كما توقعت الجمعيات الست الآن «تلعب» لعبة التسويف والمماطلة واللف والدوران، بانتظار سقوط جثة حتى تضغط باتجاه فرض صيغتها، أو ربما تنتظر جنازة الشاب المنتظر دفنه، أو بانتظار برنامج «مهرجان مارس المولوتوفي»، فالجمعيات الست تريد جنازة كورقة تتاجر بها في الحوار، أو تنتظر أن يأتيها وحي من الخارج.. حتى تضغط به على جمعيات الائتلاف.أما قصة ممثل عن الملك لا ممثل عن الحكومة التي تراجعت بها الجمعيات الست عما توافقت عليه في الجلسات الأولى، فتلك مسرحية مكشوفة والكل يعرف أن ممثل الحكومة يعود للتشاور مع من عينه بأمر ملكي، مثلما هم يعودون لمن عينهم بفتوى دينية، وأياً من الجالسين في القاعة لا يملك قراره بنفسه وحتى جمعيات الائتلاف لابد أن تعود للتشاور مع جمعياتها، وأتحدى ممثل المنبر التقدمي الديمقراطي أن يجيب عن هذا السؤال علناً.. ماذا سيفعل في حال اختلف مع ممثل جمعية الوفاق حول البقاء أو الانسحاب من الحوار رأي من سيفرض نفسه؟ «ما اخترت هذا السؤال إلا لأن البحرين صغيرة وكل المناقشات الجانبية تتسرب!!».فقصة نحن أصحاب قرار والآخرون لا، هذه تضحكون بها على جماهيركم وقواعدكم.الزبدة.. نحن أمام صيغتين دستوريتين، الأولى هي ما توافق عليه شعب البحرين من خلال السلطة التأسيسية الأولى عام 1973، ثم ما توافق عليه شعب البحرين من خلال السلطة التأسيسية الثانية في ميثاق العمل الوطني وهي مرجعية أساسية، وصدر عنها دستور 2002 ثم جاءت تعديلات التوافق الوطني الأول عام 2012 لتخرج صيغة تمتلك مرجعياتها الشرعية، بل إن انتخابات 2002 و2006 و2010 التي قاربت نسبة الـ ?70 هي مرجعية شعبية لا يمكن تخطيها، شاركت فيها حتى الجمعيات الست وأشادت بإنجازاتها.هذه الصيغة الدستورية هي ما توافق عليه شعب البحرين ولابد من الدفاع عنها دفاعاً عن إرادة الشعب البحريني.الجمعيات الست وافقت على الميثاق حتى قبل أن تتشكل كجمعيات سياسية، ووافقت على الصيغة حين دخلت في الفصل التشريعي الثاني والثالث، وإن كانت موافقتها بتحفظ، إلا تلك المواقف لا يمكن أن تمحى بجرة قلم، مثلما هي خاضعة الآن لقانون الجمعيات الذي يستند إلى هذه الصيغة الدستورية التي تعيبها، وأعضاء كتلتها النيابية يستلمون مكافأة شهرية وفقاً لبنود هذه الصيغة الدستورية، فإن هي أرادت التغيير أو إضافة بنود، عليها أن تحترم هذه الصيغة وآليات تعديلها، وإلا لن يكون مقبولاً أن تؤمن ببعض الكتاب وتكفر ببعضه حسب هواها.الدفاع عن هذه الصيغة هو دفاع عن مرجعيتها الشعبية التي توافقت عليها، وتستند عليها بتفويض من سلطتها التأسيسية.ما تطرحه الجمعيات الست صيغة دستورية تنقل سلطة تعيين الوزراء من جلالة الملك إلى الأحزاب السياسية، فإن كانت لدينا تحفظات على سلطات جلالة الملك في معايير التعيين، فإن لدينا ألف أكثر منها في معايير المفاضلة لدى هذه الأحزاب السياسية، ولن نشتري سمكاً في الماء بوعود جربناها واختبرناها.