الوفاء لآبائنا وأجدادنا يحتم علينا أن نسدد الدين الذي قدموه لنا؛ بأن نرده كاملاً غير منقوص لأبنائنا وأحفادنا وأجيالنا القادمة. وكي يعيش أبناؤنا وأحفادنا بحرية وكرامة وفي حالة اكتفاء من الموارد والثروات الطبيعية والمياه والطاقة فلا بد من قرار خليجي على مستوى القيادات بحتمية الاستخدام الرشيد للطاقة والموارد الطبيعية ووقف استنزافها، ولا بد من خطة خليجية مشتركة وموحدة لكل ذلك.
عام 2002 أطلقت الأمم المتحدة ما يمكن اعتباره أخطر جرس انذار عالمي حيال ظاهرة استنزاف الموارد الطبيعية التي تهدد بانتشار الفقر في العالم، وحذر التقرير الذي صدر تحت عنوان (تقرير الكوكب الحي 2002) أن الاستنزاف الجائر لمصادر المياه والغابات والتربة الزراعية والاحياء المائية ومصادر الطاقة تهدد الكرة الأرضية بالزوال، وبحيث إنه خلال فترة تتراوح بين 100 ـ 150 عاماً يمكن أن يستنفد كوكب الأرض كل طاقاته وموارده وثرواته، وما هو أخطر من ذلك أيضاً؛ أي أسباب العيش وعوامل استمرار الحياة!
هذا الكلام ليس إنشائياً وليس أحاديث سياسة أو تسلية؛ بل هو نتائج علمية لدراسات وإحصائيات شاركت فيها أكثر من 70 جامعة عالمية ومركز بحث وعدد من كبريات المنظمات المتخصصة في الأمم المتحدة ورعاها (الصندوق العالمي للحياة البرية والموارد الطبيعية).
في الوقت الذي أشار التقرير فيه بأصابع الاتهام الى دول وشعوب بعينها لجهة الاستنزاف الجائر وغير الحصيف للموارد والثروات الطبيعية، وجاء على رأس قائمة المتهمين؛ الدول الغنية مثل الولايات المتحدة وكندا ومعظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ورابطة التجارة الحرة الأوروبية واليابان! فإن التقرير لاحظ أيضاً ما يمكن وصفه بظاهرة الاستنزاف والاستخدام الجائر للطاقة والمياه والموارد الطبيعية في منطقة الاسكوا على المستويين الرسمي والشعبي. وهي المنطقة التي رسمتها الأمم المتحدة كقطاع تنموي واحد يضاف إلى خمسة قطاعات تنموية تشمل العالم بأسره. وهي المنطقة الإقليمية التنموية التي تعنينا هنا، إذ تضم 17 بلداً عربياً في منطقة غربي آسيا. ومن المعطيات الخطيرة للغاية التي اشتملت عليها بيانات دول مجموعة الاسكوا، أن ارتفاع معدلات الاستهلاك والاستخدام الجائر للموارد الطبيعية تزيد بنسبة 30% عن قدرة هذه الموارد على التجدد، مما يعنى أن العام 2050 سيشهد احتياجاً عربياً إلى ثلاثة أضعاف الموارد المستهلكة حالياً للإيفاء بمطالب السكان.!
إن غياب ثقافة الاستهلاك الرشيد؛ بل التعامل المؤسسي الحكومي والبشري الرشيد مع كافة الموارد الطبيعية.. هو الوجه الآخر لثقافة الهدر، وحتى نضع النقاط على الحروف، كما يقولون، لتبيان مدى ما تعيشه المنطقة العربية عموماً والقطاع الخليجي على نحو خاص من هدر واستنزاف جائرين فتعالوا نطالع الأرقام والإحصائيات التالية:
- في دراسة للهيئة الاتحادية للكهرباء والماء في دولة الإمارات العربية أن معدل استهلاك الفرد الاماراتي من المياه يومياً يصل إلى 500 لتر، وهو ما يعادل 3 أضعاف استهلاك الفرد في دول الاتحاد الأوروبي.!
