام الملالي من السماء. فقد كان على الغرب أن يكون أكثر حصافة ويؤجل المناورة لما بعد الانتخابات حتى لا تكون كسباً في رصيد نظام طهران، ويدعم هذا التحليل تصريح الأدميرال سياري الذي قال: «تركت التحركات البحرية الإيرانية أصداء جيدة حيث تعرف الشعب على قدرات القوة البحرية لإيران».
إن المناورات التي تنفذها دول مجلس التعاون تتم لتحقيق هدف تدريبي واضح، فقد اعتدنا أن نبعث رسائلنا عبر الدبلوماسية لا المناورات. أما مأساوية اللحظة الراهنة فتكمن في أننا نسلك طريق تدهور درامي في العلاقات الإقليمية جراء ارتفاع وتيرة المناورات الغربية والإيرانية على حد سواء. حيث يغمرنا شعور بالسفه يدعو إلى الندم حين نجد أننا ننقاد لمنحى تعبوي جراء مأزق جديد يسمى حرب المناورات.