بدأت إسرائيل فور «قيام دولتها»، علاقاتها مع تركيا في 1949، إذ تطورت علاقتهما - كما أسلفنا في المقال السابق - تطوراً كبيراً حتى بلغت أوجها في عام 1996. ومن ثم بدأت تلك العلاقة بالانحدار تدريجياً مروراً بالخلاف المحتدم بين رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، وبين رئيس إسرائيل التاسع والحالي شيمون بيريز، في «منتدى دافوس الاقتصادي» في سويسرا عام 2009، حول العدوان الإسرائيلي على فلسطين. ناهيك عن الأزمة بين البلدين حول «أسطول الحرية» في 2010 والتي تقدمت إسرائيل على إثرها بالاعتذار إلى تركيا مؤخراً بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية!!
كان تدهور العلاقات التركية مع إسرائيل ثمرةً للتغيرات في السياسة التركية إقليمياً وداخلياً، نظراً لوعيها بأن سياستها السابقة من شأنها الإضعاف من مقدراتها والدور الذي تمارسه بصفتها قوة إقليمية في الشرق الأوسط. وقد ترافقت تلك التغيرات مع تولي أردوغان رئاسة الحكومة في 2003، ما مكّن «حزب العدالة والتنمية» الذي يترأسه –أردوغان- من التغيير المنبثق من تلك الأفكار التي طرحها قبل عامين من ذلك أحمد داوود أوغلو في كتابه «العمق الإستراتيجي»، والتي اقتضت توظيف الموروث التاريخي والجغرافي لتركيا في سياستها الخارجية بما يؤمن الأمن القومي لديها، وذلك من أجل تحويل تركيا إلى بلد يملك ثقلاً دولياً، يمكنه ترسيخ الرؤية التركية للشرق الأوسط الجديد.
وهو ما يبرر تعيين أردوغان لأوغلو وزيراً للخارجية، بغية التحقيق العملي للرؤى التنظيرية التي قدمها في كتابه، بما يحقق المصالح التركية المنسجمة مع رؤية «حزب العدالة والتنمية».
تعمل تركيا في الآونة الأخيرة، وعبر حزمة من السياسات الجديدة غير المعهودة عليها، على إدارة صراعات المنطقة سلمياً، كما فعلت عندما هيأت أرضية النقاش والمباحثات حول المفاعل النووي الإيراني على أراضيها – كما أوردنا في المقال السابق - بما يحقق رؤيتها السياسية إزاء الشرق الأوسط ويحقق أهدافها الاقتصادية، لا سيما عبر موقعها الحالي في «مجموعة العشرين للاقتصادات الرئيسة في العالم».
ولربما كان الاقتصاد الهاجس الأعظم لتركيا، والذي ركزت عليه الجهود عبر أغلب سياساتها الخارجية في تاريخها مع إسرائيل وأمريكا منذ البداية، وبذلت من أجله الغالي والنفيس، وفقاً للرؤية «الهوبزية» التي رافقتها، والقائمة على الخوف، إلى جانب اعتمادها على منطق القوة المجردة لتحقيق كلمة الدولة الغالبة في الأرض، بمعزل عن منظومة القيم الخلقية والدينية والإنسانية.
جعل ذلك من تركيا في سعي دؤوب للقوة، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية، إذ تعود نشأة العلاقات التركية الأمريكية وتطورها لعام 1947 إلى استغلالها مشروع «هاري ترومان» – رئيس الولايات المتحدة الثالث والثلاثين- تحت عنوانه: «الأمن القومي الأمريكي»، والذي ركز على حصر الشيوعية في مناطقها، نحو تركيا واليونان. وقد اقتضى مشروع «ترومان» الدعم المادي الأمريكي لتركيا، والذي أُنفق –وقتذاك- في تقوية القوات المسلحة التركية وتنمية الاقتصاد التركي. فضلاً عن العلاقات مع إسرائيل، والتي أُبرمت على إثرها اتفاقيات التزود التركي بالأسلحة المتطورة الإسرائيلية.