- تقدر شركة الاستشارات (بوز اند كومباني) استهلاك المياه في السعودية بحوالي 950 ـ 1100 مترا مكعبا للفرد كل عام مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 500 متر مكعب..! وحسب أرقام 2013 التي اصدرتها المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة فإن السعودية تحتل موقع أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم وبكمية تصل الى 1000 مليون متر مكعب من المياه، و1506 ملايين ميجاوات من الكهرباء في الساعة..!
- عام 2009، كانت منطقة الإسكوا تضم 627 726 مليون برميل نفط، أي 47% تقريبا من موارد النفط في العالم و48 790 مليار متر مكعب من موارد الغاز الطبيعي أي 26% من موارد الغاز الطبيعي في العالم.. غير أن سكان ما يزيد عن 35% من المناطق التابعة لنفس هذه المجموعة لا يزالون يفتقرون إلى الكهرباء ويعتمدون على الوقود غير التجاري لتلبية حاجاتهم من الطاقة..!
- في منطقة الاسكوا أيضاً، يتراوح نصيب الفرد من استهلاك النفط بين 102 كغم مكافئ نفط في السودان.. و9857 في الكويت! في حين بلغ المعدل العالمي 1175 كغم مكافئ نفط.. أي ان استهلاك الفرد في السودان يقل عن 10% من المعدل العالمي.. واستهلاك الفرد في الكويت يزيد عن 7 أضعاف المعدل العالمي..!
- يبلغ نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء 199 كيلوواط ساعة في السودان و17610 كيلوواط ساعة في الكويت.. ويبلغ معدل نصيب الفرد من الاستهلاك في منطقة الاسكوا 2274 كيلوواط ساعة.
إن مشكلة استنزاف الموارد الطبيعية ليست جديدة بالنسبة للتاريخ البشري. ولكن التاريخ أيضاً يقول لنا أنه حيثما كانت هذه المشكلة وافرة وحادة ومؤثرة فإن الناتج الطبيعي عنها هو الخراب والدمار وانحسار الدول والامبراطوريات بل اندثار الحضارات والشعوب أيضاً. وينقل لنا التاريخ عن حروب طاحنة اشعلتها الحاجة البشرية للمياه، وأخرى اشعلت نيرانها الحاجة للطعام.. عداك بالطبع عن الحروب والمعارك وإرهاصات حركة الاستعمار التي اشعلتها اطماع الدول والامبراطوريات والشعوب في ثروات وممتلكات وموارد شعوب وأمم أخرى. وحتى يومنا هذا فإن كثيرا من المحللين تتوقف اسبابهم لغزو العراق عند ثرواته النفطية وتتوقف تبريراتهم لمجمل حركة التاريخ المعاصر عند حالة العطش الشديد للنفط، والجوع المزمن لما تخبئه الأرض من ثروات. أما في الجوار الإفريقي والشامي فثمة نذرٌ مشؤومة لحروب مياه بدأت طبولها تقرع منذ الآن..
إن الشعور بالوفرة، هو شعور خادع بالتأكيد، بل هو نهج ساذج وغير حصيف بالمطلق، لأن الميزان الطبيعي للأشياء يقول لنا «إن كل شيء ينقص فإنه معرض للنفاد». إنها الحكمة السائدة، والسنة الكونية الطبيعية، التي اختزلها الشاعر الأندلسي أبوالبقاء الرندي حين يقول:
لكل شيءٍ إذا مـا تم نقصـان
فلا يغر بطيب العيش إنسـان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ
من سره زمن سـاءته أزمان
تسجل بلدان مجلس التعاون الخليجي أعلى معدل لنصيب الفرد من استهلاك الطاقة في العالم، وأعلى معدل لاستهلاك المياه. ولكن الأسوأ والأكثر خطورة أن تسجل المنطقة أعلى معدل استنزاف في التاريخ للموارد الطبيعية والحيوية وفي مقدمتها النفط والمياه، مع ما يرافق ذلك من ارتفاع في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري..! إنها وصفة أكيدة للكارثة، والمثير في الأمر اننا نتشارك جميعاً في كتابتها وتفعيلها وتنفيذ بنودها، ونفعل ذلك دون أن نتذكر اننا لا نملك هذه الموارد والثروات الطبيعية، بل نحن أمناء عليها، كما كان أجدادنا وآباؤنا.. ويفترض أن نسلمها لآبنائنا وأحفادنا من دون تقصير أو تبذير أو إسراف أو استنزاف..