الصيغة الدستورية التي تقترحها الجمعيات الست هي المحاصصة الحزبية، وأحزابنا أحزاب طائفية بامتياز، تأسيساً وتشكيلاً وعقيدة، والوفاق تحديداً مرجعيتها السياسية خارج حدود السيادة الوطنية في العراق ولبنان وإيران، فهل نقبل بصيغة توصلنا في النهاية إلى أن ننتظر الموافقة على التشكيل الوزاري من قم أو من النجف؟ وإلا يتعطل التشكيل!! كما يحدث في العراق وكما يحدث في لبنان.دفاعنا عن صيغتنا الدستورية هو دفاع يستند إلى واقع ملموس على الأرض، ولا يستند إلى فرضيات ترى الجمال في النص ولا تراه حين ينفذ، وتتحقق فيه الإرادة الشعبية على الورق أما حين تترجم عملياً فلا ترى الإرادة الشعبية لها موقعاً.دفاعنا ليس عن اختصاصات الملك ورغبتنا في التطوير وتوسيع قاعدة الإرادة الشعبية رغبة صادقة غير منقوصة، ولكننا نريد أن نهيئ لها الأرضية، فلا مدنية إلا بمجتمع مدني، الصيغة الحالية تحفظ التوازن الطائفي وتعكس التنوع السياسي بلا مغالبة، وسندافع عنها عن قناعة وإيمان بما ترجمته على الواقع مع احتفاظنا بموقفنا تجاه معايير التعيين، ففي الغرفة المعنية وفي السلطة التنفيذية، وإن أردنا توسيع القرار الشعبي فلا بأس إنما بالتوافق والحوار مع بقية أطياف المجتمع، وبمنح الوقت لإعادة مأسسة الأحزاب السياسية، أما وأحزابنا السياسية مثلما هي الحال الآن ترتهن لمرجعيات فقهية دينية، فإن صيغة الجمعيات الست لا تعطي بديلاً مطمئناً أبداً، فإننا سننقل سلطة مشتركة بين ملكية دستورية وبين الشعب، إلى سلطة ترسم دوائرها وتشكل سلطتها التنفيذية والتشريعية بناء على اقترابها أو ابتعادها عن صك «الإيمان».. هذا هو إعلان النهاية لمجتمع البحرين المتعايش طوال القرون السابقة.جمعيات الائتلاف تدافع عن الصيغة الأولى ووراءها شرعية السلطة التأسيسية الأولى والثانية، ووراءها مخرجات حوار التوافق الوطني، ووراءها شارع تستند إليه وقف معها في الفاتح ووقف معها في عراد، إنما تحتاج إلى أن تضع لها تصوراً لتواصل مكثف مع هذا الشارع خاصة هذه الأيام.نحن إذاً أمام صيغة دستورية مقابل صيغة دستورية أخرى تطرحها الجمعيات الست، ومن حق هذه الجمعيات أن تشرح صيغتها وتدافع عنها وتحاول إقناع شعب البحرين غير المتقنع بها عبر الحوار وعبر التعبير، لكن ليس من حقها أن تفرضها كصيغة على شعب البحرين، لا عبر التهديد بالإرهاب في الشارع ولا عبر التهديد بالتدويل و«المولوتوف» والتفجيرات وأدوات القتل، وقطع الطرق على شعب البحرين لن يرهبه ولن يجعله يتنازل عن حقه ويرضخ، بل بالعكس إنها تزيدنا اقتناعاً بخطورة الصيغة المقترحة، لأنها ستسلم رقابنا لأحزاب فرضتها علينا بالإرهاب والعنف.ورقة الأمن في الشارع سيبطل مفعولها من كل الأطراف حين تكون طاولة الحوار هي مكان الإقناع.أما زبدة الكلام فهل المرجعيات الفقهية قابلة بدخول الجمعيات الست للحوار؟ على الجمعيات الخمس التأكد أولاً!!. وهل جاءت الأوامر بوقف العنف أم بزيادة جرعته؟ على الجمعيات الخمس التأكد أولاً!!. وإن جاء أمر الانسحاب والجمعيات الخمس ترى أملاً في المواصلة فماذا سيكون قرارها؟! «آل صاحبة قرار آل».. يا عمي .... صلي على النبي!!.
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90