حباً في البحرين، لا بغضاً في أحد، نطلب من الجميع عدم تضييع فرصة الحوار، وعدم وضع العصا في عجلته

حينما سلمت الجمعيات السياسية الست المعروفة بـ «السداسي» والتي تتزعمها «الوفاق» في نهاية يناير الماضي لوزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة خطاباً موقعاً باسمها يتضمن رؤيتها للحوار، شددت على أن «ضمان أن يكون الحوار «جادّاً وناجحاً»، يتطلب أن «تكون السلطة طرفاً أساسياً فيه»».
نلاحظ هنا طلب المعارضة ضمن خطاب رسمي سلم للحكومة، هو أن تشارك السلطة في الحوار، ولم تقل أن يشارك الحكم في الحوار، وحتى لا يتسرع أحد، فيجيبنا أنها لربما كانت تعني بالسلطة الحكم وليس الحكومة، نذكر ببيان آخر نشر في موقع «الوفاق» بتاريخ 4 فبراير يوضح ما وصفته الجمعيات سابقاً في بيانها بالسلطة إذ جاء فيه «شددت قوى المعارضة على ضرورة أن يكون الطرف الممثل للحكومة في جولات الحوار طرفاً أساسياً يمتلك القرار تجنباً لأي مراوغة أو إبطاء أو تأجيل»، إذن هي ذكرت نصاً الحكومة، وبالتالي من الواضح أن ذلك لا يحتمل تأويلاً، ولا يحمل عدة وجوه!! فلا يمكن مثلاً أن تعني «الجمعيات الست» الحكم، وتكتب الحكومة، وهو ما فهمته جمعيات الائتلاف والدولة والصحافة والمراقبين والناس!!
كذلك من غير الوارد أن تكون جمعيات المعارضة في الاجتماع الأول والثاني لم تكتشف عدم وجود ممثل للحكم وإنما للحكومة في الحوار، واكتشفته بعد الخروج من الاجتماع الثالث، لذلك طرحته في الاجتماع الرابع!!
لكن الأكيد أن «المعارضة»، غيرت رأيها هكذا فجأة من مسألة الحوار برمتها أو أي شيء متعلق به، وخطر لها أن تضع شرطاً جديداً يعيق تقدمه!! وهي لها تاريخ حافل في موضوع تغيير المواقف في آخر اللحظات أو في أحنكها، ولنا في انسحابها من حوار التوافق الوطني عام 2011 مثال صارخ على ذلك، حيث امتنعت في البداية عن المشاركة فيه، ثم شاركت في آخر اللحظات قبل أن تنسحب منه بعد انطلاقه بوقت وجيز!!
لذلك أيها السادة في «السداسي» نطلب منكم أن تلتزموا بما طلبتموه أنتم لبدء هذا الحوار «أن يكون الحوار جادّاً وناجحاً»، نطلب منكم أن يكون هذا الحوار جاداً، كي يصبح ناجحاً، نطلب منكم أن تلتزموا بكلمتكم وتعهداتكم وما تتفقون عليه مع بقية المتحاورين، من جمعيات الائتلاف وممثلي الحكومة «السلطة»، كي يكون هذا الحوار مثمراً، نطلب منكم «ومن معكم»، أن تساهموا في إعادة بناء الثقة التي هي بصراحة شديدة مفقودة بين مختلف الأطراف، نطلب منكم صدق النوايا في الخروج بحلول وتوافقات، لأن التوافق يحتاج إلى نوايا صادقة، وتقديم مصلحة الوطن والناس قبل كل شيء، وقبل أي مكسب سياسي وفئوي، فبدون صدق النوايا وإعادة بناء الثقة لايمكن التوصل إلى أي تقدم أو إنجاز أو تحقيق أي توافق على بند من البنود، فما بالكم بكل البنود!!
نعلم تماماً أن جزءاً كبيراً من أزمة البحرين أو لنقل استمرارها واستمرار تداعياتها يعود لانعدام الثقة بين مختلف الأطراف، وأنتم بمواقفكم حتى الأخيرة منها، والتي واكبت بدء جلسات الحوار تزيدون ذلك، فمثلاً حينما امتنعتم عن إدانة العنف والتخريب وأعطيتموه المبرر، وحينما لم توقفوا تحشيد المنظمات الدولية والإساءة للبحرين في الخارج، بل زاد ذلك مع ذكرى الميثاق في 14 فبراير الجاري، وحينما تراجعتم أخيراً عن كلمتكم ومواقفكم، حيث كان من المفترض أن تكون الحكومة راعية للحوار مشرفة عليه، وليست مشاركة فيه، وبعد أن تم التجاوب مع رغبتكم ومطالبكم بمشاركة الحكومة في الحوار، رفعتم السقف إلى مشاركة الحكم!!
أليس هذا تغييراً في المواقف والكلمة يثير الريبة ويضع تساؤلات جديدة عن مدى جديتكم في الخروج من الأزمة، ويعرقل تقدم الحوار ويصعب الوصول إلى توافق، هذا التوافق الذي نعرف منذ الأساس أن الوصول إليه يتطلب عملاً وجهداً ووقتاً وتضحيات، وقبل كل شيء يحتاج إلى صدق النوايا، وإعادة زرع الثقة بين مكونات المجتمع وأطيافه.
شريط إخباري
نكرر، حباً في البحرين، لا بغضاً في أحد، نطلب من الجميع عدم تضييع فرصة الحوار، وعدم وضع العصا في عجلته، لأن ذلك لن يصب في مصلحة أي جهة، لا «السداسي»، ولا «السباعي»، ولا الجمعيات العشر، ولا العشرين، ونذكر، إما أن ننجح جميعاً في تخطي هذه الأزمة وبالحوار الذي لابديل عنه، وإلا فسيكتب التاريخ حين يسرد هذه الفترة العصيبة من تاريخ الوطن أنه «لم ينجح أحد» لا قدر الله.