وحتى نضع الامور في نصابها العادل.. فلا بد من الإشارة إلى أنه وكما إن المنطقة الخليجية تسجل أرقاماً وإحصائيات قياسية لجهة معدلات استهلاك واستنزاف الطاقة والموارد الطبيعية، فثمة أيضاً جهود وطنية وإقليمية للحد من هذه الأرقام، ولترشيد استهلاك الطاقة، وتوفير ثقافات وطنية تنحاز إلى التوفير والترشيد والاستعمال الحصيف للموارد والثروات الطبيعية.. غير أن هذه الجهود، وكما تشير إليه الأرقام الوطنية والإقليمية لا تتناسب مع كميات الهدر، ولم تتمكن بعد من مواجهة ثقافة الهدر، بل سياسات الهدر والاستنزاف السائدة.. وهو الأمر الذي يدفعنا ويدفع آخرين غيرنا من المهتمين بالمحافظة على الطاقة والموارد الطبيعية الى تعليق الجرس، بل قرعه وبشدة، من أجل اقتراح البرامج والخطط لتوطين سياسات وثقافات حصيفة وراشدة لجهة التعامل مع الطاقة والموارد الطبيعية والحد من استنزافها والتبذير في استخدامها، على المستويات الوطنية، وتصعيد ذلك الى المستوى الخليجي الموحد، والذي من شأنه ليس فقط المحافظة على هذه الموارد والرشد في استخدامها؛ بل تحقيق الاستدامة في إنتاج ومقاربة هذه الموارد واستخدامها بما يكفل إطالة عمر الموارد المتوفرة، وتوطين موارد بديلة. ويتراوح عمر احتياطي بعض هذه الموارد بين 7 سنوات في البحرين و 16 سنة في مصر، في حين يبلغ 127 سنة في قطر.. وهي أرقام مخيفة حتى مع أكثر القراءات تفاؤلاً..!
خبير دولي في الطاقة
عام 2002 أطلقت الأمم المتحدة ما يمكن اعتباره أخطر جرس انذار عالمي حيال ظاهرة استنزاف الموارد الطبيعية التي تهدد بانتشار الفقر في العالم، وحذر التقرير الذي صدر تحت عنوان (تقرير الكوكب الحي 2002) أن الاستنزاف الجائر لمصادر المياه والغابات والتربة الزراعية والاحياء المائية ومصادر الطاقة تهدد الكرة الأرضية بالزوال، وبحيث إنه خلال فترة تتراوح بين 100 ـ 150 عاماً يمكن أن يستنفد كوكب الأرض كل طاقاته وموارده وثرواته، وما هو أخطر من ذلك أيضاً؛ أي أسباب العيش وعوامل استمرار الحياة!
هذا الكلام ليس إنشائياً وليس أحاديث سياسة أو تسلية؛ بل هو نتائج علمية لدراسات وإحصائيات شاركت فيها أكثر من 70 جامعة عالمية ومركز بحث وعدد من كبريات المنظمات المتخصصة في الأمم المتحدة ورعاها (الصندوق العالمي للحياة البرية والموارد الطبيعية).
