أقر وزراء خارجية إحدى عشرة دولة في مجموعة أصدقاء سوريا بالدوحة خطة لتقديم مساعدات عسكرية نوعية للجيش السوري الحر من شأنها تحقيق التوازن على الأرض، ودفع بشار الأسد للاستجابة لجهود السلام، إلا أن المشاركين بمؤتمر الدوحة لم يعلنوا عن تفاصيل هذا الدعم!
الشيخ حمد بن جاسم، رئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها، قال بعد المؤتمر، إن الاجتماع اتخذ «قرارات سرية في كيفية التحرك العملي لتغيير الوضع على الأرض في سوريا»، والإشكالية مع «سرية» القرارات هذه أنها ترفع سقف التوقعات، وتمنح الأسد وحلفاءه الفرصة لتضليل الرأي العام، وتحديداً الموالي لهم، فمنذ اندلاع الثورة والأسد يحاول تكريس صورة طائفية عن الثورة، وهو ما نجح فيه للأسف ليس لدى البعض في سوريا، أو الطائفة الشيعية فقط، بل وحتى بدول الغرب التي ثارت على «جبهة النصرة»، مثلاً، بينما كانت ردود فعلها على تدخل إيران وحزب الله، واستخدام الأسلحة الكيماوية، باردة، بل ومستفزة.
والواضح الآن أن إيران والأسد، ومعهم الموالون لطهران بالعراق، قد استثمروا مطولاً إرهاب 11 سبتمبر (أيلول) في أميركا، وأجادوا في تكريس أن جميع السنة إرهابيون، وهذا ما يتضح اليوم بردود الفعل الغربية حيال جرائم الأسد وإيران وحزب الله في سوريا. وعليه، فمن الصعب تقبل فكرة «قرارات سرية» في معركة رأي عام تمس ديانات، وطوائف، وتيارات، متباينة، كما أن خطورة سرية القرارات هذه أنها ترفع سقف التوقعات، ومن دون بينة واضحة، وخصوصاً أن السوريين قد ملوا الوعود طوال العامين الماضيين، حيث كان الغرب، وتحديداً فرنسا وبريطانيا، يطلقون التصريح تلو الآخر من دون فعل شيء ملموس، بينما كانت شحنات الأسلحة الإيرانية والروسية ترسل بتزايد للأسد، حتى وصل الأمر لتدخل حزب الله علناً.
ما يجب أن يدركه أصدقاء سوريا، والمعارضة، أن المعركة ليست بالميدان فحسب، بل وفي الإعلام أيضاً، وهذا ما أدركه جيداً كل من إيران والأسد الذي يلتقط نظامه كل صغيرة وكبيرة للنيل من سمعة الثورة، وأبسط مثال قصة أكل قلب أحد جنود النظام، والتي لا نعلم مدى حقيقتها، وخصوصاً أن أكاذيب نظام الأسد لها أول وليس لها آخر، لكن رأينا كيف تحدث الرئيس الروسي عن تلك الحادثة، ومثله وزير خارجية إيران، والآن وبعد كل ذلك يخرج علينا مؤتمر الدوحة متحدثا عن «قرارات سرية»، وما سيحدث الآن هو أن نظام الأسد وإيران، ومعهم الروس، سيتولون القيام بشرح هذه القرارات السرية كيفما شاءوا، ويشوهون صورة أصدقاء سوريا، إعلامياً، ويستغلونها بعد ذلك دبلوماسياً، ثم يجد أصدقاء الشعب السوري أنفسهم في حالة دفاع ويخرجون مبررين، ونافين!
الحقيقة أن مدى، وفاعلية، الدعم المقرر للجيش الحر سيتضح من خلال ما يتم على الأرض، وهذا لن يكون سراً، لكن القلق هو من إعطاء الذرائع للأسد وحلفائه، لتشويه سمعة الثورة والثوار، وما علينا الآن إلا مراقبة كيف سيستغل الأسد وحلفاؤه عبارة «قرارات سرية»!

عن «الشرق الأوسط» الدولية