كلما حاول الصغار من الشباب أن يلهوا وينشغلوا بتعليمهم وبمستقبلهم، وكلما حاولوا شغل أوقات فراغهم باللعب والمرح، حتى يأتيك بعضهم من بعيد محاولاً إجبارهم بطريقة مباشرة وغير مباشرة للدخول في لعبة السياسة.
يُزعج هؤلاء أن يروا صغارنا يملؤون المدرجات الرياضية بتشجيع أنديتهم، بل على العكس من ذلك؛ فهم يرون أن توجه الشباب للملاعب واللعب وتفجير طاقاتهم في الجوانب الإيجابية يعتبر مخالفا للثقافة السياسية وربما الدينية، من هنا يبدؤون بشحن عقولهم بقضايا أكبر منهم بعشرات المرات، وبالتالي يكون الصغار وقود معركة الكبار.
يدفعون الشباب عبر تويتر وكل فضاءات الإعلام المفتوح، ومن خلال المساجد والساحات (هؤلاء النفر طبعاً هم من كل الطوائف) أن يقتحموا عالم السياسة، في الوقت الذي لا يستطيع هؤلاء الشباب من تعريف السياسة نفسها.
هنالك أشخاص من كل الأطراف لا يحبون للصغار أن يمارسوا طفولتهم، وإذا جاء من يحاول أن ينتقدهم، يتعاملون معه بطريقة شرسة للغاية، لأنهم لا يريدون من يهدم تجارتهم بالأطفال. هم يريدون أن يسحبوا أكبر قدر من الصغار لمعاركهم للاتجار بهم في كل محفل.
وجدت أحد أولئك الذين يقاتلون لنزول الأطفال لشوارع السياسة وميادينها في تويتر، وهو من أكثر الأشخاص المغردين حماسة في هذا الجانب، إذ يؤكد صاحبنا التويتري في كل تغريداته بأن الحل كل الحل يكمن في ضغط الصغار لا غير، وبأنهم وحدهم الذين يستطيعون بتضحياتهم وجهودهم أن يخلقوا حلاً سياسياً. حسناً، ولكن ماذا عن الكبار؟ بل ماذا عنك أنت؟ لماذا وفي كل المواجهات الساخنة في الشارع (نجدك ملطوعاً 24 ساعة) في تويتر؟ حتى إن بعضهم أجرى مسحاً مبدئياً لهؤلاء فوجدوا أن هؤلاء متواجدون على الموقع طيلة ساعات اليوم!!
إذاً ماذا عن قيامكم ودعواتكم للخروج إلى الشارع والمشاركة الفاعلة في المواجهات السياسية العنيفة التي تحدث كل يوم؟ لماذا تطلبون من غيركم الموت وأنتم جلوس فوق أسرتكم تصفقون لموت الصغار؟
بغض النظر عن مدى اختلافي الشديد ضد من يؤيد الخروج إلى الشارع للمواجهة العنيفة، إلا أنني أحترم الشخص الذي يقول فيفعل، وأكره الشخص الذي يحرض ويهرب، فالأول عمل بمبدئه، بغض الطرف عن عواقبه المدمرة، أما الثاني فهو الذي يَدفع الصغار للموت، وهو أحرص الناس على الحياة!.
ما أجمل أن ينتظم الصغار في المدرسة، وما أروع أن تمتلئ الصالات الرياضية بالمشجعين الصغار، وما أرقى أن نجد المجمعات التجارية والمقاهي العصرية وهي مليئة بالشباب، وما أسوأ أن نجد الكبار وهم يختبئون وراء كيبورداتهم الغبية ليموت من يموت من صغار اللعبة السياسية.
نصيحة أخيرة للجميع؛ لا تعلموا أبناءكم كره أصحاب المذاهب والطوائف ممن تختلفون معهم في العقيدة، ولا تدربوهم على الكراهية، فهذا وحده كافٍ لأن يشعل وطناً بأكمله، فاصحوا من نومكم قبل فوات الأوان.