مازالت صور نشرت سابقاً بالصحافة في مخيلتنا، صور اقتحام بيوت لما قيل إنها (خلية إرهابية) يقال إن لها صلة بالقاعدة، صور الأبواب وقد تم تفكيكها والأرض وقد حفرت، كان ذلك ما فعلته الدولة ضد تلك الخلية التي تمت محاكمتها بقانون الإرهاب، وهذا القانون لم يطبق إلا عليها في مفارقة غير مقبولة أبداً.
أي إنسان أو جهة من أي ملة ودين تنوي القيام بعمليات إرهابية يجب أن تحاكم بالقانون، لا نستثني أحداً من هنا أو هناك، أمن البحرين فوق الجميع.
لكن هل تطبق الدولة القانون على أناس دون آخرين؟
أكثر سؤال تم تداوله بعد محاولة الانقلاب؛ هل في هذا البلد قانون؟
غير أن أهل البحرين أصبحوا متهكمين كثيراً، فحين طرحنا ذات السؤال من هذا المنبر، جاء الجواب؛ نعم بالبلد قانون لكنه على أناس دون غيرهم، أما الجواب الآخر فكان؛ بالبلد قانون لكن المشكلة هي في التطبيق وليس في القانون، وأحسب أن الإجابتين صحيحتان.
ما إن شاهدت آلة الكذب الوفاقية وأتباعها تعمل باستماتة وكأن الأمر بترتيب مسبق في ما قيل عنه إنه تفتيش لبيت المواطن الحاصل على الجنسية عيسى قاسم، أدركت أننا بصدد حالة تشبه حالة (بنت توبلي التي قيل إن أفراداً من الشرطة اغتصبوها) ثم اتضح أنها سلسلة كذب مفضوح قميء وسافل ومنحط تتبعه الوفاق وأتباعها لتحقيق مآرب داخلية وخارجية، حالة كذب تشبه قصف الأباتشي والمسلسلات الإيرانية التي تعرفونها.
لم يعد أحد يصدق الوفاق وأتباعها، لكني أتوقف عند تصريحات خرجت من الداخلية ومن نواب وأحسب أن هناك شيئاً ما غير واضح لنا.
فقد قرأت تصريحات نواب وشوريين تقول إن بيت عيسى قاسم أصبح وكراً للإرهابيين، وهو يؤويهم كلما فعلوا جرماً وأرادوا الاختباء، فإن كانت هذه المعلومات صحيحة، فلماذا لم نسمعها من الداخلية؛ هل يعرف النواب أكثر من الداخلية؟
نعم نريد موقفاً من النواب، هذا مطلوب، لكن المطلوب أن تقول لنا وزارة الداخلية ماذا يجري في بيت عيسى قاسم؟
فإن كان يؤوي الإرهابيين؛ فأين أنتم كل هذه المدة، لماذا تعطلون القانون وتجعلون مواطنين عاديين فوقه، الجميع سواسية تحت القانون كان قاسم أو غيره، بيت عيسى قاسم أم بيت الدونت..!
إذا كان هناك إرهابيون يؤويهم قاسم فيجب أن يفتش بيته بالقانون، ويجب أن يحاكم بالقانون، هكذا يفترض، وإلا فإن الدولة هي التي توجد كانتونات إرهابية هنا وهناك ومناطق مغلقة يختبئ فيها الإرهابيون ويصنعون القنابل والأسلحة.
الوجع من البطن، الدولة هي التي أوجدت لنا المحرمات، بينما لا محرمات إلا محرمات الدين والقانون، وإلا فإن الجميع سواسية تحت القانون.
وإن كان قاسم فتح بيته حتى يكون الإرهابيون في مأمن (الظاهر يبغي يكرر مقولة أبي سفيان! والفرق واضح وكبير وشاسع مثل الحق والباطل!) فيجب أن يطبق القانون عليه وعلى أي شخص آخر.
بعد الحادثة مباشرة وصلتني رسالة من شخص يطلق على نفسه «بطل نهاوند»، وقد قال فيها أمور لا أعرف مدى صحتها، لكني أتفق معه في أن قاسم والوفاق شعروا أن هناك ركوداً في الإرهاب، فأرادوا أن يشعلوا الشارع بتلفيق قصص كاذبة، كان أولها تأليف قصص الاغتصاب، ثم جاءت قصة بيت عيسى قاسم الذي يراد له أن يكون فوق القانون (والدولة مع عميق الأسف تكرس ذلك).
