أنت إنسان رائع وأنت فتاة متميزة وأنت رجل عظيم وأنت إنسانة قي قمة الجمال والبهاء.أنا، أنتم، كلنا خلقنا رائعين، ولكن تربية البيت حسب عقلية الوالدين، تربية المدارس حسب عقلية المدرّس، تربية الأصدقاء حسب ما حصلوا عليه من تجارب، تربية الإعلام حيث يقوده الوعي الناقص للتوجيه، والسيطرة على مشاعر وأفكار متابعيه. كل هذا بما يسمى التربية المكتسبة، هو ما يسيطر علينا بجبروته وقوته وإغراءاته، والمحظوظ هو من يكسر هذه السيطرة، ويعود إلى فطرته السليمة، إلى روحه الطاهرة قبل دخولها في بيت الجسد، وتدنسها بتخبطات تربية المجتمع. في الطفولة، كنت أعاني من قصر قامتي، فهناك من الأصدقاء من هم في مثل سني وكانت أحجامهم أطول مني، فكنت أرى نفسي ضئيلاً في الحجم أمامهم، مثل أحمد إسماعيل، وعبدالرحمن عبدالله محمد رفيع، وعفيف تقي وغيرهم، ولكنني أكثر شيطنة وجرأة وشراسة منهم، وعندما ابتعثت لدراسة المختبر البشري في بغداد أكتوبر عام 1968 كنت أسير مع محمد عبدالرسول الخياط «طويل القامة»، فكنا نشكل رقم عشرة، هو الواحد وأنا الصفر.وجاءت بعدها فترة أخرى، أسميها فترة النضج، حين كنت أسير مع الشاعر قاسم حداد، فكنا نشكل رقم عشرة أيضاً، في كل هذه الحالات التي مررت بها، لم أكن أتذمر من قصر قامتي.. وكنت آخذ كلمة الفتنة بمنظورها الإيجابي، وهو أنك تملك ما لا يملكه الآخرون، الجرأة، والقوة، والتحدي، والرغبة غير المحدودة بالعطاء والبذل، لذلك عليك تقوية ما تملك وتبحر في أيام عمرك. قبل عدة أيام توقفت أمام قصة جميلة حملها لي البريد الإلكتروني، تقول القصة: كانت هناك فتاة هي ابنة لأحد السائقين، تعلمت هذا الدرس بعد مرورها بتجربة قاسية. إذ كانت تتوق لتصبح مطربة، لكن وجهها كان سبب تعاستها للأسف! ففمها عريض وأسنانها بارزة بقبح. وعندما غنت أمام الجمهور لأول مرّة في نادٍ ليلي بنيو جرسي، حاولت أن تمطّ «تشد» شفتها العليا لإخفاء أسنانها البارزة، وحاولت أن تبدو جميلة بذلك، فما كانت النتيجة؟ صفر، جعلت نفسها تبدو سخيفة فشارفت على الفشل، إنها كاس ديلي «Cass Daley» وأسنانها البارزة.لكن كان هُناك رجل يستمع إلى غنائها، فلاحظ أنها ذات موهبة، فقال لها: «لقد كُنت أراقب أداءك، وعرفت ما الذي كنتِ تحاولين إخفاءه، أنت خجلت من أسنانك!». شعرت الفتاة بالحرج، لكن الرجل تابع حديثه قائلاً «فما الضير من ذلك؟ وهل هي جريمة إن كانت أسنانكِ بارزة؟ لا تحاولي إخفاءها! افتحي فمكِ وسيعجب بكِ الجمهور عندما يعرف أنكِ لستِ خجولة، هذا بالإضافة إلى أن أسنانكِ البارزة التي تحاولين إخفاءها لربما جلبت لكِ الحظ!».عملت كاس ديلي»Cass Daley» بنصيحته، ونسيت كل شيء بشأن أسنانها. ومنذ ذلك الحين، بدأت تفكِّر بجمهورها فقط، فكانت تفتح فمها وتغني بسرور حتى أصبحت من ألمع نجوم السينما والإذاعة ويحاول الآن ممثلو الكوميديا تقليدها!إن مثل هذه القصة، وغيرها من قصص التنمية الذاتية، تعلمنا أن شكلك ليس هو المهم، ولا لون شعرك أو قصر قامتك، إنما المهم هو ما تملكه خلف الجلد، الروح التي خلقك الله بها لتساهم في إعمار العالم. ولذلك أقول، انظر إلى نفسك، وكل من تتعامل معه في الدنيا، بمنظار الرؤية إلى ما نملك خلف جلودنا التي نتعامل بها في الحياة اليومية. كن نفسك تجد نفسك، وكن صوتك تجد صوتك. وتذكر قول الله سبحانه وتعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة).
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90