ما سر زيارة «هاكون سميدسفيغ» السكرتير الأول لسفارة النرويج بأبوظبي لجمعية «الوفاق» في مقرها بالبلاد القديم؟ وبأي صفة يجتمع الدبلوماسي النرويجي مع أمينها العام في زيارة رسمية أعلن عنها في الصحف، والتقارير التي نقلت بيان هذه الزيارة، وكأنها زيارة لرئيس دولة ذكرت أنه «تناول هذا اللقاء الذي حضره المساعد السياسي للأمين العام لجمعية الوفاق، توضيحاً للتطورات السياسية والقضايا التي تهم الجانبين، وشرح الأمين العام للوفاق حاجة البحرين الملحة للديمقراطية لتحقيق استقرار طويل الأمد، معرباً عن شكره وتقديره لسميدسفيغ على الاهتمام بالبحرين، والحرص على تنمية العلاقات البحرينية النرويجية في كل المستويات)، أي علي سلمان أصبح بالنسبة للدبلوماسي النرويجي يمثل البحرين كدولة، حين يقول «نحرص عل تنمية العلاقات البحرينية والنرويجية في كل المستويات!!». هذا إذا كان الخبر دقيقا وغير مفبرك.
ونعود للتساؤل مرة أخرى، هل حصل هذا الدبلوماسي على موافقة من وزارة الخارجية الإماراتية، ووزارة الخارجية البحرينية قبل زيارته لـ «الوفاق»؟ وهل هي زيارة وساطة أم دعم للإرهاب الوفاقي بإيعاز من الجانب الإيراني الذي تربطه علاقات اقتصادية قوية مع النرويج في مجال النفط، بالإضافة إلى دعم النرويج لبرنامج إيران النووي؟! جميعها تساؤلات واستغراب عن العلاقات التي تربط «الوفاق» ليس بهذه السفارة فحسب، بل بالسفارات الأجنبية التي تعددت علاقتها معها داخل البحرين، وامتدت معها حتى في دول الخليج، مما يدل على أن بعض السفارات الأجنبية أصبحت ذراعاً مساعداً في المؤامرات الانقلابية ليس ضد البحرين فقط، بل ضد دول الخليج جميعها، وذلك حين تقوم مثل هذه الشخصيات الدبلوماسية بزيارة جمعية معارضة تتبع الولي الفقيه الإيراني، في الوقت الذي تطالب فيه تلك المعارضة بإسقاط الحكم في البحرين، والجميع يعلم الدعم الإيراني لـ «الوفاق»، الذي وصل إلى حد طلب طهران بإدراج الأوضاع في البحرين على جدول أعمال اجتماعات إيران ومجموع (5+1) بشأن البرنامج النووي، والذي يدل على أن شرط إيران لزيادة التعاون في المجال الاقتصادي والسياسي مع دول الغرب، أصبح مرهوناً بدعمهم للمعارضة الشيعية البحرينية، وأن يكون على العلن، وإلا ما هو التفسير لهذه الزيارات؟!
ولو افترضنا أن دبلوماسيا بحرينيا قام بزيارة أي حزب معارض أو جمعية معارضة في أي دولة غربية، هل ستسكت هذه الدول عن هذه الزيارة أو حتى لو كانت مكالمة على «الجوال»؟
طبعاً وقطعاً وبالتأكيد لن تسكت، بل ستقطع علاقاتها مع الدولة التي تتدخل في شؤونها، دون انتظار اعتذار ولا تبرير، وستطرد السفير، وقد لا تعطيه وقتاً لحزم حقائبه، ولكن هذا لن يحصل أبداً عندنا، لأننا نتعامل بحسن نية، وهو سبب البلية.
نعود إلى النرويج ونخوض قليلاً في الشأن السياسي النرويجي، ونتحدث عن المعارضة النرويجية، التي ذكرت التقارير أن «المعارضة النرويجية تتطلع لسياسة خارجية أكثر صرامة وتعزيزاً للجيش»، حيث قالت زعيمة حزب المعارضة الرئيس في النرويج أن «بلادها يجب أن تتشدد في سياستها الخارجية «المتساهلة» عادة، وأن تسد ثغرات مكافحة الإرهاب وتزيد الإنفاق العسكري».
ومن هنا نقول للسكرتير الأول للسفارة النرويجية بأبوظبي، إنه عندما كان الأمين العام لـ «الوفاق» في البرلمان، ومن أول جلسات البرلمان حتى آخرها، كان يطالب بتخفيض الإنفاق العسكري، كما عمد إلى إهدار هيبة الدولة أمام المجتمع الدولي، فهو يستنكر ويدين أي منع لوفد أو شخص يهدد أمن البحرين واستقرارها، في الوقت الذي تطالب فيه معارضتكم حكومتها بزيادة الإنفاق العسكري، وأن تتشدد وتكون أكثر صرامة في علاقاتها الخارجية، إن معارضتكم تطالب حكومتها بسد ثغرات مكافحة الإرهاب، في حين المعارضة في البحرين تطالب بفتح الأبواب للإرهابيين. في الوقت الذي فيه المعارضة النرويجية تستنكر على حكومتها الاعتراف بالحكومة الفلسطينية إذا قادتها «حماس»، مبررة هذا الاعتراف بقولها «الإرهابي إرهابي حتى إذا ارتدى حلة ودخل الحكومة»، كما وعدت المعارضة النرويجية في حال وصولها إلى الحكم بزيادة الإنفاق العسكري لضمان أن يكون لدى النرويج القدرة على الدفاع عن حدودها.
هذا هو الفرق بين المعارضة التي تدافع عن وطنها، والتي لا تجتمع بدبلوماسيين من سفارات أجنبية، ولا تتواصل مع دول أجنبية من أجل سلطة، وتعارض، من أجل دفع دولتها إلى الحفاظ على سيادتها وحماية حدودها، وبين المعارضة هنا التي تفتح السواحل، وتؤمن الطريق لدخول دولة عدوة للبحرين، تطمع في احتلالها، المعارضة هنا تتصل بالنرويج والغرب كي تحصل على دعم للإطاحة بالحكم، وإقامة دولة تابعة لإيران، وها هو علمها الأزرق الممتد على مساحة الحائط في مقر الوفاق الذي ظهر في صورة الاجتماع، يؤكد لك يا «هاكون هاكون سميدسفيغ» إنها معارضة لا تتبع البحرين.
ونعود ونسأل ما وراء هذه الزيارة؟ وكيف سكرتير أول بسفارة النرويج بأبوظبي يزور «الوفاق» في مقرها في بلاد القديم؟ نتمنى أن نجد تفسيراً لهذه الزيارة، من الجهات الرسمية المعنية.