وبذلك نجد تركيا قد أقامت «ارتباطاً معززاً» بين السياسة والاقتصاد، واضعةً الأول في خدمة الأخير. ولكن.. يمكننا القول: أن الاقتصاد الذي تسخر له تركيا كافة سياساتها، إنما لا يعدو –على الأرجح- على كونه تأمين وسيلة، لتحقيق غاية كامنة في الضمير التركي «جغرافية العثمنة» مجدداً!!
كان تدهور العلاقات التركية مع إسرائيل ثمرةً للتغيرات في السياسة التركية إقليمياً وداخلياً، نظراً لوعيها بأن سياستها السابقة من شأنها الإضعاف من مقدراتها والدور الذي تمارسه بصفتها قوة إقليمية في الشرق الأوسط. وقد ترافقت تلك التغيرات مع تولي أردوغان رئاسة الحكومة في 2003، ما مكّن «حزب العدالة والتنمية» الذي يترأسه –أردوغان- من التغيير المنبثق من تلك الأفكار التي طرحها قبل عامين من ذلك أحمد داوود أوغلو في كتابه «العمق الإستراتيجي»، والتي اقتضت توظيف الموروث التاريخي والجغرافي لتركيا في سياستها الخارجية بما يؤمن الأمن القومي لديها، وذلك من أجل تحويل تركيا إلى بلد يملك ثقلاً دولياً، يمكنه ترسيخ الرؤية التركية للشرق الأوسط الجديد.
وهو ما يبرر تعيين أردوغان لأوغلو وزيراً للخارجية، بغية التحقيق العملي للرؤى التنظيرية التي قدمها في كتابه، بما يحقق المصالح التركية المنسجمة مع رؤية «حزب العدالة والتنمية».
تعمل تركيا في الآونة الأخيرة، وعبر حزمة من السياسات الجديدة غير المعهودة عليها، على إدارة صراعات المنطقة سلمياً، كما فعلت عندما هيأت أرضية النقاش والمباحثات حول المفاعل النووي الإيراني على أراضيها – كما أوردنا في المقال السابق - بما يحقق رؤيتها السياسية إزاء الشرق الأوسط ويحقق أهدافها الاقتصادية، لا سيما عبر موقعها الحالي في «مجموعة العشرين للاقتصادات الرئيسة في العالم».
ولربما كان الاقتصاد الهاجس الأعظم لتركيا، والذي ركزت عليه الجهود عبر أغلب سياساتها الخارجية في تاريخها مع إسرائيل وأمريكا منذ البداية، وبذلت من أجله الغالي والنفيس، وفقاً للرؤية «الهوبزية» التي رافقتها، والقائمة على الخوف، إلى جانب اعتمادها على منطق القوة المجردة لتحقيق كلمة الدولة الغالبة في الأرض، بمعزل عن منظومة القيم الخلقية والدينية والإنسانية.
جعل ذلك من تركيا في سعي دؤوب للقوة، سواء كانت عسكرية أو اقتصادية، إذ تعود نشأة العلاقات التركية الأمريكية وتطورها لعام 1947 إلى استغلالها مشروع «هاري ترومان» – رئيس الولايات المتحدة الثالث والثلاثين- تحت عنوانه: «الأمن القومي الأمريكي»، والذي ركز على حصر الشيوعية في مناطقها، نحو تركيا واليونان. وقد اقتضى مشروع «ترومان» الدعم المادي الأمريكي لتركيا، والذي أُنفق –وقتذاك- في تقوية القوات المسلحة التركية وتنمية الاقتصاد التركي. فضلاً عن العلاقات مع إسرائيل، والتي أُبرمت على إثرها اتفاقيات التزود التركي بالأسلحة المتطورة الإسرائيلية.
وبذلك نجد تركيا قد أقامت «ارتباطاً معززاً» بين السياسة والاقتصاد، واضعةً الأول في خدمة الأخير. ولكن.. يمكننا القول: أن الاقتصاد الذي تسخر له تركيا كافة سياساتها، إنما لا يعدو –على الأرجح- على كونه تأمين وسيلة، لتحقيق غاية كامنة في الضمير التركي «جغرافية العثمنة» مجدداً!!