حوادث إطلاق النار على رجال الأمن تكررت، هذه رسالة مفادها أن السلاح متوفر وسوف نستخدمه في الوقت المناسب، ويبدو أن الفاعل ذهب واختبأ في بيت قاسم.
ما قاله مقتدى الصدر، ونائب وزير الخارجية الإيرانية، وبعض المعتوهين بالكويت على خلفية تفتيش بيت قاسم، يجعلك تشعر أن هناك ترتيباً مسبقاً لهذا، مقتدى الصدر طالب بإغلاق سفارة البحرين في بغداد، ونحن كنا نطالب بذلك منذ فترة في بغداد وطهران، فقد كانت أياديهم في الانقلاب، ومن قال لكم إن السفارة لمصلحة أهل البحرين أصلاً، للأسف كانت إملاءات أمريكية..!
سفير طهران السابق بالبحرين، والذي تمت ترقيته لنائب وزير خارجية كمكافأة على دوره في البحرين، قال إن حكومة البحرين تخطت كل الخطوط الحمراء (وأنت شو دخلك في شأن داخلي)، لكن مع عميق الأسف فإن البحرين هي التي سمحت بذلك بتوددها لطهران، وهؤلاء لن يتغيروا مهما فعلتم، لكن من المهم أن يكون هناك موقف خليجي ومن الأمانة العامة لمجلس التعاون على تصريحات نائب وزير الخارجية الإيرانية.
المواطن الحاصل على الجنسية عيسى قاسم مثله مثل أي مواطن آخر يخضع للقانون ويمتثل له، وإن كان قد آوى الإرهابيين فتفتيش بيته ليس كافياً، بل يجب أن يحاكم بالقانون.
لا أعرف حتى الساعة ما هي الحقيقة؛ هل الداخلية فتشت بيت قاسم أم ذلك من كذب الوفاق؟ وإن كانت الداخلية قد فعلت بحسب القانون، فجيب أن تقولها صراحة؛ نعم فتشنا بيت المواطن الحاصل على الجنسية عيسى قاسم بحسب القانون ذلك أنه يؤوي الإرهابيين المجرمين في بيته، هذا لا يحتاج إلى مداراة أو مواربة.
إما إذا كانت الوفاق وأتباعها تكذب كما كذبت في حوادث تلفيقية كثيرة فيجب أن تحاسب بالقانون، فهذه أمور لا يجب التعامل معها بالصمت من قبل الداخلية.
الدولة خلقت كانتونات الإرهاب، هناك مناطق مغلقة لا يدخلها أحد، وهذا أكبر مقوض للأمن وأكبر داعم للإرهاب.
حين كانت المحرق في عشرينات القرن الماضي وخمسينياته وستينياته تخرج في تظاهرات من أجل البحرين وفلسطين، حيكت ضد المحرق خطط واستراتيجيات عانى منها أهلها حتى اليوم، ويكفي أن ترى أن بيوت العوائل الكريمة الأصيلة مهجورة ويسكنها الآسيويون.
الدولة تخطط لأناس دون غيرهم وتخشى أناساً (ليس منهم خوف) وتطلب ود الذين (يريدون كرسي الحكم) وتعطيهم ما يريدون وتقربهم وتغدق عليهم، مفارقة مؤلمة لأهل البحرين.
** رذاذ
من المؤلم لنا جميعاً أن نرى الأخ الفاضل مبارك بن حويل يحول للمحاكمة وهو الذي كرس نفسه لخدمة هذا الوطن وأهله وحكامه.
نجاحات مبارك بن حويل في مكافحة المخدرات يستحق عليها التكريم، هذا الرجل أعطته دول خليجية إغراءات للذهاب إليها وأخذ جنسيتها، إلا أنه رفض وبقي في البحرين، واليوم يحاكم محاكمات كيدية لا أساس لها من الصحة، كل ذلك من أجل الأخ بسيوني..!