في الوقت الذي أشار التقرير فيه بأصابع الاتهام الى دول وشعوب بعينها لجهة الاستنزاف الجائر وغير الحصيف للموارد والثروات الطبيعية، وجاء على رأس قائمة المتهمين؛ الدول الغنية مثل الولايات المتحدة وكندا ومعظم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ورابطة التجارة الحرة الأوروبية واليابان! فإن التقرير لاحظ أيضاً ما يمكن وصفه بظاهرة الاستنزاف والاستخدام الجائر للطاقة والمياه والموارد الطبيعية في منطقة الاسكوا على المستويين الرسمي والشعبي. وهي المنطقة التي رسمتها الأمم المتحدة كقطاع تنموي واحد يضاف إلى خمسة قطاعات تنموية تشمل العالم بأسره. وهي المنطقة الإقليمية التنموية التي تعنينا هنا، إذ تضم 17 بلداً عربياً في منطقة غربي آسيا. ومن المعطيات الخطيرة للغاية التي اشتملت عليها بيانات دول مجموعة الاسكوا، أن ارتفاع معدلات الاستهلاك والاستخدام الجائر للموارد الطبيعية تزيد بنسبة 30% عن قدرة هذه الموارد على التجدد، مما يعنى أن العام 2050 سيشهد احتياجاً عربياً إلى ثلاثة أضعاف الموارد المستهلكة حالياً للإيفاء بمطالب السكان.!
إن غياب ثقافة الاستهلاك الرشيد؛ بل التعامل المؤسسي الحكومي والبشري الرشيد مع كافة الموارد الطبيعية.. هو الوجه الآخر لثقافة الهدر، وحتى نضع النقاط على الحروف، كما يقولون، لتبيان مدى ما تعيشه المنطقة العربية عموماً والقطاع الخليجي على نحو خاص من هدر واستنزاف جائرين فتعالوا نطالع الأرقام والإحصائيات التالية:
- في دراسة للهيئة الاتحادية للكهرباء والماء في دولة الإمارات العربية أن معدل استهلاك الفرد الاماراتي من المياه يومياً يصل إلى 500 لتر، وهو ما يعادل 3 أضعاف استهلاك الفرد في دول الاتحاد الأوروبي.!
- تقدر شركة الاستشارات (بوز اند كومباني) استهلاك المياه في السعودية بحوالي 950 ـ 1100 مترا مكعبا للفرد كل عام مقارنة بالمتوسط العالمي البالغ 500 متر مكعب..! وحسب أرقام 2013 التي اصدرتها المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة فإن السعودية تحتل موقع أكبر منتج للمياه المحلاة في العالم وبكمية تصل الى 1000 مليون متر مكعب من المياه، و1506 ملايين ميجاوات من الكهرباء في الساعة..!
- عام 2009، كانت منطقة الإسكوا تضم 627 726 مليون برميل نفط، أي 47% تقريبا من موارد النفط في العالم و48 790 مليار متر مكعب من موارد الغاز الطبيعي أي 26% من موارد الغاز الطبيعي في العالم.. غير أن سكان ما يزيد عن 35% من المناطق التابعة لنفس هذه المجموعة لا يزالون يفتقرون إلى الكهرباء ويعتمدون على الوقود غير التجاري لتلبية حاجاتهم من الطاقة..!
- في منطقة الاسكوا أيضاً، يتراوح نصيب الفرد من استهلاك النفط بين 102 كغم مكافئ نفط في السودان.. و9857 في الكويت! في حين بلغ المعدل العالمي 1175 كغم مكافئ نفط.. أي ان استهلاك الفرد في السودان يقل عن 10% من المعدل العالمي.. واستهلاك الفرد في الكويت يزيد عن 7 أضعاف المعدل العالمي..!
- يبلغ نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء 199 كيلوواط ساعة في السودان و17610 كيلوواط ساعة في الكويت.. ويبلغ معدل نصيب الفرد من الاستهلاك في منطقة الاسكوا 2274 كيلوواط ساعة.
