الزوبعة المفتعلة بشأن زيادة الرواتب المقترحة ضمن مشروع الموازنة الجديدة للدولة تجاهلت تماماً موظفي القطاع الخاص؛ المواطنين الذين يبلغ عددهم نحو 82 ألف موظف، وركزت بشكل رئيس على موظفي القطاع العام فقط والذين لا يتجاوز عددهم 50 ألف موظف مواطن.
دائماً عندما يتم تحسين معيشة المواطنين بشكل مباشر من خلال الزيادات العامة في الرواتب فإنها تستهدف موظفي القطاع الحكومي، ويتم تجاهل الموظفين المواطنين في القطاع الخاص، رغم أن عدد هؤلاء أكبر بكثير من موظفي الحكومي، والجميع يستحق تحسين مستوى المعيشة باعتبارهم متساوين في الحقوق والواجبات وحقوق المواطنة بشكل عام.
وحتى عندما أثير الجدل الواسع بشأن زيادة الرواتب في القطاع الحكومي تجاهل النواب تماماً موظفي القطاع الخاص، مع أن الأرقام المقارنة تشير إلى عدم صحة أن رواتب المواطنين في القطاع الخاص أكبر بكثير من نظرائهم في القطاع العام.
جانب من إشكالية تحسين مستوى المعيشة أنها تركز دائماً على تحسين الرواتب بشكل مباشر ويتم تجاهل البدائل الأخرى التي يمكن أن تكون أكثر فائدة وتأثيراً من أجل تحقيق هدف تحسين مستوى المعيشة للجميع.
هناك العديد من البدائل المقترحة والتي مازالت حبيسة الأدراج وحان الوقت المناسب لتنفيذها لتشمل كافة المواطنين وليس موظفي القطاعين العام والخاص فقط؛ فهناك أسر لا يوجد لها معيل يعمل في هذين القطاعين، كما هو الحال بالنسبة للأسر التي تعيلها الأرامل، فهل يعني ذلك عدم أحقيتهم في الاستفادة من أي مشروع لتحسين مستوى المعيشة بسبب غياب العائل لهم الذي يعمل في أحد هذين القطاعين؟!
لسنا ضد زيادة الرواتب في القطاعين، لكننا ضد أي مشروع من شأنه أن يزيد من الفروقات المعيشية بين فئات المجتمع ويتجاهل فئة دون أخرى، وحان الوقت لطرح مشاريع مبتكرة تستهدف المواطن كمواطن مع وجود فرص كبيرة لتحسين المعيشة سواءً من خلال مشروع بطاقة التموين، كما هو معمول به في عدد من بلدان مجلس التعاون الخليجي، أو حتى من خلال مشروع إعادة هندسة الدعم الحكومي التي يستفيد منها المواطن والمقيم.
النموذج الذي اعتمدته الحكومة ولم يناقشه بجدية أعضاء السلطة التشريعية حتى الآن فيما يتعلق بآلية توجيه الدعم، حان الوقت لتحريكه وطرحه سريعاً، فجميع المواطنين يستحقون معيشة أفضل دائماً ولا يمكن المزايدة على هذا المطلب أبداً لاعتبارات سياسية أو انتخابية كما يحدث الآن.