إن مشكلة استنزاف الموارد الطبيعية ليست جديدة بالنسبة للتاريخ البشري. ولكن التاريخ أيضاً يقول لنا أنه حيثما كانت هذه المشكلة وافرة وحادة ومؤثرة فإن الناتج الطبيعي عنها هو الخراب والدمار وانحسار الدول والامبراطوريات بل اندثار الحضارات والشعوب أيضاً. وينقل لنا التاريخ عن حروب طاحنة اشعلتها الحاجة البشرية للمياه، وأخرى اشعلت نيرانها الحاجة للطعام.. عداك بالطبع عن الحروب والمعارك وإرهاصات حركة الاستعمار التي اشعلتها اطماع الدول والامبراطوريات والشعوب في ثروات وممتلكات وموارد شعوب وأمم أخرى. وحتى يومنا هذا فإن كثيرا من المحللين تتوقف اسبابهم لغزو العراق عند ثرواته النفطية وتتوقف تبريراتهم لمجمل حركة التاريخ المعاصر عند حالة العطش الشديد للنفط، والجوع المزمن لما تخبئه الأرض من ثروات. أما في الجوار الإفريقي والشامي فثمة نذرٌ مشؤومة لحروب مياه بدأت طبولها تقرع منذ الآن..
إن الشعور بالوفرة، هو شعور خادع بالتأكيد، بل هو نهج ساذج وغير حصيف بالمطلق، لأن الميزان الطبيعي للأشياء يقول لنا «إن كل شيء ينقص فإنه معرض للنفاد». إنها الحكمة السائدة، والسنة الكونية الطبيعية، التي اختزلها الشاعر الأندلسي أبوالبقاء الرندي حين يقول:
لكل شيءٍ إذا مـا تم نقصـان
فلا يغر بطيب العيش إنسـان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ
من سره زمن سـاءته أزمان
تسجل بلدان مجلس التعاون الخليجي أعلى معدل لنصيب الفرد من استهلاك الطاقة في العالم، وأعلى معدل لاستهلاك المياه. ولكن الأسوأ والأكثر خطورة أن تسجل المنطقة أعلى معدل استنزاف في التاريخ للموارد الطبيعية والحيوية وفي مقدمتها النفط والمياه، مع ما يرافق ذلك من ارتفاع في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري..! إنها وصفة أكيدة للكارثة، والمثير في الأمر اننا نتشارك جميعاً في كتابتها وتفعيلها وتنفيذ بنودها، ونفعل ذلك دون أن نتذكر اننا لا نملك هذه الموارد والثروات الطبيعية، بل نحن أمناء عليها، كما كان أجدادنا وآباؤنا.. ويفترض أن نسلمها لآبنائنا وأحفادنا من دون تقصير أو تبذير أو إسراف أو استنزاف..
وحتى نضع الامور في نصابها العادل.. فلا بد من الإشارة إلى أنه وكما إن المنطقة الخليجية تسجل أرقاماً وإحصائيات قياسية لجهة معدلات استهلاك واستنزاف الطاقة والموارد الطبيعية، فثمة أيضاً جهود وطنية وإقليمية للحد من هذه الأرقام، ولترشيد استهلاك الطاقة، وتوفير ثقافات وطنية تنحاز إلى التوفير والترشيد والاستعمال الحصيف للموارد والثروات الطبيعية.. غير أن هذه الجهود، وكما تشير إليه الأرقام الوطنية والإقليمية لا تتناسب مع كميات الهدر، ولم تتمكن بعد من مواجهة ثقافة الهدر، بل سياسات الهدر والاستنزاف السائدة.. وهو الأمر الذي يدفعنا ويدفع آخرين غيرنا من المهتمين بالمحافظة على الطاقة والموارد الطبيعية الى تعليق الجرس، بل قرعه وبشدة، من أجل اقتراح البرامج والخطط لتوطين سياسات وثقافات حصيفة وراشدة لجهة التعامل مع الطاقة والموارد الطبيعية والحد من استنزافها والتبذير في استخدامها، على المستويات الوطنية، وتصعيد ذلك الى المستوى الخليجي الموحد، والذي من شأنه ليس فقط المحافظة على هذه الموارد والرشد في استخدامها؛ بل تحقيق الاستدامة في إنتاج ومقاربة هذه الموارد واستخدامها بما يكفل إطالة عمر الموارد المتوفرة، وتوطين موارد بديلة. ويتراوح عمر احتياطي بعض هذه الموارد بين 7 سنوات في البحرين و 16 سنة في مصر، في حين يبلغ 127 سنة في قطر.. وهي أرقام مخيفة حتى مع أكثر القراءات تفاؤلاً..!
خبير دولي في الطاقة